الطائفية صناعةٌ صهيونية بجهود عربية

فاطمة عبدالملك إسحاق

الشعوب العربية ليست طائفية أَو سلبية، بل هي في الحقيقة متعاونة بكل إخلاص، كثيرة التفاعل مع القضايا، فالطائفية لا نجدها إلا في الأسواق الرخيصة يبتاعون ويشترون باسم الدين الإسلامي، يتاجرون بالأوطان والممتلكات وبالإنسان؛ بحجّـة أنهم يحمون طائفتهم وحقوقها، وفي الحقيقة الأعداء هم من صنع هذه الثقافة التي تدعو للتمزق وإبعاد الإخوة بعضهم عن بعض، تشتت للمسلمين وتفكك، وهذا ما يؤدّي إلى ضعف المجتمعات الإسلامية، ما نشاهده في واقع اليوم أن الطائفية تأججت بشكل أكبر من سابقه، أصبحت تتفشى كالمرض المعدي، ومن المؤسف أن يتجاوب العرب ويبذلوا قصارى جهدهم في التشكيك بالمقاومة بحجّـة اختلاف الطائفة؛ فبدلًا عن محاربة العدوّ الحقيقي اتجه العرب اليوم لمحاربة عدو اليهود، تنفيذاً للمخطّط الصهيوني بشعورهم كان أَو بجهل وغباء وتأثر بالإعلام المضلل.

هنا السؤال الأهم كيف صنع الصهاينة الطائفية وغذوها، وأصبحت العرب تخدمهم في هذا الجانب بشكل كبير وخطير على المسلمين؟

لأنهم وجدوا الأرض الخصبة، وثغرات داخلية في المجتمع الإسلامي، أجرى العدوّ دراسات ليجد نقاط الضعف، كُـلّ ذلك أوجد الفرص للعدو الإسرائيلي لتشجيع التفرقة وتغذية الفتن في البلد الواحد، فكلما تأججت الطائفية والمذهبية والمناطقية؛ فذلك يعني أن لا حَـلّ للعدو إلا ذلك بعد فشله العسكري وانهزامه الاقتصادي والنفسي؛ وللحفاظ على مصالحه ومطامعه في الدول العربية، يستفيد بذلك دون بذل جهود منه، بل تكون الجهود العربية هي الواضحة في العداء لبعضها البعض.

إذا بقيت العرب بهذا الجمود دون معالجات لهذه الفتن، فَــإنَّ فرص العدوّ تزداد في التوغل واحتلال أجزاء أكثر من الوطن العربي، كما يحدث اليوم في سوريا، فليست سوريا الهدف فقط، إذن الحل يكمن في الوحدة الوطنية، ورفض ثقافة التعبئة الداخلية على بعضنا البعض بأساليب خبيثة ملتوية، فهناك من يستفيد ويدعم لتغذية هذه الفتن، ويسعى لعدم توحيد الصفوف، يجب أن ترفض الشعوب العربية ثقافة الكراهية والتحريض لبعض الطوائف خُصُوصًا خلط الأمور ببعضها وتوجيه العداء للمقاومات الإسلامية، وكما عهدنا من أنصار الحق المؤمنين ألَّا ينظروا للانتماء بل ينظروا للتوجّـه نحو قتال اليهود فأيًّا كانت طائفته أَو مذهبه أَو انتماؤه، يدعموه ويساندوه ويتحدوا معه للقتال في جبهة واحدة، وهذا ما يسعى العدوّ لتدميره واستبداله بثقافة الكراهية والحقد، ولعل أبرز مثال على الوحدة الوطنية عندما اختلطت الدماء السنية والشيعية في مواجهة العدوّ الإسرائيلي في فلسطين ولبنان باستشهاد القادة العظماء، هنية ونصر الله والسنوار، وهذا ما حطم طموح العدوّ في استغلال ثغرة الطائفية.

فلو فهم الجميع مفهوم الوحدة الوطنية دون التباس ودوران حول نقطة مغلقة، لتحقّقت هذه الوحدة بالتمحور حول مصالح الأُمَّــة الإسلامية المشتركة؛ فالوحدة الوطنية ليست الغاية منها أن يكون هناك رأي واحد فقط أَو انتماء واحد أَو مذهب واحد، هي لا تعني تطابقاً تاماً على كُـلّ تفاصيل العقيدة والتشريع أَو في الآراء والتوجّـهات؛ لأَنَّ هذا يخالف طبيعة البشر، فما دامت الآراء والمصالح متعددة فالاختلاف وارد في كُـلّ مجتمع في العالم كان مسلماً أَو غير مسلم، حتى ضمن العائلة الواحدة الاختلاف وارد.

الفهم الصائب للمعنى الحقيقي للوحدة الوطنية والعمل به سيثمر في بناء أُمَّـة لا تقبل سلب حقوقها، تواجه مخطّطات العدوّ، وتدفع الأذى عن نفسها، وتقاوم كُـلّ معتد ومحتلّ فتحرّر أراضيها بقوتها العسكرية المتوحدة، تضرب عدوها الضربة المؤلمة حتى ينتهي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com