إسقاط الطائرة الأمريكية.. توازنات جديدة في صراع القوى

فتحي الذاري

تعد الاعترافات المتعلقة بإسقاط الطائرة المقاتلة الأمريكية من قبل الجيش اليمني نقطة تحول هامة في معادلات القوة العسكرية في المنطقة؛ فبينما اعترف الأمريكيون بسقوط الطائرة، يبقى من غير المرجح أن يقروا بإسقاطها من قبل الجيش اليمني، هذا التعاطي يؤكّـد واقعاً عسكريًّا معقداً يهدّد سمعة سلاح الجو الأمريكي، ويعيد تشكيل موقف القوى الإقليمية، وأن سقوط الطائرة الأمريكية يأتي في سياق معركة لم تعد تقتصر على استخدام الأسلحة التقليدية، بل تتضمن تكنولوجيات متقدمة وأسلحة غير متوقعة.

تمكّن الحوثيون من تسخير طائرات مسيّرة وصواريخ موجهة بدقة، مما أثبت فعالية وقدرة قتالية تفوق توقعات الغرب، هذا الإنجاز لا يمس فقط سمعة السلاح الجوي الأمريكي، بل يعزز أَيْـضاً من صورة الجيش اليمني (الحوثيين) كمقاومين قادرين على تحقيق الردع ضد قوى كبرى.

إن تحقيق اليمن الردع العسكري ضد الغرب يشكل قفزة استراتيجية؛ فقد أظهروا قدرات في استهداف أهداف عسكرية معقدة، مما يضعه في موقف أقوى على الطاولة الدولية.

إن الحاجة الملحة للدول الشرقية للحصول على أنواع جديدة من الأسلحة أصبحت أكثر وضوحًا؛ فعالم اليوم معتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا في جميع مجالات الحرب، ومن هنا، يجب على هذه الدول الاستفادة من تأزم الوضع بين الشرق والغرب لتأمين تحديثات وتصنيعات حديثة، في سبيل بناء جيش قوي وقادر.

بناء قوات مسلحة متطورة تقنيًا يستدعي اتِّخاذ خطوات استراتيجية، مثل تعميق التعاون بين الدول المعنية وتبادل التكنولوجيا، وبناء شراكات محلية وإقليمية قوية للارتقاء بالمستوى العسكري.

في السياق نفسه، أقرّت المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية بأن محاربة اليمن تمثل تحديًا معقدًا، ويرجع ذلك لصعوبة جمع معلومات استخباراتية دقيقة حول تحَرّكاتهم وقدراتهم، هذا الاعتراف يُظهر كيف أن الأزمة اليمنية أصبحت تمثل صداعًا للعديد من القوى الإقليمية والدولية مثل كيان الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، حيثُ تظهر الأحداث الأخيرة أن العمليات العسكرية في المنطقة لم تعد خطًا مستقيمًا، بل شبكة معقدة من العلاقات الجيوسياسية والتقنية.

إن الرؤية البعيدة للأحداث تأخذ اهتماماً من القادة العسكريين والسياسيين في الشرق للاستفادة من الصراع القائم لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، بما في ذلك بناء جيش قوي والاعتماد على الأسلحة الحديثة، والله المعين هي عبارة تذكّر بمسؤولية المجاهدين البصيرين في التعامل مع هذه التحولات لن يبني الاستجابة الجيدة إلا العمل الجاد والتخطيط العميق مما يساعد على تحقيق أهداف وطنية تتجاوز الأزمات الراهنة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com