فَــإنَّ حـزبَ الله هم الغالبـون
فاطـمـة الـراشـدي
تتعاقب الأيّام والسنوات والعقود، والعالم كله يشهد تلك الحروب والمعارك، التي يخوضها حزب الله مع الكيان المحتلّ؛ فمنذ الألفين وما قبلها، شهد حزب الله أشد الحروب، وأخطر المواجهات في الحدود اللبنانية والداخل.
وفي كُـلّ عام كان الحزب يشهد تفاقماً في الأحداث، وتطوراً في التقنيات والمواجهات، فلم يترك السلاح ولا المتارس، ولا خفت مواجهته لـ “إسرائيل” أَو تراجعت، فمنذ تأسيس حزب الله الغالب في العام 1982م بدأ في تنكيل “إسرائيل” أشد التنكيل وكبده آلاف الخسائر، ليعرف حينها العالم أن حزب الله، قوة لا يستهان بها، وحزب لا يُكسر، وكلما سقط قائد في الميدان من هذا الحزب، تلقفه قائد أشد شراسة منه وقوة وعزيمة.
توالت الأيّام على حزب الله وازدادت الأحداث في اتساع وتطور؛ فبعد هزيمة الألفيـن التي سطرها الحزب، وانسحاب الإسرائيليين من لبنان، تهاوت “إسرائيل” أمام خسائرها وأصبحت كما وصفها نصرالله “أوهن من بيت العنكبوت”.
كان لحزب الله الدور الأبرز والأكبر، في استنزاف قوات الاحتلال، وجعل بقاءَه في لبنان عبئًا اقتصاديًّا وعسكريًّا.
فما كان نصر حرب تموز في عام 2006م إلا بداية لانتصارات متوالية وعظيمة؛ فبعد اتّفاقية إطلاق النار بين الحزب والكيان الغاصب آنذاك، انسحب الجيش الإسرائيلي، واستقال العديد من الضباط، مع وزير الحرب ورئيس الأركان لديهم، تأييد حزب الله حينها بالنصر المؤزر وتقدم تقدمًا واضحاً ضد المحتلّ.
كان نصب عينَي الحزب هدف واحد، تحرير فلسطين وإرجاع القدس إلى الحضن العربي، وهذ ما سعوا له منذ البداية، فبعد السابع من أُكتوبر، والحرب التي اندلعت، بين فلسطين و”إسرائيل”، وقف حزب الله جنبًا إلى جنب لنصرة غزة وفلسطين، وعمل على توجيه، أقسى الضربات لعمق الكيان الغاصب، في الأراضي المحتلّة في فلسطين.
ثم بدأ العدوّ الصهيوني بشن سلسلة من الغارات الجوية، مستهدفاً فيها كُـلّ الأحياء السكنية في لبنان؛ لتكون بذلك حرب إبادة جديدة، مثل التي تحصل في فلسطين، بغرض الضغط على لبنان والحزب، لوقف عملياتهم المناصرة لفلسطين والتخلي عنها، لكن الحزب أبى ورفض، وعلى رأسهم القائد الشهيد السيد حسن نصرالله.
الذي رفض رفضًا قاطعًا إيقاف الضربات على الكيان المحتلّ، مقابل وقف الإبادة الحاصلة في لبنان، فتحرير القدس ونصرة أهل فلسطين، أولى وأعظم واجب ديني يمكن أن يقدم تجاه ما يحصل.
زفت لبنان الشهيد تلو الشهيد، المجاهد والجندي والقائد، المواطن العادي والطفل والمرأة، تهدمت المنازل وتشرد ونزح معظم المواطنين، وخسائر مادية سببت انعدام الحياة، قدمت لبنان الكثير في سبيل نصرة فلسطين، وقد استشهد في هذه المعركة، العديد من قادة حزب الله العظماء، أمثال فؤاد شكر وهاشم صفي الدين، قدمت لبنان الكثير والكثير من التضحيات، والتي كان أعظمها وأكبرها، شهادة “نجم لبنان الساطع”، سماحة السيد حسن نصرالله.
فأعظم ما قدمه حزب الله في سبيل تحرير فلسطين، هي دماء” السيد حسن نصرالله” الذي كان الشريان المغذي لحزب الله والنواة المحرك لها، فخسارته وإن كانت موجعة لحد كبير، تعد أمام ما تلاقيه فلسطين من أوجاع ومآس، فداءً لها.
فنحن قوم قادتنا عظماء، لا تليق بهم إلا الشهادة في سبيل الله، كما استشهد “حمزة وجعفر وعلي والحسين” فالموت الطبيعي لا يليق بأشخاص عظماء كما هم.
كان حزب الله وما زال، المضحي الأول في سبيل نصرة الحق، ومعاركه التي قادها ضد الكيان، تشهد له منذ عقود طويلة، مما جعل الكيان المحتلّ يخسر أمام حزب الله في معركته الأخيرة، كما خسر أمامه في المعارك السابقة، فكل تلك الضربات الموجعة، التي تلقاها على أيادي حزب الله الطاهرة، أوجعته وكبدته الخسائر، حتى رضخ لاتّفاقية تنص على انسحابه الكامل من لبنان، وإيقاف ضرباته العدائية، ليكون بذلك مذمومًا مدحورًا، أمام حزب الله الغالب، كما كان في السابق، وهذا تحقيق لما وعد الله به، في محكم كتابه.
قال تعالى: “وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ”.