بتوقيتِ نصرِ الله

إبراهيم محمد الهمداني

تكمن أهميّةُ دخول المقاومة الإسلامية في لبنان، على خط الإسناد لغزة، في كونها تلبيةً لنداء الواجب الديني والإنساني، وتجسيدًا لمبدأ الوَحدة الإسلامية، في إطار وَحدة القضية والمصير، بالإضافة إلى أنها أخذت بزمامِ المبادرة في المواجهة، ولم تنتظر وصولَ العدوّ الإسرائيلي إليها، وبذلك أسقطت خطَّتَه في ابتلاع كُـلّ فصيل على حدة، وقد حقّقت من خلال تدخلها الجريء، وضرباتها النوعية، الكثير من المكاسب الكبيرة، على المستويين الخاص والعام منها:-

– استهداف التكنولوجيا العسكرية، ووسائل الاتصال والتجسس، في المواقع والثكنات على طول الشريط الحدودي.

– تكبيد العدوّ الإسرائيلي وحلفائه، الخسائر الفادحة في عتاده وعديد جنوده.

– إفقاد الكيان الصهيوني الغاصب، الكثيرَ من عوامل قوته، ومقومات سيطرته.

– تصاعد وتيرة العمليات العسكرية، التي نفَّذها حزب الله، وُصُـولًا إلى عُمق الأراضي المحتلّة، سواء من حَيثُ الزخم الناري الكثيف، أَو من حَيثُ توسيع جغرافيا الأهداف.

– تفوّق المقاومة الإسلامية في لبنان، على الكيان الإسرائيلي المحتلّ، عسكريًّا واستخباريًّا، رغم فارقِ الإمْكَانات الهائل، في نوعية التسليح والدعم الغربي.

وبذلك نجحت في تثبيتِ معادلة جديدة للصراع، تنطلق من التأكيد على وحدة القضية والمصير، ووجوب القيام بالمسؤولية، الدينية والأخلاقية والإنسانية، مهما كانت التضحيات؛ لإسقاط مشروع “الشرق الأوسط الجديد” ميدانيًّا؛ ما جعل هزيمة الكيان الإسرائيلي أمرا متحقِّقًا، وتحولت جغرافيةُ المواجهة، إلى مقابر لجنود العدو ومرتزِقته وآلياته، ولم تتوقف عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، عند ذلك الحد المتقدم أَسَاسًا، بل توسعت على أكثر من جبهة، ووصل بنك أهدافها، إلى قلب جغرافيا كيان المحتلّين، مستهدفة أهدافًا عسكرية واقتصادية وسيادية، استراتيجية وحساسة جِـدًّا.

كان لصمود “حزب الله” أمام أعتى عدوان، وامتصاصه أقوى الضربات، الأثر الكبير في تحقيق صورة النصر المجيد، رغم هول التوحش الصهيوني، سواء التدمير والإبادة الجماعية، أَو القتل الجماعي، كما حدث في تفجيرات البيجر ووسائل الاتصال المدنية، بالإضافة إلى اغتيال واستهداف الكثير من جنوده ومنتسبيه، وقياداته في الصفَّين الأول والثاني، وُصُـولًا إلى قمة الهرم، واغتيال شهيد الإسلام والإنسانية، السيد حسن نصرالله، ورفيقه العظيم السيد الشهيد هاشم صفي الدين، ورغم ذلك حافظ الحزبُ على تماسكه، واستعاد قوته وجاهزيته، وأعاد ترتيبَ أوضاعه العسكرية بسرعة كبيرة، منطلقًا في توجيه أعنف الضربات النوعية في عمق الأراضي المحتلّة.

أخفق الكيان الغاصب، في استهداف الحاضنة الشعبيّة، للمقاومة في لبنان، ليجعلها تمارسُ نوعًا من الضغط على المقاومة، لإيقاف عملياتها ضده، كما فشل في فصل حزب الله سياسيًّا عن الحكومة اللبنانية، من خلال طرح مسار الدبلوماسية والتفاوض، للوصول إلى هُدنة مؤقتة، حاول استثمارَها في الترويج لنصر وهمي، لكن مؤشراتها أظهرت بجلاء، معاييرَ انتصار المقاومة وهزيمة الكيان الإسرائيلي النكراء، خَاصَّة وقد سقطت أهدافَ نتنياهو المعلَنة، بشأن قوة وحضور حزب الله، وكذلك فيما يخص إنشاء منطقة عسكرية أمنية عازلة، داخل الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى عجز نتنياهو، عن إعادة مئات آلاف المستوطنين، إلى المغتصبات المحاذية للجنوب اللبناني، حسب وعده السالف لهم، حتى بعد إعلان الهدنة؛ ما أثار حنقهم عليه، ووصفه بالفاشل المعتوه المهزوم.

في الجانب الآخر، عاد النازحون اللبنانيون، إلى قراهم في الجنوب، بعد إعلان دخول الهدنة حيز التنفيذ مباشرة، في ساعات الفجر الأولى، بشكل جماعي احتفالي، في مشهد أُسطوري مهيب، وفرحة شعبيّة عارمة بالنصر، عبرت عنها تلك المجاميع العائدة، وهي توجّـه التهاني والتبريكات لبعضها البعض، ولقيادة المقاومة في حزب الله، وفي مقدمتهم سماحة الأمين العام، شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصرالله، الذي كان حاضرًا في كلماتِهم وتهانيهم وفرحتهم، مشيدين بوفائه بما وعدهم، من العودة إلى منازلهم، مرفوعي الرؤوس، في عزة وكرامة وعنفوان، موجهين عبارات الشكر والثناء لكل المجاهدين، الذين كانوا القوة الفاعلة في تحقيق هذا النصر العظيم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com