كَمَا تَكَفّل اللّٰهُ بِأَرْزَاقِ خَلْقِهِ.. تَكَفّلتِ الأحْداثُ بِكَشْفِ الْحَقائقِ!
طاهر القادري
لمْ تكنْ معركةُ “طوفانُ الأقصى” كيومِ “بدرٍ” فحسب!
فمعركة بدر فرقت بين الحقّ والباطل فسُمّيتْ في القرآن الكريم “يوم الفرقان”.
ولكنّ معركةَ “طوفان الأقصى” غيَّرتْ وجهَ العالمِ، وصنعت فيه صنع الطوفانِ المدمّـر.
وما إن ابتدأتْ هذه الغزوة المباركة حتى بدأ الناس يتغربلون، فهنا حاكم منبطحٌ يخافُ اليهود خرجَ يندّد بما عمله المجاهدون، ويسميهِ إرهابًا وإجرامًا.
وهنا عالِمٌ منافقٌ يسب “حماس” وينسبُ الشرّ والإجرام إليها.
وهُلمّ جرًّا منَ المواقف المخزية، في الأوساط العربية والإسلامية، باستثناء الأحرار والشرفاء من أبناء هذه الأُمَّــة.
وباستمرار التوحش والإجرام الذي مارسه الصهاينةُ في أهل “غزة” من قتلٍ جماعي للأطفال والنساء وغيرها من الجرائم التي أثرت في مَنْ لا علاقة لهم بالإسلام، ولكنّ ضمائرهم حيّةً بِخلاف الكثير ممن يسمون أنفسهم مسلمين!
فهناك يخرج طلاب الجامعات مندّدين بالعمل الشنيع الإسرائيلي.
وهُنا مواطن أمريكي دفعه ضميره الإنساني إلى أن يُحرق نفسه تنديدًا بالظلم الصهيوني الفاشي.
وهُناكَ فئاتٌ غريبةُ الأطْوارِ، فئاتٌ متدينة بل وَمُتشدّدة، محسوبةٌ على المسلمين، لكنّ كُـلّ عدائها وغيظها وبغضها يتوجّـه نحو المسلمين!
كَأنّها لا ترى في اليهود أعداء، ولا ترى المجاهدين في” غزة” أهل حقّ!
إذا أردنا أن نعرف كيفَ نَجحَ العدوّ في تفريقِنا، سنجدُ اليوم في “سوريا”
تُسَطّرُ الملاحم والمواقف البطولية ضدّ المسلمين من أبناء “سوريا” وهناك ذبحٌ للناس كأنهم نعاج!
وهناك قتل للأسرى بالعشرات وبصورةٍ شنيعةٍ.
لماذا أصبح المسلمون يحملون كُـلّ هذا التوحش لبعضهم البعض؟
فيحصُلُ هذا الاقتتال وفي هذا التوقيت؟!
ثمّ لماذا لم نرَهَمْ يوظفون ولو جزءا من هذه الطاقات في التضامن مع الشعب الفلسطيني؟
فبينما لا تزال معركةُ الطوفان مُستمرّةً وقائمة منذ ما يزيد عن عامٍ وشهرين، لماذا لمْ نرَ هؤلاء يقومون ولو بمظاهرةٍ يساندون بها المجاهدين في “غزّةَ”؟؟
وعلى الرغم من طلب هذا العمل من قبل “أبي عبيدة” الذي أكّـد أن هذا العمل -التنديد والتظاهر- مؤثر في العدوّ.
وعلى الرغم من أن المجاهدين في “فلسطين” ليسوا شيعةً على الإطلاق، بل هم سُنّةٌ من الطّرَاز الأول.
لمَاذا ينشَغِلُ المسلمون بصراعاتٍ داخليةٍ بينما العدوّ الإسرائيلي يُقتّلُ إخواننا في “فلسطين” بِكُلّ قسوة؟
كانَ المفترضُ أنْ يُؤجّلَ المُسلمون كُـلّ الخلافات مهما كَبُرتْ، أن يؤجلوا كُـلّ الثارات؛ لأَنَّ هناك هجمةٌ عدوانيّةٌ يهوديةٌ، يحتاجُ ردّها إلى تكاتفِ الجُهود، واجتماع الكلمة.
فليس الآن فتحَ “حِمْص” بِأهمّ مِنْ نصرِ “غزة”!!
بلْ إنّ في ذلك خدمة للعدوّ منْ حيثُ:
أنه تمّ توجيه كُـلّ وسائل الإعلام إلى الصراع في “سوريا”، والعدوّ في” فلسطين” يمارس أبشع صور القتل مسْتَغلًا هذه الثغرة.
فما هو السرّ يا تُرى حتى نرى هذه الفئاتِ تتحَرّك لتَوسيع الثغرةِ في أمّتنا؟
والإجَابَة إنّ بعضَ التيارات زمامها بيد اليهود يحركونها لتنفيذ مخطّطاتهم باستغلال الروحية الطائفية التي تتمتع بها، وهي متواجدة في كُـلّ الوطن العربي ما إن يشير لها اليهودي حتى تستلّ الأقنعةَ السوداءَ والسكاكين وتنكل بالمسلمين؛ تقربًا إلى الله -حسب عقيدتها الخاطئة- وفي سبيل نُصرةَ الإسلام!!
بينما هي تهدمُ الإسلام، وتشوّهُ صورةَ الإسلام، وتخدمُ أعداء الإسلام.
هذا هوَ الطوفانُ الذي عرّى كَثيرًا من الطوائفِ، وعرّى كَثيرًا من الدّول أَيْـضًا.
مواقفٌ باهتةٌ للدّول بشكل عام، وللدول المجاورة لفلسطين بشكل خاص، وللسيد القائد -حفظه الله- تعقيبٌ حول هذا الموضوع، حَيثُ قال في خطابه الأخير “الدول المجاورة لفلسطين تلعب أدوارًا مؤسفةً باستثناء حزب الله الذي قدم الغالي والنفيس؛ مِن أجلِ فلسطين”.
ماذا عملت” مصر”، “الأردن”؟
لا شيء.
سبب هذا السكوت والجمود هوَ غباء وجهل حكام هذه الدول،
ولو سألوا أنفسهم -سؤلًا واحدًا- ما هو هدف الصهاينة بعد” غزة” لأدركوا الخطر.
والبعض الآخر لهم مواقف، ولكنها محدودة لها سقف معين
كالسياسة التي يمارسها “بشار” مثلا مؤسفةٌ؛
من حَيثُ إنها سياسة مرهونة بالتسليم للإملاءات من قِبل” الروسي”.
وهي سياسة خاطئة من الأفضل أن لو كانت علاقات سياسية لا إملاءات فيها ولا دخل لها بالقرار السيادي.
ولمّا لم تكن كذلك وجدنا كيف كانت نتائجها، فلا وجدنا موقفًا صريحًا شجاعًا من قبل السلطة السورية ضد “إسرائيل”، بل وجدنا الاعتداءات المتتالية على” سوريا” من قبل الكيان الصهيوني دون ردّ!
فحبذا لوِ اتخذَ العالمُ من اليمن ومن قيادتها ومن شعبها أَيْـضًا نموذجًا يحذون حذوَهُ.