الجبهة اليمنية توسّعُ النزيفَ الاقتصادي للعدو وتزيدُ تصدعات جبهته الداخلية
المسيرة: خاص
تواصلُ عجلةُ العدوّ الاقتصادية تقهقرَها نحو الخلف، حاملةً معها العديدَ من الأزمات التي ترفع فاتورة الإجرام الإسرائيلي في غزة، وعلى الرغم من توقف الجبهة الشمالية، إلا أن أزمات الهجرة العكسية وهروب رؤوس الأموال وعزوف شركات النقل الجوي، مُستمرّة ومتصاعدة على خلفية استمرار العمليات اليمنية النوعية اليومية التي تطال عمق العدوّ، وذلك علاوة على الحصار البحري الخانق الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية على العدوّ.
وبعد تقارير سابقة منذ مطلع الأسبوع الجاري أكّـدت ارتفاع نسبة الفقر في الوسط الصهيوني وتصاعد أزمة النقل الجوي، مع استمرار سلسلة الهبوط الاقتصادي وانخفاض الصادرات والواردات بفعل الحصار البحري اليمني، أوردت وسائل إعلام العدوّ الإسرائيلي تقارير، أكّـدت من خلالها استمرار هروب المستثمرين جراء التهديدات التي تطال مدن العدوّ الصهيوني، في إشارة إلى العمليات اليمنية التي تقصف بشكل شبه يومي أهدافًا حيوية وعسكرية حساسة في مختلف مدن فلسطين المحتلّة.
ونشرت صحيفة “كالكاليست” الصهيونية المتخصصة بشؤون العدوّ الاقتصادية، تقريرًا أكّـد أن نسبة الاستثمارات في المدن الفلسطينية المحتلّة شهدت تراجعًا في الربع الأخير من العام الجاري بنسبة 16 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت، وذلك على الرغم من توقف صواريخ حزب الله التي كانت تطال المناطق الحيوية والصناعية في حيفا وباقي مدن الشمال المحتلّ؛ ما يؤكّـد أن عمليات القوات المسلحة اليمنية آخذة في ضرب العدوّ اقتصاديًّا وأمنيًّا وعسكريًّا وبوتيرة عالية.
وأوضحت الصحيفة الصهيونية أن غالبية المستثمرين الذين عزفوا عن فلسطين المحتلّة ينحدرون لدول أُورُوبية وشرق أسيوية؛ ما يؤكّـد أن أصحاب رؤوس الأموال في الدول الصناعية الكبرى في أُورُوبا وشرق آسيا قد أدركوا تمامًا أن مدن فلسطين المحتلّة لم تعد آمنة للاستثمار، وأن العناوينَ الاقتصادية والاستثمارية التي كان العدوّ يباهي بها، قد سقطت فعلًا، فضلًا عن التقارير التي تؤكّـد استمرارية أزمات العدوّ في هذه الجوانب حتى ما بعد الحرب بخمس سنوات؛ أي إن السُّمعة الاقتصادية والاستثمارية السيئة للعدو قد صارت عاملًا لتنفير الأموال والاستثمارات.
وعرَّجت الصحيفة الصهيونية على أبرز الصناديق الاستثمارية التي غادرت فلسطين المحتلّة، موضحةً أن أكبَرَ الصناديق الاستثمارية الأمريكية والأُورُوبية قد غادرت “إسرائيل” وبقي فقط 8 صناديق من بين 20، في حين أن الصناديق المتبقية تدرس إمْكَانية تخفيف استثماراتها وبيع جزءًا من أصولها لتفادي الخسائر؛ نظرًا للأحداث التي تشهدُها المدنُ الفلسطينية المحتلّة.
وبينت الصحيفة أن انخفاضَ الاستثمارات بشكل كبير في فلسطين المحتلّة، يعودُ لاعتماد كيان العدوّ على الأموال العائدة من قطاع الاستثمار في المجال التكنولوجي، وهو المجال الأكثر تضررًا والأكثر هروبًا بعد أن كان يمثل ربع عائدات العدوّ المالية ويدر بعشرات المليارات من الدولارات للخزينة الصهيونية، في حين أن تقارير “إسرائيلية” سابقة أوضحت أن نصف المستثمرين في قطاع التكنولوجيا غادروا بفعل أزمات التوظيف التي خلقتها حملات التجنيد الإجباري، وكذلك أزمة النقل البحري والنقل الجوي؛ بفعل العمليات اليمنية واللبنانية والعراقية؛ ما يؤكّـد أن جبهات الجهاد والمقاومة شكَّلت ضغوطًا كبيرة من نوع آخر، تقود العدوّ نحو الإفلاس.
وأكّـدت “كالكاليست” أن استمرارَ المخاطر على “إسرائيل” تهدّد ما تبقى من القطاع التكنولوجي وبقية المجالات مثل الصحة والبيئة والتعليم والتطوير، والتي تعاني من نقص التمويل؛ بسَببِ لجوءِ الاحتلال لإضافة موازنة الإنفاق العسكري على حساب القطاعات الحيوية الأُخرى.
وقالت: إن “تحليلَ الأرقام يكشفُ عن تركز مقلق في قطاع الأمن السيبراني، وانخفاض حاد في نشاط المستثمرين الأجانب، وتوقف ملحوظ في نمو عدد العاملين في القطاع”، في إشارة إلى أن الهجرة العكسية للأدمغة وأصحاب التخصصات النوعية في مجال التكنولوجيا، ضاعف المأزق على العدوّ، لا سيَّما أن الفترات الماضية شهدت خروج عشرات الآلاف من حاملي التخصصات النوعية، من أراضي فلسطين المحتلّة نحو الخارج، فيما أكّـدت تقارير صهيونية سابقة أن غالبية المغادرين لا ينوون العودة مجدّدًا.
وأضافت “أحد الجوانب المقلقة هو عدم وجود نمو في عدد العاملين في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وهذا الجمود يمثل مشكلة عميقة تعكس نقص الإبداع والتجديد في إنشاء الشركات الناشئة”.
وجدّدت الصحيفة التأكيد على أن التهديدات المحيطة بالعدوّ وانعدام الاستقرار السياسي والأمني والعسكري، يساهم باستمرار في هروب المستثمرين؛ ما يؤكّـد أن استمرار العدوان والحصار على غزة وما يترافق معها من ردع، سيقود لمضاعفة أزمات العدوّ.
وأشَارَت إلى أن الأرقام التي تظهرها بعض التقارير بشأن تحسن الاقتصاد أَو الإنتاج المحلي، هي أرقام غير حقيقية وتخفي الحقائق بما يوصل الكيان إلى الكارثة.
وبهذه الأرقام والمعطيات وما سبقها في التقارير السالفة، فَــإنَّ العدوّ الصهيوني يسير في طريق الانتحار، حَيثُ يتآكل اقتصاده وأمنه الداخلي وجبهته السياسية وتبرز الخلافات؛ ما يجعل من استمرار العدوان والحصار على غزة، هرولةً نحو مزيد من النزيف الشامل والمميت، خُصُوصًا وأن الجبهة اليمنية تزداد اشتعالًا وتحرق ما تبقى من نقاط العدوّ الاقتصادية، فضلًا عن نسف ما تبقى من أمنه.