ما أصغرَ العالَمَ وما أكبرَ غزة..!
يحيى صالح الحَمامي
ما أصغر العالم وما أكبر غزة.. التي تنتصر على أنظمة الاستكبار العالمية، بعد أن شاهدنا سياسة البغي والإسراف في الدم، والظلم الذي ليس له مثيل على هذه الأرص، والمتمثل في سياسة الشيطان الأكبر صانعة الإرهاب، الغدة السرطانية أمريكا، التي تصرف من خزانتها العقوبات على من تدَّعي أنهم مجرمون، وهي المجرم القاتل بحد ذاته.
سياسة أمريكا الباغية المتناقضة مع فطرة الحق والعدل الإنساني، تفوقت على الشيطان نفسه، فهي جعلت من نفسها راعية وممثلة للحقوق والحريات، وتشرف على القانون والعدل والأمن والسلام للعالم، وتتحكم في جميع تلك الحقوق في يدها وتحت أمرتها، وتعطيها لمن يمتثل أمام سياستها، وتحرمها وتمنعها على الأنظمة والشعوب التي ترفض سياستها.
لقد عاشت أمريكا عقوداً من الزمن بسياسة البغي والاستكبار والهيمنة والانقضاض على من يخالفها، وجعلت من العالم يسير وفق خطها وتحت أمرها، غير أنه ووفق معيار الأمن والعدل والسلام في هذا العالم، بدت غزة أكبر، وما أصغر العالم أمام نصرها والدفاع عن حقوقها، حتى المجتمع الدولي ترجم العجز والفشل من عدم القدرة على رفع الحصار ووقف الحرب والإبادة الجماعية بحق مليونَين ونصف المليون في “غزة”، واجهوا أبشع الجرائم الوحشية من قبل الكيان الصهيوني المجرم والمحتلّ للأرض العربية الفلسطينية.
ما أصغر العالم؛ وما أكبر “غزة”، فمن صمود أبناء “غزة” وتضحياتهم التي يعجز اللسان عن وصف تلك المعاناة.. صبر وثبات وقدرتهم هي التي أعادت لكل شعوب العالم وحتى قوى الاستكبار العالمي الوعي والفكر والمنطق لاحترام حياة وأمن وسلام الشعب الفلسطيني، عندما انتصر الدم الفلسطيني على السيف الصهيوني، وصمد أمام أقوى وأفتك الأسلحة والصواريخ والقنابل الأُورُوبية الأمريكية.
أمام غزة تلاشت الرحمة والإنسانية عن كثيرٍ من النفوس البشرية، وتبخر الضمير العالمي ونظريات الحرية والعدالة، بل وسخرت الدول العظمى جل إمْكَاناتها لدعم الكيان الصهيوني المحتلّ، الذي قتل ويقتل الفلسطينيين مع سبق الإصرار الترصد، وجل الضحايا من أطفال ونساء غزة.
على مدى أكثر من 15 شهراً، رأينا كيف اضمحل الضمير أمام تلك المشاهد والمجازر، الأشلاء الممزقة والجثث المحروقة والمتفحمة لأطفال غزة، إما بغارةٍ أَو انفجار أَو شظايا الصواريخ والقنابل الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والألمانية، أَو بالموت جوعاً جراء الحصار الخانق واستهداف الماء والغذاء والدواء وكل مقومات الحياة.
رأينا كيف أن أسلحةَ وتكنولوجيا أمريكا وحلفائها لم يثنِها أحد عن القتل والسحل والتخريب والتدمير، سوى ذلك الصمود الأُسطوري لأبناء غزة ومقاومتها، ورأينا ما أصغر هذا العالم وما أكبر غزة، حيال ما حَـلّ بالمجتمع الدولي ووكل هيئاته وما أصابها من الصمت والخذلان، فجميعها عجزت عن حماية الطفل والمرأة في فلسطين.
نعم في غزة؛ أنتصر الدم على السيف، أيها العالم السخيف المظلم والظالم الذليل والضعيف العاجز عن حماية الطفل الفلسطيني، وبات عليكم أن تتعلموا من عزة كيف تنتصرون لها بعد أن أزهقت أرواح أبرياء ارتقوا شهداء بالآلاف وحصار ومعاناة لا نضير لها، حتى أصبح رغيف الخبز والماء والدواء سلاحًا في يد المجرم والجلاد الصهيوني، الذي استخدم غذاء العليل وحليب الرضيع وكفن الشهيد وضماد الجريح سلاح، والعالم يواجه هذه الجرائم بالصمت، فما لكم كيف تحكمون؟، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ) صدق الله العظيم.