“أمم متحدة” ومطبِّعون..!
عبد الكريم الوشلي
بتواطؤ وإسهام أدواتي تطبيعي إقليمي وداخلي واضحَين يعربد اللاعب العدواني الأمريكي الصهيوني ويقوم بما يقوم به في سوريا من تدمير واحتلال وقضم للمزيد من الأراضي، داعسًا بطمأنينة غريبة ووقاحة عجيبة على كُـلّ السقوف والخطوط الحمراء، وماسحًا الأرض بكل القوانين والأعراف والقواعد الدولية وكل الاتّفاقيات والمعاهدات المنظِّمة والمُلزمة، والشيءُ نفسه يحدث في لبنان ومناطقِه وبلداته الجنوبية التي باتت بعهدة الحكومة والجيش اللبناني بموجب إعلان الهُدنة الأخير وما تسمى قوات اليونيفيل الأممية، بعد أن بقيَ جيشُ العدوّ على مدى نحو شهرَينِ من المواجهة النارية الشعواء مع المقاومة الإسلامية (حزب الله) عاجزًا عن احتلالِ شبرٍ واحدٍ من تلك المناطق والقرى التي كانت بعهدةِ الحزب.
وكل هذا يحدُثُ دونَ تحريكِ ساكنٍ من الأمم المتحدة سوى التصريحات والمطالبات الإعلامية الجوفاء رفعًا للعتب ليس إلا! وفي ظل غياب كامل لمواقفها الجادة ومجلس أمنها وبَنديه السادس والسابع اللذين لاي طبقان إلا وفقَ الهوى الهيمني الغربي الصهيوني وعلى الشاقين لعصا الطاعة الأمريكية.
وكثيرةٌ هي فضائحُ الأمم المتحدة التي تُظهِرُ كيف تحولت إلى شركةٍ مساهمة في الإتجار بدماء الشعوب المقهورة المستضعفة وحقوقها ومقدراتها، بل بمبادئها هي وقيمها المعلنة كمنظمة أَسَاسية دولية مهمتُها منع التعدي بين الدول والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل إنها مُسخت إلى بائعة هوى رخيصة لدى الأمريكي الصهيوني الغربي المهيمن وأتباعه من صنائع المال النفطي المدنس، تبيع جسدها وشرفها لمن يدفع أكثر كالأمريكي والسعوديّ.. وهذا سقوط مدوٍّ في وحل البغاء والدعارة السياسية في أقبح وأوسع مستوياتها وصورها الدولية!
وفي هذا المشهد المليء بأوساخ وقاذورات السياسة التي لم تُبقِ شيئًا من مُدَّعيات القوانين والمبادئ والقواعد المتشدَّقِ بها ليلًا ونهارًا، تزدحم الأروقة المظلمة بأحط المواقف المتواطئة مع الجلاد القاتل تحت شتى الذرائع والعلل والعناوين الساقطة، وفي هذا الخليط السيئ يحضر المطبِّعون وموظفو وزبائن البازار الصهيوني الذي يُتاجَر فيه بالمواقف والأدوار مقابل السراب والهواء، بل مقابل أفدح مستويات السقوط الأخلاقي والقيمي والانتحار السياسي والمعنوي، وهذا حال أنظمة التطبيع والتواطؤ المستور والمكشوف والخيانةِ التي تبقى خيانة بكل ما فيها من قبح وتدنٍّ مهما أُلبست من عباءات وأقنعة!
في هذا المشهد وبفعلِ عددٍ من العوامل المرتبطة بالأحداث والمستجدات.. يبقى اليمنُ في خيمة المقاومة والجهاد عمودَها الفاعل الأَسَاسي والطودَ الشامخ الثابت على موقف الإسناد الإيماني والإنساني لمظلومية أمته الكبرى في غزة وفي أماكن الوجع الأُخرى.. وتأخذ عملياتُه الضاربة للعدو منحى بعثَرَ كُـلَّ حسابات هذا العدوّ وأدخلَه في دواماتٍ شديدةٍ من الرعب وانعدام الحيلة، ويكفي أن نلتقطَ هنا نزرًا يسيرًا من الشواهد المتواترة على ألسنةِ العدوّ نفسه، ومن ذلكِ ما نقلته وسائلُ إعلام عن الإعلام العبري من تعليقات لمحلِّليه ذهب بعضُها إلى حدودِ القولِ: “إن اليمنيين أصبحوا خَطَرًا استراتيجيًّا على “إسرائيلَ” بأبعادٍ إقليمية”، وفي السياق ذاتِه أقَرَّ خُبَرَاءُ لهذا العدوّ، حسب منقول إعلامه أَيْـضًا، بأن “الحصارَ البحريَّ اليمنيَّ كبَّد “إسرائيل” مئات ملايين الدولارات”.
وبالتأكيد، وحسب منطوق لسان الحال الدائم هذا، نقول للعدو ولكل من له صلة حاضنة أَو داعمة أَو خادمة له: القادم، حتمًا، أشدُّ وأعظم.