قادمون يا صنعاء
عرفات الرميمة
على صفحات الفيس بوك مثلما يولد الياباني وهو محبٌّ للعلوم بالفطرة ومثلما يولد البرازيلي وهو لاعب كرة قدم بالفطرة، ومثلما يولد أولاد نطف النفط من رعايا عيال سعود وهم جبناء بالفطرة؛ – لِأَن رأسَ المال جبان – فإن القبيلي اليمني يولد وهو محاربٌ بالفطرة ولذلك أخبر عنهم الله بأنهم قالوا عن أنفسهم (نحن أولو قوة وأولوا بأسِ شديد) ولو كانوا خلافَ ذلك لم يخبر عنهم القرآن، فالله يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
فيجب على أَبْنَاء نطف النفط وعيال العاصفة وأحفاد أمل أن يفقهوا كلام الله أولاً وأن يقرأوا التأريخ ويدرسوا الجغرافيا ليدركوا ذلك ويحفظوا أرواحهم من الموت المحقق، ويجب عليهم أن لا يفكروا بسقوط صنعاء تحت أقدام الغزاة والمحتلين؛ لِأَن ذلك سوف يسبب لهم صداعاً مزمناً، ويجب عليهم أن لا يحلموا بذلك؛ لِأَن أحلامهم تلك سوف تتحول إلَـى كوابيس تسرق النوم من عيونهم.
ويمكن القول إن بين سقوط صنعاء بيد الغزاة وبين حراثة البحر علاقة قوية، كلاهما مستحيل منطقياً وَمن يفكر بذلك كمَن يطلب من المجبوب أن يُنْجِبَ أولاداً ومن العقيم أن تلد.
لقد أكّد التأريخ تلك الاستحالة المنطقية، فقد احتل الغزاة معظم المناطق اليمنية في فترات التأريخ المختلفة وبقيت صنعاء بعيدةً عنهم بُعد النجوم، فالقريب منها من الأعداء والغزاة بعيد عنها ولا يمكن أن يصل إليها حتى يلجَ الجملُ في سَمِّ الخياط.
هذا ما حصل مع المعتدين سابقاً، من برتغاليين وأتراك ومصريين، ومن يقرأ التأريخ يعرف ذلك، فقد أدرك تلك الحقيقة كُلّ من جاء حارب في اليمن، ففي خريف عام ١٩٦٣م نصح القائد المصري صلاح الدين المحرزي وحذر القيادة المصرية من مغبة التدخل العسكري وخوض حرب برية في اليمن قائلاً لهم: (خذوا العبرةَ من التأريخ، فاليمن قد قضت على أربعة ألوية عسكرية تركية في القرن التاسع عشر ولم يعد أحد منهم إلَـى بلاده، ولا توجد أَي قوة على مدى التأريخ كانت كافية لاحتلال اليمن).
وفي بداية الحرب التي خاصتها مصر في اليمن لمحاربة القوات الملكية أرسل الرئيس الثاني في الجمهورية التركية عصمت اونونو – كان قائداً لسرية حربية في اليمن – بنصيحة إلَـى الرئيس عبدالناصر – مع أحد أَعْضَاء الوفد المصري الذي زار تركيا – واصفاً فيها شدةَ بأس اليمنيين بالقول)حاربت جميع الدول: الإنجليز والصرب واليونان والروس وحاربت في اليمن ولم أشاهد في حياتي مثل اليمنيين محاربين أشداء، هم لا يحتاجون معدات حربية متطورة، هم يملكون الجبال التي تحارب معهم ويحاربون بها والرصاصة في بندقية المحارب اليمني لا تذهب سدى، لا بد أن تقتل أحداً وهم محاربون يكتفون بالقليل).
وعلى مدى خمس سنوات أرسلت مصر سبعين ألفَ جندي إلَـى اليمن، قتل منهم حوالي عشرة آلاف وأهدرت مصر الملايين دون أن تحقق ولو هدفا وَاضحاً لحملتها العسكرية.
أدرك عَبدالناصر نصيحة الرئيس التركي بعد فوات الأوان، وقد عبّر عن ذلك للسفير الأَمريكي بالقاهرة في ربيع عام ١٩٦٧م بقوله: أرسلت بسرية لليمن وانتهت الأمور بإرسال سبعين ألفا لتعزيزها، إن حرب اليمن أَصْبَحت فيتنام مصر.
هي فعلاً كذلك وستكون فيتنام لكل من تسّول له نفسه المريضة بغزوها.
وها هي اليمن التي حلم عيال نطف النفط باحتلالها – في أسبوع أَوْ عشرة أيام بالكثير كما صرّحوا – تعصف بأحلامهم وتحولها إلَـى كوابيس سوف تقضي عليهم قريبا.
وكل الأسلحة الذكية التي أتوا بها أثبتت غبائها وفشلها أَمَـام شجاعة وبسالة وصلابة المقاتل اليمني، ليس بالسلاح الذكي وحده تنتصر الجيوش الجبانة والغبية ولا بكل عملاء ومرتزقة العالم يشترى النصر، متى سيفهم علوج نجد وتيوس الحجاز ذلك؟ متى سيفهم عملاء وقفازات عيال سعود الذين يرددون القول: قادمون يا صنعاء أنها لا تقبل المتردية والنطيحة من أشباه الرجال إلا إذا كانوا أمواتاً أَوْ أسرى؟ ولو سألوا التأريخ واستشاروا الجغرافيا عن سقوط صنعاء، لسخرت الجغرافيا منهم، ورد عليهم التأريخ بصوت مسموع مردداً كلام السيد عبدالملك: سقوط صنعاء..! (هذا غير وارد) إلّا على أفواه جميلات الجزيرة والحدَث الأكبر من العربية والذين لم يبلغوا الحلم بعد من فتيان الواتس آب والفيس بوك.