السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: موقفُ شعبنا العزيز وخروجُه المليوني مع العمليات العسكرية يقدّمُ صورةً رائعةً جِـدًّا عما ينبغي أن تكون عليه الشعوب
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
في بداية الشهر الثالث من العام الثاني، وللأسبوع السادس والستين، يواصلُ العدوُّ الإسرائيلي عدوانَه الهمجي، الإجرامي، الوحشي، على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مرتكبًا في كُـلّ يوم جرائم الإبادة الجماعية، والمجازر الوحشية، التي قد بلغت أكثر من (أربعة آلاف مجزرة)، منها في هذا الأسبوع: أكثر من (ثلاثين مجزرة)، استشهد وجرح فيها أكثر من (ألف وثلاثمِئة) من أبناء الشعب الفلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء.
التصعيدُ من جانب العدوّ الإسرائيلي في هذا الأسبوع طال كُـلّ قطاع غزة، في شمال القطاع، ووسطه، وجنوبه، واستمر العدوّ أَيْـضًا في حملته الإجرامية التدميرية الشاملة على شمال قطاع غزة، وتدمير كُـلّ مقومات الحياة في شمال القطاع، وممارسًا التهجير القسري للسكان، الحملة التي قاربت ثلاثة أشهر منذ بدايتها، وهي في منتهى الوحشية، والإجرام، والطغيان، والاستباحة للحياة.
والأمريكي مُستمرٌّ أَيْـضًا في شراكته في الإبادة الجماعية، بما يقدمه من السلاح، والدعم الشامل، في كُـلّ ما يحتاج إليه العدوّ الإسرائيلي لتنفيذ عدوانه الإجرامي الوحشي على قطاع غزة، وفي هذا الأسبوع، في الأيّام الأخيرة لـ [المجرم بايدن] في البيت الأبيض، اعتمد صفقةً كبيرةً من القنابل والقذائف والذخائر للعدو الإسرائيلي، لقتل الأطفال والنساء، قتل أبناء الشعب الفلسطيني.
وكذلك يواصل العدوّ الإسرائيلي الجريمة الفظيعة جِـدًّا، التي يجعل منها كذلك وسيلةً للإبادة، وهي جريمة التجويع، والتي يشترك معه فيها كُـلّ الأنظمة المتخاذلة، البخيلة، الجبانة، التي تتفرج على الشعب الفلسطيني وهو يتضور جوعًا.
العدوّ الإسرائيلي يستمر في سياسة التقطير، فلا يدخل إلى قطاع غزة إلا القليل القليل جِـدًّا من المواد الغذائية، وما يدخل هو معرضٌ أَيْـضًا للاستهداف بأشكال كثيرة، وَأَضَـافَ إليها العدوّ الإسرائيلي في هذا الأسبوع النهب المباشر، كان في المراحل الماضية أحيانًا يدفع بمن يسمون بالمستوطنين للهجمات على كُـلّ ما يأتي إلى قطاع غزة، من طرق يستطيعون أن يطالوها، ثم ما بعد ذلك شكَّل بعض العصابات من الخونة والعملاء للتقطع والنهب في داخل قطاع غزة، بالقرب من الحواجز العسكرية التي يقيمها العدوّ الإسرائيلي، لكن في هذا الأسبوع أصبح الجنود الإسرائيليون بأنفسهم يقومون هم بالنهب بشكلٍ مباشر، وهذا حصل في هذا الأسبوع.
إضافة إلى ذلك، حالة الاستهداف بالقصف لأبناء الشعب الفلسطيني، عند تجمعهم للحصول على المواد الغذائية، كما يعتدي أَيْـضًا بالرصاص على المواكب التابعة للأمم المتحدة، وموقفه من الأمم المتحدة عندما تقدم في سياق الحد الأدنى، وفي مستوى الحد الأدنى على المستوى الإنساني شيئًا للشعب الفلسطيني، موقفٌ واضح، موقف المتغطرس والمتكبر، كم قتل من الموظفين التابعين للأمم المتحدة في الأونروا، وكذلك من غيرهم، استهدف كذلك المطبخ العالمي، الذي كان كانت تديره جهات خارجية تحت العنوان الإنساني، ويستهدف بدون أي تحرج أي نشاط إنساني.
العدوّ الإسرائيلي صنع واقعًا موبوءًا في قطاع غزة، ويستهدف بشكلٍ ممنهج كُـلّ البنية الصحية، يستهدف المستشفيات بشكلٍ مُستمرّ، وما فعله بمستشفى كمال عدوان واضح، من الجرائم الكبرى التي ارتكبها في قطاع غزة، جريمة بشعة للغاية، والآن يستهدف المستشفى الأندونيسي، ويستهدف بقية المستشفيات التي تقدم الحد الأدنى من الخدمة الطبية، مع الحصار الشديد جِـدًّا، وانعدام المستلزمات الطبية الضرورية.
ومع كُـلّ ذلك، مع الاستهداف الشامل، والإبادة الجماعية، والتهجير القسري، ومنع الغذاء، ومنع الدواء، واستهداف كُـلّ مصادر المياه، كُـلّ مصادر مياه الشرب، وبقية مقومات الحياة، لا يزال هناك البعض من المجرمين الإسرائيليين في الكنيست الإسرائيلي يطالبون بما هو أكثر، بالمزيد وبما هو أكثر من الإجرام، والطغيان، وتدمير أي شيءٍ من مقومات الحياة.
العدوّ الإسرائيلي يستهدف النازحين، أصبح أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكلهم في حالة نزوح، لكن من دون توفر مراكز إيواء حقيقية للنازحين، يتجمعون في بعض المدارس وكذلك في بعض الأماكن، التي أعلنها العدوّ الإسرائيلي أماكن آمنة، ثم يستهدفهم فيها، ومعهم الخيم المهترئة، وفي ظروف قاسية جِـدًّا؛ لانعدام كُـلّ وسائل التدفئة اللازمة، في ظل الشتاء والبرد القارس، والأمطار والمنخفض الجوي؛ ولـذلك نتيجةً لحرمانهم من كُـلّ الوسائل اللازمة للتدفئة استشهد المزيد من الأطفال، وأعلن في هذا الأسبوع كذلك عن استشهاد المزيد من الأطفال؛ نتيجةً لحرمانهم من وسائل التدفئة، وهكذا يسعى العدوّ الإسرائيلي إلى استخدام كُـلّ وسائل الإبادة، والحرمان من كُـلّ مقومات الحياة، ومن كُـلّ الحقوق الإنسانية المشروعة، هذا فيما يتعلق بقطاع غزة.
فيما يتعلق بالقدس والمقدسات: يستمر العدوّ الإسرائيلي في الاستهداف للمسجد الأقصى، بالاقتحامات المتكرّرة، التي ينفذها اليهود الصهاينة، وأفَادت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في تقريرها السنوي، عن اقتحام اليهود للمسجد الأقصى، وتدنيس ساحاته، وتكرّرت عمليات الاقتحام لتصل إلى (مِئتين وستةٍ وخمسين اقتحامًا).
وهذه الحالة المتكرّرة جِـدًّا جدًا لها هدف من جانب الأعداء، اليهود يستخدمون سياسة الترويض، يُقْدِمون على خطوة عدوانية خطيرة وإجرامية، ويسعون إلى أن تصبح في نظر المسلمين بشكلٍ عام -مع تكرارها والاستمرار عليها- خطوةً اعتياديةً، ومشهدًا مألوفًا، وهذا هو ما يحصل لدى الكثير من أبناء الأُمَّــة، يشاهدون تلك المشاهد السيئة المستفزة، لاقتحام المسجد الأقصى، الذي هو من أهم المقدسات الإسلامية، ويشاهدون ما يقوم به اليهود الصهاينة، من رقص، وأغاني، وعبارات سخرية، واستهزاء بالمسلمين، وإساءة إلى الإسلام، وإلى رسول الله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ”، وإلى القرآن الكريم، وتحدي للمسلمين، ثم لا يبالون، لا يستفزهم ذلك، لا يحرِّك ضمائرهم، ولا يحسسهم بمسؤوليتهم الدينية، ولا يدركون أن هذا يأتي في إطار سياسة خطيرة وخبيثة من جانب الأعداء اليهود الصهاينة، تهدف للوصول إلى ما هو أسوأ وأخطر؛ لأَنَّ الهدف النهائي لليهود الصهاينة، هو: تدمير المسجد الأقصى بكله، وبناء هيكلهم المزعوم؛ ولـذلك كُـلّ خطوة من هذه الخطوات هم يعملونها بشكلٍ مقصود، وللوصول إلى ذلك الهدف الخطير جِـدًّا، لكن بعد الترويض، سياسة الترويض اليهودية الخبيثة، ترويض للأُمَّـة أن تعتاد، كُـلّ ما أقدموا عليه من خطوة، لتلحق بها خطوةٌ أُخرى أكثر عدوانية وأكثر سوءًا.
أيضًا في المسجد الإبراهيمي في الخليل، وهو يتعرض للعديد من الانتهاكات، منها:
- منع الآذان في مكبرات الصوت.
- إغلاق المسجد أمام الفلسطينيين في أوقات كثيرة.
- اقتحامات الصهاينة المتكرّرة له بشكلٍ كبير، بالآلاف خلال هذه المدة.
فيما يتعلق أَيْـضًا بتدمير المساجد بشكلٍ عام، سواءً في القدس، في الضفة، في القطاع:
- في القطاع كانت المساجد في مقدمة الأهداف، التي يحرص العدوّ الإسرائيلي على الاستهداف لها؛ لأنهعدوٌّ للإسلام والمسلمين، وعدوٌ يعادي هذه الأُمَّــة في كُـلّ شيء، يعاديها في دينها، ويسعى ليصادر عليها دنياها، فحسب التقرير السنوي لوزارة الأوقاف الفلسطينية، دمَّر العدوّ الإسرائيلي في قطاع غزة أكثر من (تسعمِئة وستين مسجدًا)، يعني: هي قريبة من أن تبلغ إلى الألف مسجد، في نطاق جغرافي محدود هو قطاع غزة، إمَّا تدميرًا كليًّا، وهذا يشمل معظم المساجد دُمِّرت تدميرًا كليًّا، والبعض منها دُمِّرت على المصلين فيها، وهذا شيءٌ معروف، وأعلن عنه في حينه.
- وكذلك اعتداءات على المساجد في الضفة الغربية، اعتداءات متنوعة: ما بين تدمير بعض المساجد، وما بين الإحراق لبعضها، بما فيها من المصاحف، وَأَيْـضًا الكتابات المسيئة على الجدران، كتابات مسيئة إلى الشعب الفلسطيني، وإلى العرب عمومًا، وإلى المسلمين بشكلٍ عام، وإلى الإسلام نفسه، وهذا ما يستمر فيه الأعداء.
فيما يتعلق بالجرائم الأُخرى في الضفة والقدس، من اقتحامات، وقتل، واختطافات، وتدمير… وغير ذلك: يستمر العدوّ الإسرائيلي في ذلك أَيْـضًا، والاقتحامات شملت القدس المحتلة، وشملت الخليل، وطولكرم، وبيت لحم، وأريحا، ورام الله، وقلقيلية، وجنين، ونابلس، في هذه الاقتحامات يمارس العدوّ الإسرائيلي جرائم القتل، وجرائم الاختطاف، وجرائم التدمير، والتجريف، وهدم المنشآت الفلسطينية، وتخريب البنى التحتية، والإحراق لبعض المنازل، والإحراق للمركبات والممتلكات، وحتى الاعتداء على الماشية، من هذه الاعتداءات المتنوعة: ما ينفِّذه الجيش الإسرائيلي بشكلٍ مباشر، والبعض منه قطعان المستوطنين المغتصبين.
ويستمر العدوّ الإسرائيلي في استخدام كُـلّ الوسائل، بما فيها الطائرات المسيرة، في اعتداءاته على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وحجم الانتهاكات والاعتداءات كثير في الضفة الغربية، وثَّق مركز معلومات فلسطين أكثر من (ثلاثةٍ وخمسين ألف انتهاك)، ارتكبته قوات العدوّ الإسرائيلي، وكذلك المغتصبون الصهاينة، في الضفة الغربية خلال العام الماضي، وتنوعت الانتهاكات ما بين: قتلٍ، وتهجيرٍ، واختطاف، وهدمٍ للمنازل، وتجريف للأراضي، ومصادرة للممتلكات، يعني: عشرات الآلاف من الاعتداءات، بهذا السلوك الذي هو بشكلٍ يومي، بشكلٍ يومي، لا يمرُّ يوم على سكان الضفة الغربية من دون اعتداء من قبل العدوّ الإسرائيلي.
مع ذلك أحد كبار المجرمين الصهاينة يدعو أَيْـضًا إلى إبادة جماعية في جنين، ونابلس، وطولكرم، كالتي في (جباليا) في قطاع غزة، يعني: لا يكفيهم أنهم يرتكبون كُـلّ يوم كُـلّ أشكال الإجرام والاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني، هم تواقون دائمًا لجرائم الإبادة الجماعية، مسرفون في الدماء، هم في منتهى الوحشية، والإجرام، والطغيان، والقسوة.
وللأسف الشديد، مع كُـلّ ما يفعله العدوّ الإسرائيلي، لم تكتفِ السلطةُ الفلسطينية بذلك، حتى تكون هي أَيْـضًا مساهمةً في مأساة ومعاناة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، واستمرت في حملاتها على مخيم جنين، بالاعتداءات المتنوعة، بالحصار أولًا بشكلٍ كامل، ثم بعمليات القنص، وإطلاق النار، والقتل، القتل الذي شمل حتى أطفالًا ونساءً، والاعتقال أَيْـضًا، حملات اعتقال واسعة، وبطريقة مذلة ومؤلمة، وبتعاملٍ قاسٍ ومسيء إلى أبناء الشعب الفلسطيني.
وكذلك انتشرت مشاهد تدل على ممارسة التعذيب، عمليات تعذيب تنفِّذها الأجهزة القمعية للسلطة الفلسطينية، وكذلك إحراق لبعض المنازل، يعني: تقليدٌ للسلوك الإسرائيلي العدواني، واقتدَاء بالعدوّ الإسرائيلي في تلك الممارسات التي هي إجرامية، ومؤسفٌ جِـدًّا أن تكون من قِبَل من يعتبر نفسه في موقع المسؤولية، لخدمة الشعب الفلسطيني، ولحماية الشعب الفلسطيني! معاملات مسيئة ومهينة، بالضرب والإذلال في حالات الاعتقال، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جدًا!
من التصرفات المخزية، والمعيبة، والمؤسفة: قيام السلطة الفلسطينية بتسليم امرأةٍ فلسطينية لقوات العدوّ الإسرائيلي، هذا شيءٌ مسيءٌ جِـدًّا ومعيبٌ للغاية، هذا تجاوزٌ بحق الشرف والكرامة، هذا شيءٌ محزنٌ للغاية! الذي يعتبر نفسه في موقع المسؤولية على الشعب الفلسطيني، وحماية الشعب الفلسطيني، ويقدِّم نفسه كذلك، يقوم هو بتسليم نساء وبنات الشعب الفلسطيني إلى من؟ إلى الأعداء! هذا يتنافى تمامًا مع القيم الدينية، ومع الشهامة، والنخوة العربية، مع كُـلّ القيم الإنسانية، وهو مشاركة أَيْـضًا في الظلم والعدوان على أبناء الشعب الفلسطيني.
استمرار السلطة الفلسطينية في ممارسة الأساليب القمعية، ومشاركتها بذلك مع العدوّ الإسرائيلي، يعود إلى سببَينِ:
- الأول: الاخــــتراق:
ما من شكٍ أن العدوّ الإسرائيلي قد اخترق السلطة الفلسطينية، وأجهزتها القمعية، وأصبح له في مفاصلها، وفي مواقع القرار فيها، والنفوذ فيها، والتأثير فيها، من هو عميلٌ له، يعمل لخدمته، يعمل لمصلحته، وهذا شيءٌ مؤكَّـدٌ، وله شواهد حتى في المراحل الماضية، شخصيات كبيرة في السلطة الفلسطينية سابقًا، اتضح أنها أصبحت عميلة بكل ما تعنيه الكلمة، ومرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي، تُنَفِّذ له أجندته بالعمالة والخيانة ضد الشعب الفلسطيني، وهذا ليس خاصًا بالسلطة الفلسطينية، مما يعتمد عليه العدوّ الإسرائيلي في سياساته، تجاه بقية الأنظمة حتى، الأنظمة العربية، الأنظمة في العالم الإسلامي: أنه يسعى لاختراقها، وفي المقدمة الأجهزة الأمنية، هي في مقدمة ما يسعى العدوّ الإسرائيلي إلى اختراقه، فحالة الاختراق أصبحت واضحة وجلية في واقع الأجهزة القمعية للسلطة الفلسطينية، وهذا يشكل خطرًا على الشعب الفلسطيني، عندما يكون هناك في الأجهزة القمعية تلك، من يعمل بشكلٍ مباشرٍ ومقصود لخدمة العدوّ الإسرائيلي، وتنفيذ أجندته، وهي عدوانية وظالمة، ضد الشعب الفلسطيني، وهذه خيانة عظمى.
- والسبب الثاني: هو الفهم الخاطئ الذي لدى البعض الآخر:
البعض يعمل بعمالة وخيانة، والفهم الخاطئ انظروا كيف يلتقي الفهم الخاطئ مع مسار الخيانة والعمالة، مما يدل على بطلانه، أول دليل على بطلان الفهم الخاطئ، الذي يعتبر المقاومة والجهاد، والتصدي للأعداء، أنه هو السبب في المشكلة معهم وفي عدوانهم، ثم يحمِّل من يتصدى للعدو، ولعدوانه وإجرامه، المسؤولية تجاه ما يفعله العدوّ، فيظلم بذلك ظلمَينِ: ظلم عندما يحمِّل المظلوم مسؤولية ما فعله الظالم، وعندما يعتبر دفاعه عن نفسه، وهو دفاع مشروع، الشعب الفلسطيني يدافع عن النفس، والأرض، والعرض، والدين، ومع ذلك يُحمَّل من يتحَرّك في إطار هذا الحق المشروع، والواجب المقدس، يُحمَّل مسؤولية ما يفعله العدوّ الإسرائيلي، فيحرم من حقه المشروع، ويُحَمَّل -في نفس الوقت- ما يفعله العدوّ، ولا ينظر إليه كمظلوم.
الفهم الخاطئ هذا أَيْـضًا هو منتشر في مساحة واسعة من هذه الأُمَّــة، لدى كثير إن لم يكن كُـلّ الأنظمة العربية تفكر بنفس هذا التفكير، ما عدا استثناءات نادرة، وإلا فمعظم أبناء هذه الأُمَّــة يفكرون هذا التفكير: أن التحَرّك لمواجهة العدوّ، ودفع شره، وعدوانه، وإجرامه، وبغيه، هو سببٌ في أن يحصل ما يحصل من جانب العدوّ، وهذا فهمٌ غبيٌّ بكل ما تعنيه الكلمة، لا يستند إلى الحقائق والوقائع، التي تثبت عكسه تمامًا، مثلما قلنا في الكلمات السابقة: اليهود الصهاينة جاءوا إلى فلسطين منذ البداية لاحتلال فلسطين بشكلٍ كامل، هذا هدفهم، وليس فلسطين فقط، بل وما يسمونهم بـ [إسرائيل الكبرى]، التي تشمل أجزاء واسعة من العالم العربي، ومارسوا منذ اليوم الأول لاحتلالهم العدوان بكل أشكاله: جرائم الإبادة الجماعية، والقتل، والنهب، والاحتلال، والمصادرة، والتعذيب… وكل الممارسات الإجرامية بلا استثناء مارسوها، ويمارسونها بشكلٍ مُستمرّ، وهدفهم لم يتغيِّر، الإسرائيلي لم يغيِّر بعد أهدافه، وليس هناك أي دليل، لأي أحد يتبنى المفاهيم الخاطئة، بأن الإسرائيلي قد غيَّر أهدافه، لا يزال هدفه قائمًا بالاحتلال الكامل لكل فلسطين، لا يزال هدفه قائمًا بالاحتلال لبقية الأجزاء الواسعة من العالم العربي، تحت عنوان [إسرائيل الكبرى]، وهو يعمل على ذلك بشكلٍ مرحليٍّ، ويسعى لتحقيق إنجازات تراكمية، ليصل بها إلى هدفه المنشود، فالفهم الغبي الذي يرى وكأن المشكلة عندما يأتي أحد ليدافع عن نفسه، عن أرضه، عن حقه المشروع، ثم كأن الإسرائيلي ليس لديه أي نيَّة سيئة، وكأنه ليس معتديًا، ولا محتلًا، وكأنه لا يحمل الحقد والعداوة للشعب الفلسطيني، ويسعى إلى السيطرة التامة، حتى لا يبقى للفلسطينيين أي شيء إطلاقًا.
الذي كان يؤخِّر العدوّ الإسرائيلي ما هو؟ بوضوح هناك سببان أَسَاسيان:
- الأول:المقاومة والجهاد.
- والعامل الثاني:النقص الذي يحصل له في تعداد من يسميهم بالمستوطنين [المغتصبين].
هو بحاجة إلى المزيد من المغتصبين؛ لتعزيز حالة الانتشار في بؤر استيطانية، يغتصب بها المزيد من الأراضي، ويمتد إلى بقية المناطق، ومعه مشكلة في قلة عدد اليهود، لم يتوفر له العدد اللازم، للانتشار في كُـلّ المساحة الجغرافية التي يريد الانتشار فيها؛ ولـذلك هو يسعى باستمرار إلى استقدام المزيد من اليهود، وانتشارهم في بؤر استيطانية جديدة وتوزيعهم فيها.
الشيء المؤسف، ومن المفارقات العجيبة جِـدًّا، في الموقف لدى اليهود الصهاينة، ولدى الكثير من أبناء أمتنا، ولدى البعض في فلسطين نفسها، هو: أن اليهود الصهاينة يلتفون حول من يعتبرونهم أقوياء في مواقفهم ضد العرب، ضد الشعب الفلسطيني على وجه الخصوص، وبقية الشعوب العربية معه، فمن يرونه من أكابر مجرميهم أكثر تشددًا، وأكثر عدوانيةً، ويحمل رصيدًا إجراميًّا من جرائم الإبادة الجماعية، ويرون مواقفه أكثر جِدِّيَّةً في إطار العمل لتنفيذ هدفهم الكبير، يلتفون حوله أكثر، ويحظى في أوساطهم بشعبيّة أكبر؛ ولـذلك كان معظم مجرميهم، الذين وصلوا إلى مسمى رئيس وزراء، يعني: في موقع المسؤولية الأول عندهم، هم ممن كانوا على رأس عصابات إجرامية، ترتكب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وهذا معروف يعني، هناك على سبيل المثال: إسحاق رابين، إسحاق شامير، شارون… وآخرين أَيْـضًا، فأولئك حظوا بشعبيّة كبيرة، لماذا؟ لأنهم يروون فيهم أنهم أكثر قوة ضد العرب، وأكثر عدوانية ضد العرب، ضد الشعب الفلسطيني وغيره، وبهذا كانوا يلتفون حولهم أكثر، ويتفاعلون معهم أكثر، يحظون بأصوات أكثر، حتى من تسمى الآن بالحكومة، الحفنة من المجرمين، من كبار المجرمين، الذين هم الآن يقودون العدوّ الإسرائيلي، هم حظوا بنفوذ أوسع، وشعبيّة أكثر، ووصلوا إلى تلك المواقع في قيادة العدوّ الإسرائيلي، لماذا؟ لأنهم معروفون بأنهم أكثر تطرفًا، وعدوانية، وتشددًا، ضد من؟ ضد الشعب الفلسطيني، وضد العرب بشكلٍ عام؛ ولـذلك هناك تصريحات لهم: ما يسمى بوزير مالية، ما يسمى بوزير اتصالات، ما يسمى بوزير آمن… بمختلف مواقعهم تلك، تصريحات تبيِّن طبيعة توجّـهاتهم، أنهم من الأكثر حقدًا، وعداءً، وعدوانيةً على العرب، وفي المقدمة الشعب الفلسطيني.
في المقابل، من يبرز من أبناء الشعب الفلسطيني، ومن أبناء هذه الأُمَّــة، وهو أكثر قوةً في مقام الدفاع، في مقام الحفاظ على الحق المشروع لهذه الأُمَّــة، والدفاع عنها، ومواجهة أولئك الأعداء، الذين هم عدوٌ خطيرٌ بالغ الخطورة على أمتنا في كُـلّ شيء، في: أرضها، وعرضها، وثرواتها، وأمنها، واستقلالها، وحريتها، وكرامتها، وشرفها، ودينها، ودنياها، يحارب من قِبَل الكثير من أبناء الأُمَّــة، يساء إليه، البعض من الأنظمة تصنِّفه في قوائم الإرهاب، لماذا؟!؛ لأَنَّه قويٌّ في مواجهة أولئك المعتدين، المجرمين، يحمل رؤية التصدي لإجرامهم، والدفع لشرهم، والتصدي لخطرهم، وبمقدار ما هو قويٌّ في إطار الموقف الحق، وليس الموقف العدواني، في إطار الموقف الحق، المشروع، والتمسك الجاد بالقضية العادلة؛ بقدر ما يتَّجهون إلى حملات كبيرة جِـدًّا من الإساءة إليه، والتشويه له ليل نهار؛ ولـذلك هناك نشاط إعلامي دعائي سيء ومسيء من البعض في فلسطين، من البعض من الأنظمة العربية، التي تتجه اتّجاه ما يسمونه بـ [التطبيع]، يعني: العمالة للعدو الإسرائيلي وللأمريكي، وهم في حملات لا تتوقف أبدًا، حملات على مدار الأربعة وعشرين ساعة، كلها سب، شتم، تشويه، افتراء… إساءَات متنوعة جِـدًّا، ضد من؟ ضد من يقف بوجه العدوّ الإسرائيلي، لمواجهة شرِّ العدوّ الإسرائيلي، وإجرامه، وطغيانه، وظلمه، وبغيه، من يقف عائقًا أمام العدوّ الإسرائيلي في أن يسرع بإنجاز ما يسعى لإنجازه، من: احتلال الأرض، والهتك للعرض، والسيطرة التامة على كُـلّ شيء، [لماذا لا تفسحوا له الطريق؟ لماذا لا تسكتوا، وتجمدوا، وتتوقفوا عن أية إعاقة أَو عرقلة للعدو الإسرائيلي؟]، وهذا شيءٌ مؤسفٌ جِـدًّا، ويعود إلى فهمٍ خاطئ، فهمٍ خاطئ!
عندما ذهب المجرم [نتنياهو] إلى الكونغرس في أمريكا، كم وقف له أعضاء الكونغرس الأمريكي، بما ليس له سابقة في تاريخ أمريكا، لماذا؟ لأنه أقبل إليهم برصيدٍ إجراميٍّ أكبر، يتفاخر بأنه الأكثر إجرامًا ممن قد سبقه من مجرمي الصهاينة، وهم لتفاعلهم مع ذلك، ولارتياحهم أكثر لمن قد قتل من العرب أكثر من غيره، ومن أباد من الأطفال والنساء، والكبار والصغار، أكثر من غيره، وتفنن في الإجرام والعدوان أكثر من غيره، هم له أكثر احترامًا وتقديرًا، ويحظى بتقديرٍ غير مسبوق.
أمَّا في جانب الحق، والموقف الحق، والقضية العادلة، والتضحية الشريفة، فهناك النبزُ والإساءة، ويتحوَّلُ الإعلام لدى البعضِ من الأنظمة إلى همَّازٍ لمَّاز، هُمَزَة لُمَزَة، لا شغل له إلَّا السَّبِّ والتشويه، وحملات الدعاية المسيئة، وهذا شيءٌ عجيب!
في لبنان أَيْـضًا يستمرُّ العدوُّ الإسرائيلي في الخروقات لاتّفاق وقف إطلاق النار، ويستمر في أنواع من الاعتداءات، التي تشمل:
- القصف والتمشيط الناري لبعض القرى.
- التدمير والنسف لبعض المنازل.
- الانتهاك المُستمرّ للأجواء اللبنانية، بالطيران المعادي الإسرائيلي.
الإسرائيلي مهما فعل في جنوب لبنان، وفي العدوان على لبنان، هو فاشل، هو فشل في تحقيق هدفه المعلن في القضاء على حزب الله، وحزب الله بقي حاضرًا في الساحة اللبنانية حضورًا قويًّا، وهو يتعافى ويقوى أكثر فأكثر؛ لـذلك بقي جبهةً ثابتةً، متجذِّرة، صُلبةً وقوية في مواجهة العدوّ الإسرائيلي.
والعدوّ الإسرائيلي مع الأمريكي جنبًا إلى جنب، وللأسف الشديد بتعاون بعض الأنظمة العربية، يعملون على الوضع الداخلي اللبناني، على المشهد السياسي، لاسيَّما مع اقتراب انتخاب رئيس للدولة اللبنانية، يحاولون التأثير في اختيار من يأتي؛ ليكون عميلًا لهم، هذا هو المهم بالنسبة لهم، ومعاديًا للمقاومة في لبنان، وليس مخلصًا لشعبه، يتآمرون بشكلٍ عام على الوضع الأمني، ومن ذلك: المضايقات التي تحصل في المطار (في مطار بيروت)، وهكذا سيتَّجهون إلى أشكال كثيرة من المحاولة لإثارة الفوضى في الداخل اللبناني.
ولذلك هناك مسؤولية كبيرة على كُـلّ الفرقاء في لبنان، ليكونوا واعين، ومدركين، ومؤْثرين لمصلحة بلدهم واستقراره، بدلًا من توجّـه البعض لخدمة العدوّ الإسرائيلي، فيما له عواقب سيئة حتى عليهم هم، لا تتصور بعض القوى أنها عندما تحاول أن تستثمر الظروف الراهنة، وأنها ستتكئ بظهرها إلى الأمريكي لتفعل ما بدا لها هناك، ليست الأمور في المستوى الذي يتصوَّرون.
حزب الله قوة متجذِّرة حاضرة في لبنان؛ ولذلك من يتآمر، ويمكر، ويلعب، هو يجلب الضرر على نفسه، وليس فقط يؤثِّر على مستوى الاستقرار في الساحة اللبنانية، فالمصلحة الحقيقية لكل اللبنانيين، للبنان بشكلٍ عام، هي: في إيثار مصلحة الاستقرار الداخلي، التي هي مصلحة لبنانية حقيقيَّة.
فيما يتعلَّق بسوريا: يستمر العدوّ الإسرائيلي أَيْـضًا في عدوانه على سوريا بالغارات الجوية، واستهدف بعضًا من المعامل المتبقية، كما يقولون: (ما بقي في العروق بعد الذبح)، يلحق ما بقي، إذَا اكتشف أنَّ هناك معملًا للبحوث العلمية، أَو مركزًا للبحوث العلمية وللدفاع، استهدف البعض منها كذلك في ريف حلب الشرقي، وغارات أُخرى نفَّذها أَيْـضًا في ريف دمشق، يستهدف بها هناك أهدافًا معينة.
يسعى العدوّ الإسرائيلي أَيْـضًا إلى تثبيت سيطرته، في المناطق التي اجتاحها واحتلها مؤخّرًا، وهذا مما يدلل على أنَّه لا يريد البقاء فقط مؤقتًا كما يقول البعض، هو يتَّجه لتثبيت سيطرة، وصرَّح بعض من يسميهم بالوزراء فيه، في كيانه الغاصب المحتل، صرَّحوا إلى أنَّه ليس هناك حَــدّ زمني، حَيثُ احتلوا وسيطروا في سوريا، المسألة مرتبطة بالمصلحة الإسرائيلية، والمصلحة الإسرائيلية معروفةٌ ما هي: الاحتلال والسيطرة لكل ما هو حقٌّ للآخرين، والنهب له عليهم.
هو يسعى لتثبيت سيطرته، استقدم المزيد من التعزيزات العسكرية، عَمِلَ على -كذلك- إنشاء التحصينات، وعَمِل على استقدام البيوت الجاهزة… وغير ذلك، امتد إلى مناطق جديدة، وصل إلى سد المنطرة، أكبر سد في جنوب سوريا، وهو من جهة، والأمريكي أَيْـضًا من الجهة الأُخرى، الأمريكي يغتنم الفرصة، يعزز من انتشاره واحتلاله وسيطرته في المزيد من المناطق في شرق سوريا: في الحسكة، والرقة، ودير الزور، ويقيم قواعد عسكرية جديدة، ويسعى لأن يكون هناك أَيْـضًا في موقع الاستقطاب والتأثير، يعني: من الأشياء المحزنة في سوريا، أنَّ الأمريكي يحمي قواعده العسكرية، ويحمي منابع النفط التي سيطر عليها ويقوم بسرقتها، بحراس من أبناء الشعب السوري، من المرتزِقة، يستقطبهم وتكون الوظيفة والمهمة الأَسَاسية لهم هي: حماية القواعد الأمريكية المحتلة لبلدهم، وهذا ما يريده الأمريكي في بقية البلدان العربية، يتحوَّل الدور الوظيفي للعربي، هو بهذه الأشكال:
- من يقاتل مع الأمريكي.
- من يحرس القواعد الأمريكية التي تحتل وطنه، وتسرق وتنهب ثروات بلده.
- من يكون بوقًا إعلاميًّا يدافع عن الأمريكي، ويبقى يسب، ويشتم، ويفتري، ويكذب ليل نهار ضد من يتصدى للأمريكي وللإسرائيلي.
وبقية الأدوار المشابهة.
الأمريكي والإسرائيلي لن يكتفيا في سوريا بالاحتلال، على المناطق التي يتوسعان فيها باستمرار، وبقضمٍ تدريجي، ويعززان سيطرتهما بالبنية التحتية، والإنشاءات، والتحصينات… وغير ذلك؛ إنما -بالتأكيد- سيحرصان على التغلغل في واقع سوريا الداخلي، يعني: الاستقطاب للجواسيس، للخلايا التخريبية، للخلايا التي تستهدف الشعب السوري أمنيًّا؛ لإثارة الفتن، وتفكيك المجتمع السوري من الداخل، وسيستثمران بعض السياسات الغبية، التي تتصرف بشكلٍ سلبي تجاه الأقليات، الأمريكي والإسرائيلي كُـلّ منهما يحاول أن يُظهِر نفسه أنَّه مستعدٌّ بتقديم الحماية للأقليات في سوريا؛ ولـذلك من الخطأ الجسيم أن تكون هناك سياساتٌ سلبية في سوريا ضد الأقليات، هذه خدمة مجانية للأمريكي والإسرائيلي، ينبغي لأبناء سوريا بكلهم أن يتَّحدوا في حماية وطنهم من الأمريكي والإسرائيلي.
هناك أَيْـضًا فيما يدلل على طبيعة التوجّـهات الإسرائيلية، والأطماع الإسرائيلية والأمريكية؛ لأَنَّ كلًا من الأمريكي والإسرائيلي -وهما وجهان لعملة واحدة، ويتحَرّكان معًا في اتّجاه واحد، ومشروع واحد- كُـلّ منهما طمَّاع، طامعٌ جِـدًّا في منتهى الطمع والجشع، للسيطرة على منطقتنا العربية؛ لنهب ثرواتها، للسيطرة على أهلها، لتدميرهم، لاستغلالهم، لإذلالهم، لامتهانهم، لاستعبادهم وقهرهم، والاستفادة منهم كحيوانات -مثلما يصنِّفونهم- بكل أشكال الاستفادة.
ولـذلك انتشرت في هذه الأيّام خريطة جديدة نشرها العدوّ الإسرائيلي، بالتزامن مع تصريحات مستفزة أَيْـضًا، الخريطة شملت مناطق في لبنان، وسوريا، والأردن، طبعًا قبلها خرائط، وهي خرائط مرحلية، يعني: هناك خريطة يتشبَّث بها العدوّ الإسرائيلي، يعتمدها، هي ما يسميها بـ [خريطة إسرائيل الكبرى]، وهناك خرائط مرحلية، بمعنى: الخريطة التي نشرها مؤخّرًا أنها خريطة مرحلية، وتنشرها جهات رسمية، تعبِّر عن العدوّ الإسرائيلي بشكل رسمي، وتصريحات ممن هم في جهات رسمية بمسمى وزراء.
استفزت هذه التصريحات البعض من المسؤولين في الأردن، وكان لهم تعليقات عليها، لكن من المهم جِـدًّا أولًا في هذه البلدان، يعني: في لبنان، وسوريا، والأردن، وفلسطين أَيْـضًا، أن يفهم الجميع أنَّ الإسرائيلي يحمل فعلًا هذا التوجّـه العدواني، الطامع بلا شك في السيطرة والنهب لكل هذه البلدان وما فيها؛ ولـذلك مثل هذه الخريطة التي هي مرحلية، عدوانية جِـدًّا، ومستفزة، لكن الإسرائيلي بالفعل يطمع في أن يسيطر على كُـلّ تلك المناطق، والأمة في مقابل الطمع الأمريكي، والجشع الأمريكي، والجشع والطمع الإسرائيلي العدواني، لا بُـدَّ لها لكي تحميَ نفسَها، وتحمي أرضها، وتحمي ثرواتها، وتحافظ على وضعها لتكون أُمَّـة مستقلةً، حرةً، عزيزة، أن تكون في موقع المنعة، المنعة والقوة، والتوجّـهات التي تدفع بها عن نفسها هذا الخطر.
فالعدوّ الإسرائيلي، ومعه الأمريكي، ليست المسألة معهما هي مسألة استفزاز، حتى في الوقت الذي ليس هناك استفزاز، يعني: التوجّـه الرسمي السائد في الأردن، التوجّـه الرسمي السائد في سوريا الآن، ليس توجّـهًا معاديًا للإسرائيلي، يعلن العداء له، بل في الأردن هناك اتّفاقات سلام، وسياسة تتبنى منطق عدم المواجهة لـ “إسرائيل”، ولا الدخول في صراع مع العدوّ الإسرائيلي، مع ذلك لم تنفع هذه السياسة في أن يغيِّر الإسرائيلي في المقابل سياسته، ويتخلى عن أطماعه، لا يزال مصرًا على أطماعه، وعلى سياسته العدائية، وهذا واضح في تصريحات رسمية، ومواقف واضحة، كذلك الحال تجاه سوريا، الحال تجاه لبنان معروفٌ أَيْـضًا، فالإسرائيلي والأمريكي كُـلّ منهما طامع، وكلٌّ منهما يتَّجه بعدوانية بخطط عملية، وفق تلك السياسات التي يعبِّرون عنها لتحقيق أهدافهم العدوانية، الاستعمارية، الطامعة، تجاه هذه الأُمَّــة.
ولـذلك ينبغي أن تكون أمتنا في الموقف الفعلي الحقيقي ضد العدوّ الإسرائيلي، ضد العدوّ الإسرائيلي، بما يردعه عن تحقيق أطماعه؛ لأن تبني سياسات أُخرى:
- سياسة الاستسلام لن تجديها شيئًا، التخاذل والاستسلام لا فائدة لها أبدًا لردع الأمريكي والإسرائيلي تجاه تلك الأطماع.
- وكذلك التعاون مع الأمريكي والإسرائيلي، هو إسهام في تمكينهما من تحقيق أهدافهما بأقلِّ كلفة، ولذلك هي سياسات خاطئة جِـدًّا.
يفترض بأمتنا أن تكون بادئ ذي بدء في الموقف الفعلي، القوي، الصحيح، ضد العدوّ الإسرائيلي، لنصرة الشعب الفلسطيني، الذي هو في الخندق الأول، كلما وقفت هذه الأُمَّــة بمختلف شعوبها وبلدانها، وفي البدء البلدان المحيطة بفلسطين بشكلٍ أقوى مع الشعب الفلسطيني؛ هي تحمي نفسها بذلك، وهي تؤجِّل -على الأقل- تؤجل المخاطر التي تتهددها، لو قد فرغ العدوّ الإسرائيلي، واستكمل معركته في فلسطين بشكلٍ نهائي لا سمح الله؛ كان سيتفرَّغ لتلك البلدان، وكان خطره عليها سيكون أكبر بكثير مما هو في ظل الظروف الراهنة، التي هو منشغلٌ فيها بالمواجهة مع المجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني، الأحرار، الأعزاء، الصامدين، لكن في ظل الظروف الراهنة، والسياسة القائمة لدى معظم الأنظمة العربية، والتي هي سياسات تشجِّع العدوّ الإسرائيلي، تسكت، وبعضها تتواطأ معه ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ولا ترقى إلى مستوى موقف بعض البلدان غير العربية، وغير المسلمة.
يعني: كان في هذا الأسبوع من المواقف التي ظهرت في بلدان أُخرى، لا هي عربية، ولا هي من ضمن العالم الإسلامي، مواقف أكثر جرأة، وسبقها مواقف كذلك أُخرى، مثلما هو الحال في البرازيل، في البرازيل كان هناك تحَرّك لمواقف قضائية ضد الجنود الإسرائيليين، المجرمين الإسرائيليين الذين يذهبون إلى البرازيل بهدف النزهة والسياحة، كان هناك تحَرّك قضائي لملاحقتهم، وأمتدَّ هذا إلى بلدان أُخرى، مثلما هو الحال أَيْـضًا في تشيلي، وسريلانكا، وهذا عملٌ متقدِّم، وموقفٌ جريء، يجعل العداء والمجرمين الصهاينة في حالة خوف من السياحة في معظم البلدان، يلاحقهم الخوف إلى معظم البلدان، يشعرون بالحصار والعزلة، هذه الخطوة لا تجرؤ على مثلها بعض الأنظمة العربية، ولو في هذا المستوى من الموقف، وهذا شيءٌ محزن!
النَّجاة هي في الموقف الصحيح، هي في التحَرّك الواعي، المسؤول، هي في الجهاد في سبيل الله تعالى؛ ولـذلك نشاهد الفاعلية العالية، والصمود العظيم لإخوتنا المجاهدين في قطاع غزة، في كتائب القسام، وسرايا القدس… وبقية الفصائل المجاهدة في القطاع، وهم يستمرون بعد خمسة عشر شهرًا من العدوان الإسرائيلي الشامل، المدمر، والحصار الطويل منذ عقود، والخذلان العربي، يستمرون في عملياتهم المنكِّلة بالعدوّ الإسرائيلي.
كتائب القسام نفَّذت في هذا الأسبوع أكثر من عشر عمليات منكِّلة بالعدوّ، متنوعة:
- منهاالاشتباك المباشر من مسافة الصفر.
- منهاتدمير آليات للعدو الإسرائيلي.
- منهاقصف للمغتصبات في ما يسمى بغلاف غزة.
من العمليات النوعية لكتائب القسام في هذا الأسبوع: الاستهداف لمروحية أباتشي بصاروخ وسط قطاع غزة.
عمليات أَيْـضًا لسرايا القدس، التي تنوَّعت ما بين تفجير عبوات ناسفة، واشتباك مباشر، وقصف صاروخي لمغتصب [سديروت]، تسببت في أضرار، وفزع كبير في وسط المغتصبين الصهاينة.
هناك أَيْـضًا عمليات في الضفة الغربية، منها: عملية بطولية شرق قلقيلية، ألحقت خسائر قتلى وجرحى في صفوف العدوّ.
هذه العمليات الجهادية البطولية، هي التي أعاقت العدوّ الإسرائيلي عن تنفيذ أهدافه، بدءًا بأهدافه في قطاع غزة، ما الذي يريده العدوّ الإسرائيلي حتى ما قبل كُـلّ هذه الجولة من التصعيد في قطاع غزة؟ يريد أن يسيطر عليها بشكلٍ كامل، في الضفة كذلك، في البلدان العربية المجاورة الأُخرى كذلك، ويمتد إلى ما هو أكثر، هذا ما ينشده العدوّ الإسرائيلي ويسعى له، لكن تمثل هذه العمليات، وهذا الصمود العظيم، أكبر عائق أمام العدوّ الإسرائيلي.
فواجب المسلمين أن يدعموا بكل أشكال الدعم هؤلاء المجاهدين في قطاع غزة، وفي فلسطين، أن يقفوا مع القضية الفلسطينية وقفةً جادة، هذا لمصلحتهم، والأمة تتحمل مسؤولية كبيرة تتعاظم، وتتعاظم تبعات التفريط فيها، كلما طال أمد الإجرام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.
تلك المأساة الكبيرة والمظلومية، التي لا مثيل لها، لا يعفي العرب تنصُّلهم عن المسؤولية في تحمُّل التبعات، والآثام، والعواقب الخطيرة في الدنيا والآخرة، ويوم القيامة، كلما تنصَّلوا عن المسؤولية، وتجاهلوا؛ لا يفيدهم ذلك.
الوعيد الإلهي حتى في الدنيا، {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24]، والحالة الخطيرة عندما يصبح العدوّ فيها مسلَّطًا على أنظمة وعلى شعوب تخاذلت، وفرَّطت في مسؤولياتها.
الأمريكي، كان هناك تصريحات لـ [ترامب] في هذا الأسبوع: بفتح أبواب الجحيم، إذَا لم يتم الإفراج عن أسرى العدوّ الإسرائيلي قبل وصوله إلى البيت الأبيض، طبعًا هو تصريح طغيان، وتكبر، وعنجهية، وغطرسة، وهكذا هو السلوك الأمريكي: سلوك استكبار، سلوك طغيان، وكذلك غطرسة على المستضعفين وعلى الشعوب الأُخرى، ولكنه لن يكسر من إرادة الشعب الفلسطيني ومجاهديه.
الأمريكي يعرف، ويعرف غيره، وحتى الإسرائيليون يعرفون أَيْـضًا، أنَّ المتعنِّت في كُـلّ جولات التفاوض فيما يتعلَّق بتبادل الأسرى، ووقف العدوان على غزة، وإنهاء المشكلة هناك، أَو المواجهة في هذه الجولة، هو: الإسرائيلي، وهو المجرم [نتنياهو] بالدرجة الأولى، حتى المظاهرات التي تخرج في يافا المحتلة وفي غيرها، من قِبَل الإسرائيليين أنفسهم، وتصريحات الكثير من الشخصيات الإسرائيلية، هي تصرِّح بأنَّ التعنُّت هو من قِبَل [نتنياهو]، وهذه مسألة معروفة.
حركة حماس قدَّمت مرونةً كبيرة في كُـلّ جولات التفاوض، وأسقطت كُـلّ الذرائع والتبريرات لدى الأمريكي والإسرائيلي، وقدَّمت تنازلات كبيرة في هذا السياق، لكن دون مستوى التفريط بقطاع غزة، وبالشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لكن تنازلات كبيرة جِـدًّا، ومرونة واسعة، وبقي التعنُّت من قِبَل المجرم [نتنياهو]، الأمريكي يعرف ذلك.
فيما يتعلَّق بجبهة الإسناد في يمن الإيمان والحكمة والجهاد:
- العمليات العسكرية أولًا:
استمرت هذا الأسبوع بالاستهداف بالصواريخ الفرط صوتية، والطائرات المسيَّرة، لأهداف تابعة للعدو الإسرائيلي في عمق فلسطين المحتلة، إلى يافا المحتلة، وإلى عسقلان المحتلة أَيْـضًا، حَيثُ تم استهداف محطة كهرباء فرعية شرقي يافا المحتلة، والثانية محطة كهرباء [أوروت رابين] جنوب حيفا المحتلة، وكذلك عمليات متعددة بالطائرات المسيَّرة.
هناك تأثير كبير للعمليات التي ينفِّذها بلدنا:
- أولًا: في حالة الرعب، القلق والهلع، الحالة النفسية، والحرب النفسية، والصدمة النفسية ضد العدوّ الإسرائيلي، وهذه حالة واضحة فيما يتعلَّق بالمغتصبين في يافا وغيرها، تتسع الدائرة لحالة الهلع، والفزع، والرعب الشديد، والقلق، والاضطراب الكبير، مع دوي صفارات الإنذار في أكثر من (مائتين وأربع وثلاثين مدينة وبلدة من المغتصبات في فلسطين)، يعني: أكثر من نصف الصهاينة اليهود يهربون إلى الملاجئ، يقومون من على أسرَّة نومهم وفراش نومهم للهروب نحو الملاجئ، أكثر من نصف، أَو ما يقارب نصف المغتصبين في فلسطين من اليهود الصهاينة.
- هناك أَيْـضًا قلق كبير لدى العدوّ الإسرائيلي؛ نتيجةً لفشله في التصدي للصواريخ التي تطلقها القوات المسلَّحة اليمنية.
العدوّ الإسرائيلي، وبحوزته أنظمة دفاع جوي متطوِّرة، ليست بحوزة غيره في المنطقة بكلها، وكثيرة، وطبقات متعددة، ولكنه يفشل في التصدي للصواريخ، ويفشل في إسقاطها، حتى في صاروخ فجر الجمعة، عندما زعم العدوّ الإسرائيلي أنَّه اعترضه، أظهرت مشاهد الفيديو وصوله بشكلٍ واضح، هذا الفشل يؤثِّر على العدوّ الإسرائيلي، يقلقه كثيرًا، ويمثِّل مشكلةً عليه.
- أيضًا لديه مشكلة في الصواريخ الاعتراضية: أولًا:في كلفتها المالية، البعض منها قيمة الصاروخ (أربعة مليون دولار)، ومشكلة في شظاياها؛ لأنه يضطر إلى إطلاق الكثير من الصواريخ في مناطق متعددة، وهذا حصل في مرَّات متكرّرة، يطلق في مناطق كثيرة الصواريخ الاعتراضية، التي تفشل، وتنفجر، وتتساقط شظاياها على نطاق واسع، في بعض الأحيان على مسافة ثمانين كيلو، تتساقط وتتناثر شظايا تلك الصواريخ، وتمثل مشكلةً بنفسها.
- هناك تأثير على العدوّ الإسرائيلي فيما يتعلَّق بحركة الطيران في مطار [بن غوريون]؛ لأَنَّه يضطر إلى توقيف الرحلات أثناء العمليات، وهذا أثَّر على قرار الكثير من شركات النقل الجوي في العودة إلى الرحلات هناك.
- وهناك تأثير أَيْـضًا على اقتصاده، وهذا شيءٌ واضحٌ ومعروف.
هذا فيما يتعلق بالعدوّ الإسرائيلي.
في هذا الأسبوع أَيْـضًا كان هناك اشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية [ترومان] هو الثالث، وهو السادس بشكلٍ عام للاشتباك مع حاملات الطائرات، وتزامن أَيْـضًا للمرة الثالثة مع الترتيب الأمريكي لتنفيذ عمليات عدوانية كبيرة على بلدنا، تمَّ إفشالها بمعونة الله تعالى، الاستهداف كان بالصواريخ والطائرات المسيَّرة.
طبعًا برز في هذا الأسبوع إنجاز تكتيكي للأمريكيين عسكريًّا، وهو ماذا؟ الإنجاز التكتيكي هو في تطوير عمليات الهروب سريعًا، أصبح لديهم مهارة في هذا بالنسبة لحاملة الطائرات [ترومان]، حَيثُ هربت على الفور وبشكل سريع، وعادت على الفور أَيْـضًا كُـلّ التشكيلات من الطائرات الحربية، التي كانت قد أقلعت من فوقها لتنفِّذ مهام عدوانية، عادت كذلك على الفور، وانعطفت وغيَّرت مسارها، وهربت باتّجاه أقصى شمال البحر الأحمر، طبعًا مثل هذه الإنجازات غير محبَّذة: الهروب السريع، والمغادرة على الفور.
طبعًا كان لدينا الكثير من التصريحات والاعترافات الإسرائيلية والأمريكية، لكن لا نريد أن نطيل في الكلمة أكثر، وسنترك مهمتها للإخوة في وسائل الإعلام؛ لأنها كثيرة.
فيما يتعلَّق بالتأثير على الوضع الاقتصادي على العدوّ الإسرائيلي، وهو تأثير مهم، وتحدثنا عنه في كلمات كثيرة، لكن من المهم أن نلفت النظر إلى أنَّه في هذا الشهر، ومع هذا العام الميلادي الجديد، اتَّجه العدوّ الإسرائيلي مرغمًا -بفعل العمليات التي أسهمت إسهامًا كبيرًا في البحر، والاستهداف له إلى العمق، والتأثير في موقف الحرب على وضعه الاقتصادي- إلى رفع الأسعار بشكل كبير، يعني: هناك في التوصيفات الإعلامية الإسرائيلية لارتفاع الأسعار عندهم، بأنه [تسونامي]، [تسونامي] ارتفاع الأسعار في مختلف السِّلع والخدمات العامة، وهذا له تأثير -كما يقولون في وسائل الإعلام الإسرائيلية- على كُـلّ أسرة من المغتصبين الصهاينة.
هناك استمرارٌ في الهجرة العكسية، غادر خلال العام أربعة وعشرين أكثر من (اثنين وثمانين ألف مغتصب)، هناك إفلاس للشركات الاقتصادية، إغلاق (خمسين ألف شركة) خلال العام أربعة وعشرين، هذا فيما يتعلَّق بالوضع الإسرائيلي.
فيما يتعلَّق أَيْـضًا بجانب آخر من جوانب المواجهة: كان هناك إنجاز أمني في هذا الأسبوع، وهو: اعتقال شبكة تجسس بريطانية، هذا الإنجاز الأمني مهم، والحمد لله هناك إنجازات أمنية كثيرة، وفي المقابل هناك فشل كبير للأعداء فيما يتعلَّق بالجانب الأمني، والميدان الأمني ميدان مهم جِـدًّا، الأعداء يحاولون الاستهداف للشعب اليمني بكل أشكال الاستهداف: عسكريًّا، وأمنيًّا، واقتصاديًّا، وسياسيًّا، وإعلاميًّا، وها نحن نجد بكل وضوح -بفضل الله تعالى، وعونه، ونصره، وتوفيقه- أنَّهم يفشلون في كُـلّ المجالات إلى حَــدّ كبير، وأنَّ هناك صمودًا، وثباتًا، وتماسكًا، ونجاحًا يتحقّق لشعبنا العزيز.
- فيما يتعلَّق بالأنشطة الشعبيّة:هناك أنشطة متنوعة:
في مقدِّمة هذه الأنشطة ومن أهمها: الوقفات القبلية على نطاق واسع، وتميزت بالحضور القوي، تخرج قبائل اليمن العزيزة، الأبيَّة، الوفيَّة، بسلاحها، وهي تمتلك أنواع من السلاح، من السلاح المهم، قبائل اليمن مسلَّحة بكلها، تخرج بسلاحها، برجالها، تعبِّر عن الموقف الجاد والصادق، في الثبات على نصرة الشعب الفلسطيني، والموقف تجاه أي مستوى من التصعيد يستهدف بلدنا، ويتَّضح قوة الموقف:
- سواءً فيمستوى هذه الوقفات وزخمها في مختلف المحافظات، وما يحمله أبناء شعبنا العزيز في قبائله الحُرَّة، العزيزة، الوفيَّة، الأبيَّة، من قيم إيمانية، وشجاعة، وصمود، وثبات، وعِزَّة، وإباء، وإمْكَانات قتالية، ومهارة قتالية.
- تبرز أَيْـضًا الكلمات القوية، البيانات القوية، الصريحة، الواضحة، وبحمد الله تعالى قبائل اليمن هي قوة عسكرية جاهزة، قوة عسكرية جاهزة، تمتلك المهارة القتالية، الخبرة القتالية، وهي العمود الفقري للمجتمع اليمني، تمثل النَّواة الصلبة المتماسكة في كُـلّ الظروف والمراحل.
هناك أَيْـضًا أنشطة التعبئة في التدريب، وبلغت مخرجاته أكثر من (ثمانمِئة ألف متدرب)، وَإذَا أضفنا إلى هذا الرقم القوة النظامية، التي حظيت بتدريب بمستويات أكبر، ومن حظوا بالتدريب، فهذا يفوق عدد المليون بكثير، بكثير.
هناك أَيْـضًا الندوات، الوقفات، الأمسيات، التي هي بمئات الآلاف، في إطار نشاط مكثّـف توعوي وتعبوي؛ ولـذلك فشعبنا على مستوى الوعي، والبصيرة، وقوة الموقف، والروح المعنوية الإيمانية، على مستوى عالٍ، وفي جهوزية عالية وكبيرة بحمد الله تعالى.
فيما يتعلَّق بالمظاهرات والخروج المليوني الأسبوعي: قبل أن نتحدث عن خروج شعبنا، نوجز الحديث عن التظاهرات التي خرجت في بلدان كثيرة من العالم، في خمسة عشرة دولة، لكن على مستوى العالم العربي حالات نادرة جِـدًّا، لكن في شعبنا العزيز خروج الشعب اليمني بزخم هائل جِـدًّا، خروج مليوني بكل ما تعنيه الكلمة، وبشكلٍ مُستمرّ في كُـلّ أسبوع بتوفيق الله تعالى، في الأسبوع الماضي في المناسبة المباركة والمقدَّسة: (جمعة رجب)، كان الخروج هائلًا، وعظيمًا، ومشرِّفًا، وكبيرًا، يرفع الرأس، ويبيِّض الوجه لهذا الشعب يوم يلقى رسول الله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ” في يوم القيامة، كان الخروج في (سبعمِئة وسبع وخمسين ساحة)، خروجًا لا مثيل له أبدًا، خروجًا عظيمًا ومشرِّفًا.
في جمعة رجب جدَّد شعبنا العزيز العهد لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ”، بالثبات والاستمرار في حمل راية الإسلام والجهاد، امتدادًا للنهج الإيماني، والموقف الإيماني، الذي كان عليه الآباء والأجداد الأوائل، الذين نصروا رسول الله، وحملوا معه راية الإسلام، يوم تنصَّلت عن ذلك كُـلّ القبائل والبلدان العربية.
شعبنا العزيز بمصداق انتمائه الإيماني، المتجسِّد في موقفه، في ثباته، في نصرته، في قيمه، في تمسُّكه بالحق، في شجاعته وعزته الإيمانية، هو يؤكّـد استمراريته ومواصلته في هذا الطريق، بثقةٍ بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.
موقف شعبنا العزيز، وخروجه المليون الأسبوعي، وتكامله مع الموقف الرسمي، مع العمليات العسكرية، مع كُـلّ الأنشطة والتحَرّك في كُـلّ المجالات، قدَّم صورةً رائعةً جِـدًّا عمَّا ينبغي أن تكون عليه كُـلّ البلدان العربية، وَأَيْـضًا مثَّل ذلك خيبة أمل كبيرة للأعداء، ينظرون إلى ساحة داخلية قوية، محصَّنة، متماسكة، ثابتة، مُستمرّة، يصعب على الأعداء اختراقها، أَو التأثير فيها، وخيبة أمل الأعداء كبيرة تجاه ذلك.
كان لا يزال لدينا الكثير من الكلام، لكننا نختصر.
وأدعو شعبنا العزيز، شعب الإباء والوفاء، شعب الحكمة والعزة، شعب الثبات والإيمان، إلى الخروج المليوني يوم الغد إن شاء الله، في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات والمديريات، وفق الترتيبات المعتمدة.
نحن في مرحلة مهمة جِـدًّا، الخروج الواسع فيها له أهميته الكبيرة، وله أجره العظيم عند الله، هذا جزءٌ من جهادنا، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” قال في القرآن الكريم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[التوبة:120-121]، حتى في الخطوة الواحدة هناك أجر، هناك ثواب، هناك فضيلة.
أيضًا هناك دور يستحق الإشادة والتقدير، هو: ما يقوم به الذين يمتلكون وسائل النقل، أصحاب السيارات والباصات، من نقلٍ للجماهير إلى أماكن المظاهرات والمسيرات، هذا عملٌ عظيم، عملٌ صالح، يشكرون عليه، أسأل الله أن يكتب أجرهم، وأن يبارك فيهم.
أدعو الجميع للحضور الواسع يوم الغد إن شاء الله.
نَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم جميعًا لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ ينصرنا بنصره، وأَن يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِيّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيه الأَعِزَّاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.