المحكمةُ الدوليةُ أعلنت قرارها
وردة محمد الرميمة
أخيرًا خرجت عن صمتها، وفاجأت العالم، وصدعت بقرار يقضي باعتقال نتنياهو ووزيره غالانت، على إثر جرائم “إسرائيل” في حق الفلسطينيين.
قرارٌ يُعَدُّ المسار الأهم في تجسيد العدالة، التي قامت على أَسَاسها هذه المحكمة منذ أنشئت بموجب قانون الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو عام ١٩٤٥م لتكون الجهاز القضائي لها.
يأتي قرارها اليوم وإن تأخر كَثيرًا، إلَّا أنه أتى وهو قرار انتصرت به، لتقول للعالم إنه لا يوجد أحد فوق القانون الدولي.
لتقولَ منظمة العفو الدولية: إن نتنياهو بات مُلاحقًا رسميًّا بعد صدور مذكرة المحكمة الدولية لملاحقة مجرمي “إسرائيل”.
ومجدّدًا تأتي ردة الفعل الأمريكية المعارضة للقرارات الأمم المتحدة وتقف بكل وقاحة مع “إسرائيل” وتضرب بقرارات المحكمة الجنائية الدولية خلف الحائط، وهذه هي الازدواجية في المعايير التي تتخذها الحكومة الأمريكية.
سارع البيت الأبيض بقوله إن أمريكا ترفض بشكل قاطع لهذا القرار، وهذا بحد ذاته قرار قاطع على أن المحرك الرئيسي لهذه الحرب هو الأمريكي الذي ظل طوال حرب الإبادة يدعم “إسرائيل” بالسلاح والقرار؛ ولهذا استمر المجرم بنيامين نتنياهو في حربه على غزة حتى صدور القرار، كُـلّ هذا التمرد الصهيوني ما كان لولا الدور الأمريكي في الدعم.
جاء هذا القرار في الوقت الذي ما زالت القوات الإسرائيلية تستهدف المدنيين وتقتل النساء والأطفال وتدمّر المنازل، وتحرق مخيمات النازحين، وفى الوقت نفسه يموت العديد من المدنيين؛ بسَببِ الحصار والجوع والعطش داخل غزة؛ ولهذا كان لزامًا على الجانب الإنساني أن يعلن القرار بمحاكمة جميع المجرمين الذين انتهكوا هذه المجازر والاعتداءات المتكرّرة في غزة منذ عقود.
أما عن ردة الفعل الإسرائيلية فبكل تمرد هناك غضبٌ داخل الأحزاب الإسرائيلية، وإجماع صهيوني؛ مِن أجلِ إلغاء هذا القرار، حَيثُ تأتي تصريحاتهم معارضة للقرار الدولي وَتصفُ قرار المحكمة الدولية بالقرار المعادي للسامية، ووصفته بالقرار الإرهابي، واعتبرته مكافأة للإرهابيين، كما تصفهم.
هكذا عبَّرت القيادات السياسية الإسرائيلية عن رأيها بعد قرار المحكمة ووصف كُـلّ من يقف ضد مشروعهم الإجرامي بالإرهاب وقاموا بمهاجمة المدعي العام ووصفوا القرار الذي صدر بالمذكرات، بالمعادي للسامية، في الوقت الذي هم يذبحون الإنسانية أمام العالم!
وفي المقابل هناك العديد من الدُّول في العالم رحّبت بقرار المحكمة واعتبرته قرارَ العدالة التي نص عليها القانون الدولي في الأمم المتحدة. من بين تلك الدول جنوب إفريقيا التي كان لها الدور البارز في تقديم الدعوى الجنائية ضد العدوّ الصهيوني واليوم على العالم كله، وبالأخص الدول التي وقَّعت على الميثاق الدولي داخل المحكمة الدولية التي عدد أعضائها ١٢٠ دولة.
وعلى الحكومات العربية أن تقفَ مع هذا القرار وتأييده وتباركه؛ انتصارًا للقضية الفلسطينية التي تعتبر قضية أُمَّـة يحق لها أن تعيش بسلام وأمان وفق قانون حماية الإنسان وحماية حقوقه المشروعة.