وَهْمُ إسقاط صنعاء.. دروسُ الماضي وحقائقُ الحاضر
شاهر أحمد عمير
من يراهن على إسقاط صنعاء إنما يركض خلف سراب ووهم لا أَسَاس له من الواقع، فالتاريخ القريب أثبت أن صنعاء ليست مُجَـرّد مدينة يمكن العبث بها أَو استباحتها لتحقيق أجندات شخصية أَو خارجية، بل هي حصن منيع للصمود والإرادَة الحرة التي كسرت كُـلّ محاولات الهيمنة عليها.
إن الأطراف التي تسعى إلى إعادة تدوير نفايات الماضي وإحياء عصور الفساد والاستبداد لم تستوعب الدروس السابقة التي لقنها اليمنيون لكل من تسوّل له نفسه المساس بإرادتهم.
إن الحديث عن إسقاط صنعاء محاولة يائسة تستند إلى أوهام خادعة ومراهنات خاسرة، فمن يظن أنه قادر على العودة إلى المشهد من بوابة صنعاء إنما يعجز عن إدراك حجم التغيرات التي طرأت في الوعي الشعبي، لقد لفظت صنعاء وأهلها كُـلّ مظاهر الظلم والاستبداد، وأسقطت مشاريع المرتزِقة والخونة الذين سعوا للسيطرة عليها، وهذا دليل قاطع على أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء مهما حاولوا.
إن دروس الماضي واضحة لكل من أراد أن يقرأ التاريخ اليمني بعين الإنصاف، فالشعب اليمني، وفي مقدمتهم أبناء صنعاء، رفضوا كُـلّ محاولات الاحتلال والوصاية والهيمنة، وأثبتوا للعالم أن من يسعى إلى إسقاط إرادتهم مصيره الفشل والهزيمة، لم تكن صنعاء يومًا لقمة سائغة بيد الطامعين، ولن تكون؛ لأَنَّ أهلها يدركون جيِّدًا قيمة الأرض والعزة والكرامة.
إن الجهاد الذي يخوضه الشعب اليمني ضد قوى الشر والعدوان هو جهاد مصيري لا يقتصر على الدفاع عن صنعاء وحدها، بل هو معركة؛ مِن أجلِ السيادة والكرامة ورفض كُـلّ أشكال التبعية والهيمنة، أن هذه التضحيات العظيمة التي يقدمها أبناء اليمن، بجيشه ولجانه الشعبيّة وأبنائه الأحرار، هي امتداد لتاريخ طويل من الصمود والتحدي في وجه الطغاة والغزاة، الذين لم يتعلموا أن اليمن مقبرة لكل غازٍ وطامع.
إن الذين يعيشون وهم إسقاط صنعاء يسعون لإحياء منظومة عاثت في الأرض فسادًا، ونسيت أَو تناست أن اليمن قد تغير، وأن الشعب اليمني لم يعد ذلك الشعب الذي يمكن أن يُخدع بشعارات زائفة أَو مصالح ضيقة، أن إعادة تدوير أدوات الماضي لن تنجح؛ لأَنَّ الشعب الذي أسقط مشاريع الهيمنة في السابق قادر على إسقاط أية محاولة جديدة للنيل من مكتسباته وحقوقه.
صنعاء ستظل شامخة بمكانتها وبأهلها وبجيشها، وكلّ من يحاول الاقتراب منها سيجد نفسه في مواجهة وبأس لم يكن يتوقعه، لقد سقطت كُـلّ الرهانات في الأعوام السابقة تحت أقدام اليمنيين وضربات حيدرية، الذين لم يتخلوا يومًا عن أرضهم وكرامتهم وإرادتهم، وسيظل هذا الدرس حاضرًا في كُـلّ مواجهة جديدة مع أُولئك الذين لا يزالون أسرى لأوهامهم البائسة، فاليوم حقائق الحاضر أثبتت أن صنعاء ليست مُجَـرّد هدف عسكري أَو سياسي، بل هي عنوان للكرامة والحرية والصمود الذي لن يُخترق مهما عظمت المؤامرات وتعددت الأوهام.
إن الجهاد المُستمرّ والصمود الذي يظهره الشعب اليمني هو رسالة واضحة للعالم: أن صنعاء ليست وحدها، وأن اليمن بأكمله يقف سدًا منيعًا ضد قوى العدوان والشر، وأن من يحلم بإسقاطها سيصطدم بثبات لم يعرف له التاريخ مثيلًا.