هزيمة الصهاينة بين صمود غزة وثبات لبنان

صفاء المتوكل

منذ عقود طويلة والشعوب العربية تتطلع إلى كسر شوكة الاحتلال الصهيوني الذي اغتصب الأرض وشرد أهلها ورغم التخاذل العربي والدعم الدولي اللامحدود للكيان الغاصب برزت المقاومة الفلسطينية واللبنانية كنموذج حي يثبت أن المعجزات يمكن تحقيقها بالإيمان والإرادَة حتى في وجه أقوى الجيوش وأكثرها تجهيزًا.

غزة ملحمة الصمود على مدار أكثر من عام خاضت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس مواجهة استثنائية مع العدوّ الصهيوني ورغم الحصار الخانق والقصف العنيف الذي طال كُـلّ جوانب الحياة لم تنكسر غزة، أظهرت المقاومة قدرة هائلة على إدارة الحرب، موجهة ضربات مؤلمة لجيش الاحتلال مما أوقعه في مأزق استراتيجي غير مسبوق.

غزة لم تكن مُجَـرّد ساحة معركة بل تحولت إلى رمز عالمي للصمود فقد واجهت المقاومة الحصار بطرق إبداعية وأعادت تعريف مفهوم القوة حينما حولت إمْكَانياتها المحدودة إلى سلاح فاعل أربك منظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية.

حزب الله يتقدم الصفوف في الشمال، واصل حزب الله اللبناني تصديه للاحتلال مؤكّـدًا أن المقاومة ليست مُجَـرّد رد فعل بل استراتيجية مُستمرّة، ومع كُـلّ محاولة إسرائيلية لضرب قدرات الحزب أَو تقويضه كان الرد دائمًا أكثر قوة وفاعلية.

في الحرب الأخيرة استطاع حزب الله أن يعطل الحياة في شمال فلسطين المحتلّة بالكامل مجبرًا آلاف المستوطنين على الهروب، وموجهًا صواريخه إلى عمق الأراضي المحتلّة بما فيها يافا المحتلّة رد الحزب على كُـلّ تهديدات العدوّ بصلابة وثقة ما جعل الاحتلال يواجه واقعًا جديدًا لم يعهده من قبل.

 

الهزيمة الصهيونية أسبابها ودلالاتها:

الهزيمة التي تلقاها الاحتلال في غزة ولبنان لم تكن وليدة اللحظة بل نتيجة تراكمات لعقود من الصمود والتضحية أثبتت المقاومة أن الكيان الصهيوني رغم ما يتلقاه من دعم دولي يبقى هشًا أمام إرادَة الشعوب كما كشفت هذه الهزيمة زيف القوة الإسرائيلية التي طالما روج لها العالم.

أبرز ما يميز هذه المواجهة هو فشل الكيان في تحقيق أهدافه المعلنة؛ فقد أُجبر جيش الاحتلال على الانسحاب دون تحقيق أية مكاسب استراتيجية، بل واجه خسائر فادحة على كافة المستويات سواء العسكرية أَو السياسية.

 

المقاومة تعرِّي الأنظمة العربية:

وفي المقابل أظهرت الحرب عجز الأنظمة العربية عن نصرة شعوبها أَو الدفاع عن قضيتها المركزية فقد ظل الحكام العرب متفرجين، بل وشارك بعضهم في خنق المقاومة من خلال الحصار أَو التعاون مع الكيان المحتلّ.

هذه الأنظمة التي تنفق المليارات على جيوشها أثبتت مرة أُخرى أنها وُجدت لحماية الطغاة وليس لتحرير الأرض.

المستقبل رسالة المقاومة للأُمَّـة انتصارات غزة ولبنان ليست مُجَـرّد إنجازات عسكرية، بل هي رسالة للأُمَّـة العربية والإسلامية بأن التحرير ممكن إذَا توافرت العزيمة والإرادَة.

المقاومة قدمت نموذجًا مشرفًا في التضحية والإيمان بالحق وأثبتت أن الشعوب هي التي تصنع التاريخ وليس الحكام المتخاذلين.

المقاومة ليست مُجَـرّد معركة سلاح بل هي صراع إرادات وصمود غزة وثبات لبنان هما دليل حي على أن النصر آتٍ مهما طال الزمن، وكما قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com