مرّانُ.. كعبةُ الهِداية ومعينُ الهُدى
خلــــــود همـــــدان
بين مُفرداتِ الهُدى وصفحات الهدي يُسطر الشهيد القائد -رضوان الله عليه- سيرتَه بنور من وحي القرآن الكريم، وفي سلسة أعلام الهُدى يُعانق «الحسين» أعلى مراتب الوعي والزُّهد والورع والإحسان والإيمان الصادق والثقة المُطلقة بالله ورسوله، وما بين الحاضر والماضي والمستقبل يرقُبُ عن كثب حالَ أُمَّـة جدهِ رسول الله، وبنظرة قرآنيه استطاع أن يُشخص وضعيتها وينطلق بكل تفانٍ لإصلاح الواقع المليء بالجور والظلام رغم شحة الإمْكَانيات وقلة الناصرين.
ومن وحي عين على القرآن وأُخرى على الأحداث أتى الشهيد القائد بمشروعه القرآني، الذي يُمثل ضرورةً مُلحة تحتاج إليها الأُمَّــة، لا سِـيَّـما وهي تواجه هجمةً شرسة تستهدف النفوس والقيم والمبادئ والفكر والدين والعقيدة، عمل الشهيد القائد -رضوان الله عليه- جاهدًا على إحياء الموروث الإيماني، وانطلق يُصحح الثقافات المغلوطة الدخيلة التي أتتنا من خارج الثقلين، ويبني أُمَّـة قويةً قادرةً على مواجهة الأخطار والتداعيات الآتية من قبل اليهود والنصارى، ويؤهل أُمَّـة عظيمة بمُستوى التحديات، لم يكن هذا المشروع طائشًا أَو مشروع يتنافى مع فطرة الناس وعقائدهم الدينية والمبدئية، بل كان قرآناً يرتقي بها نحو واقع أفضل، يضمن لها نهوضها واستمراريتها في مواصلة المشوار الذي أراده الله سُبحانه وتعالى، للقيام بمسؤوليتها وواجباتها وفق توجيهاته سبحانه وتعالى.
حُورب هذا المشروع من الخارج والداخل وبالوكالة عن أمريكا تنوب السُّلطة الظالمة في البلاد آنذاك لِمُحاربة السيد حسين رضوان الله عليه؛ بهَدفِ إسكات هذا الصوت وإغماد شُعلة النور التي أشعلت قلب أمريكا وأحرقت آمال الصهاينة، وكشفت حقائقهم ومزقت أقنعتهم وفضحت كُـلّ عناوينهم الزائفة التي لطالما خُدعت شُعوبُ أُمتِنا بها.
ولكن كُلما حُورب كُلما ازداد ظهورًا وتمكينًا، وكُلما حاول الأعداء إقصائهُ كُلما زاد انتشارًا وتوسَّع، وهذا ما أثبتهُ الواقع اليوم.
ها هو الشهيد القائد حاضر بروحه الوثابة، وها هو هديهُ في الملازم، ها هو إرثه العظيم يُربي أُمَّـة بأكملها، ها هو حُسين المُحاصر بين جبال مدينة صعدة يجوبُ الديار هدياً وورائهِ أُمَّـة حُسينية كسرت كُـلّ حواجز الصمت والجمود واجتاحت كُـلّ المديات.
وما نحن فيه من العزة والقوة إلا ثمرةً من ثِمار هذا المشروع القرآني العظيم وثمرة من تضحيات الشهيد القائد -عليه السلام- وعظيم عطائه في سبيل الله سُبحانه وتعالى، وفي سبيل إنقاذ الأُمَّــة من مُستنقعات الضلال.
فمن الواجب تجاه هذا القائد -رضوان الله عليه- هو أن نحمل رسالتهُ إلى العالمين وأن نكمل مسيرته التي بذل؛ مِن أجلِها روحه الطاهرة الزكية وننشر هديه إلى كُـلّ أصقاع الدنيا، من الواجب أن نبقى مُتمسكين بمنهجه وأن نكون أوفياء له كما كان لنا أن نُحارب أعداءه، أن نقارع الطغيان المُتمثل بأمريكا و”إسرائيل” من الوفاء للشهيد القائد أن تبقى رايته عاليةً خفاقةً تجتاح الصمت وتُبدد الجمود.
لم يكُن السيد حسين -رضوان الله عليه- رجلًا في مرحلة، بل كان رجل المرحلة وقائد الزمان وعلم البيان، أعاد الحياة في شرايين الدين وأقام القسط ودعا إلى الله، ولم يكُن يوماً عاشقًا للمنصب، بل كان عاشقاً لِلقائهِ، وقد دعا إليه وجاهد فيه حتى نال وسامه العظيم.
سيبقى الشهيد القائد -رضوان الله عليه- صوت السلام الخالد، ورسالة الله إلى الأُمَّــة، وحُجتهُ إليهم، سيبقى الشهيد القائد الصرخة المُدوية التي تصعق كُـلّ شيطان مارق وتهوي به في مهب الرياح، سيبقى الشهيد القائد أعجوبةً للأبد وأُسطورةً تروى في الوجود.
سيبقى -رضوان الله عليه- منارًا ومشكاةً تهدي الحائرين وكهفًا يؤوي المستضعفين ونارًا تلتهم المُتجبرين وطوفانًا يجرف عروش المُستكبرين، ويهدي بإذن ربه إلى صراطِ العزيزِ الحكيم.