القدس وصنعاء.. رمزية الكفاح العربي المشترك
أسماء الجرادي
“لستم وحدكم”، يردّدها اليمنيون منذ اليوم الأول لبدء (طُـوفَان الأقصى)، وحتى هذا اليوم، الذي ظن فيه الصهاينة أنهم أصبحوا في مأمن بعد الاتّفاق مع لبنان، ولا يزال اليمنيون الذين لطالما عُرفوا بمواقفهم الثابتة والمساندة لفلسطين منذ القدم، يدافعون عن القضية الفلسطينية.
هم اليوم يد المقاومة الضاربة والكتف الثابت الذي لا ينحني، فما إن يظن العدوّ أنه في أمان من ضربات المقاومة وأنه قد أربكهم وسلب قوتهم، حتى تأتيه الضربة اليمانية الأقوى، والتي لم يسبق لها مثيل من قبل، وما إن يرتكب العدوّ مجزرة وتتقطع قلوب شعب اليمن وجعًا على إخوتهم، حتى تطلق قواتنا المسلحة نيرانها وصواريخها، وباسم الله وقوته، ليصل لهيبها إلى الصهاينة وحامييهم من الأمريكيين.
فاليمن، حين تطلق كلماتها ورسائلها وتحذيراتها، تبقى ثابتة عليها بلا تراجع مهما واجه من خسائر، ونحن نعلم أن اليمن مر بتجربة قاسية خلال عشرة أعوام، وفي ظل القصف والعدوان، نهضت من تحت الركام، وبرغم شدة القصف عليها، إلا أنها ومنذ اليوم الأول من العدوان، أطلق السيد القائد كلمته القوية الثابتة، والتي تحذرهم بأن يوقفوا عدوانهم على هذا الشعب، وإلا فَــإنَّهم لن ينالوا إلا الهزيمة، ولن يفلحوا، وثبتنا على هذا الموقف حتى انتصرنا، ورمى العدوّ بورقة السلام؛ فقد علم أن القادم أعظم، وأن الشعب اليمني وقيادته لن يستسلموا أَو يتنازلوا ولو عن بند أَو شرط واحد مما أرادوا وثبتوا عليه منذ البداية.
وهم اليوم يكرّرون الموقف ويقولون كلمتهم الثابتة: إننا بكل قوتنا مع فلسطين، وإننا سننمي من قدراتنا بشكل متسارع لتكون ضرباتنا أكثر إيلامًا للعدو، ولن نضعف أَو نلتفت لتهديداتهم وضرباتهم؛ فنحن فقط، أعيننا وأفكارنا، ترقب مواقعهم الهامة وسفنهم المارة لضربها، ولن نستمع سوى لقيادة المقاومة حتى تعلن الانتصار على الصهاينة وإيقاف الحرب وانسحابهم من غزة كمرحلة أولى لانسحابهم من جميع الأراضي المحتلّة، وسوف تبقى اليمن يدهم الضاربة في أية مرحلة من مراحل التحرير.
فاليوم، اليمن يفخر بأن لديه قيادة قوية حكيمة، مؤمنة وثابتة، لا تركن لأحد ولا تتبع لأحد غير الله، وتعمل ما يمليه عليها الله في آيات القرآن الكريم، وواثقة بنصره مهما استمر العدوان؛ فالله هيأ الظروف وسلم قيادة اليمن لهؤلاء القادة المؤمنين، ومكّن لهم الحكم بغير حول منهم ولا قوة إلا؛ لأَنَّه يعلم ما سيحل بالأمة، فأراد أن يكون اليمنيون هم جنوده على هذه الأرض ليكونوا سند إخوتهم في أرض الرباط، ولولا تمكين الله لأنصاره لحكم اليمن، لما تشرف اليمن بهذا الموقف العظيم، ولتجرع اليمنيون الوجع والألم؛ بسَببِ العجز التام أمام ما يجري.
اليمنيون حين يقولون “لستم وحدكم”، يخرجون بالملايين إلى الشوارع ليسمعهم العدوّ، وليرى أن هذا الشعب العظيم ومن خلفه عشرات الملايين جميعهم يحملون القضية الفلسطينية على عاتقهم، وخروجهم الجماهيري الذي لم ينقطع منذ بدء العدوان على غزة يرسل رسالة واضحة للعدو: أنه مهما ارتكبتم من جرائم، اعلموا أن رجال اليمن قادمون إليكم، وأن الأرض المحتلّة ستتفجر عليكم براكين يمانية، فالشعب جاهز يترقب اللحظة الحاسمة، والأجيال القادمة تعد نفسها لتكبر وتذهب لتقاتلكم، والجميع يحلم بالصلاة في الأقصى أَو الشهادة على تلك الأرض الطاهرة.
فقد أعدوا واستعدوا وانطلقوا واشتغلوا في جميع الجبهات؛ فالمتأمل لحال هذا الشعب يرى أنه ومنذ انطلاق (طُـوفَان الأقصى)، واليمنيون في الساحات وعبر وسائل الإعلام المختلفة، وفي اجتماعاتهم وفي قواتهم المسلحة بجميع أقسامها، يجهزون للمعركة ويتشوقون لمواجهتها، ومستعدون لمواجهة كُـلّ التحديات التي يلاقونها؛ بسَببِ هذا الموقف، ومنها مواجهة العملاء الذين لطالما تغاضينا عنهم ولطالما وجهت لهم القيادة التحذيرات، وأتاحت لهم الكثير من الفرص لترك العمالة والعودة إلى وطنهم مكرمين، لكنهم أضاعوا الفرصة، واليوم، الأبطال يستعدون لمواجهتهم، والقلوب متشوقة لتأديبهم، خَاصَّة بعد أن انكشفوا بشكل أوضح أمام الشعب وهم يتوسلون الأمريكي ليعتدي على الوطن، ومصير الخائن هو الهلاك، فأرض اليمن الطاهرة التي باعوها لن تقبلهم يدنسونها من جديد ومعهم الأمريكي؛ فليقوا أنفسهم نيران اليمن، وليتركونا نواجه عدونا الأكبر، وما عليهم إلا ترقب آيات الله ومشاهد الضربات اليمانية وهي تحرق أسيادهم ومن يوالون.
أخيرًا، إن هذه العمليات لا تؤثر فقط في العدوّ فتفقده الأمان وتضر باقتصاده ونفسيته، بل إن لها أثرًا عظيمًا على الروح المعنوية للفلسطينيين، حَيثُ يشعرهم بأنهم ليسوا وحدهم في كفاحهم، فتُجبر قلوبهم وتقوي عزيمتهم على الاستمرار في المقاومة والدفاع عن أنفسهم وأرضهم.
أيضًا، إن رسالة “لستم وحدكم” تنبع من أعماق القلوب، وهي تذكير للجميع بأن المصير مشترك، وأن فلسطين ليست وحدها في النضال، فاليمن وأبنائه يقفون بجانبهم، مؤمنين بأن الفجر قادم وأن النصر سيتحقّق، كلما توالت على العدوّ الضربات.