الإسلام دينٌ لا يقبلُ الهزيمةَ
طاهر القادري
هذا هو العنوان الذي تحَرّك على أَسَاسه المجاهدون العظماء في فلسطين، بعد أن هيأوا مجتمعهم وجعلوا منه قاعدةً للانطلاق في سبيل اللّهِ، دون أن تتزحزحَ أَو تتوانى أَو تتنازل رغم كُـلّ التضحيات والدمار والنزوح.
وبالرغمِ من شحة الإمْكَانيات العسكرية، وخذلان العرب والمسلمين لهم، ما عدا البعض من المؤمنين الصادقين من أبناء الأُمَّــة، إلا أنهم نكلوا باليهود الصهاينة أشد تنكيل وجرعوه الهزيمة والويل، وهو ذلك المتطور في تحصيناته، وأسلحته، من طائرات ودبابات، وإلى جانبه كُـلّ العالم الأُورُوبي والغربي بالدعم والمساندة، والتأييد، والتصفيق.
وبعد مرور ما يقاربُ من عامٍ ونصف عامٍ من الحرب، والشعب الفلسطيني ومجاهدوهُ بنفس الروحية والثبات والعزيمة، وشروطهم لوقف إطلاق النار هي ذات الشروط التي لم يتم فيها أي تعديل أَو إعادة صياغة؛ لأَنَّ خيارهم الثاني، في حال تعنت العدوّ ورفض الاتّفاق هو التضحية ولو أن يُفْنوا جميعًا في مقابل الانتصار لدين الله وللعقيدة والمقدسات، وفي سبيل تقديم شهادة على أنّ “الإسلام دين لا يقبل الهزيمة”.
فما الذي حصل؟
سارع اليهود الأذلاء المحبون للحياة الكارهون للموت، بقيادة أمريكا إلى الوسطاء للخروج بقرار إيقاف الحرب في “غزة” بذات الشروط التي اشترطتها “حماس” والمجاهدون!!
فلم تستطع” إسرائيل” باجتياحها البري أن تتوصل إلى أسراها لتحرّرهم، مع أن الأسرى هم في منطقة جغرافية محدودة اسمها “غزة” لم يكونوا في “المريخ” مثلًا.
صحيح أنّ استشهاد بعض المجاهدين هوَ خسارةٌ كبيرة على الأُمَّــة، ولكن الذي يواسينا أنهم شهداء في سبيل الله ولا شك أنّ الواحد منهم قد بنى آلاف المجاهدين العظماء، وأصبحوا بسيرتهم الجهادية وقودًا لبناء الأمم ومنهلًا ترتوي منه الأجيال بثقافة الجهاد والاستشهاد؛ ولذا فلا خسارة على الإطلاق.
وبعد انتصار “غزة” وإيقاف الحرب، نسمع الكثيرَ من الأصوات في وسط الأُمَّــة الإسلامية، أصواتٌ تمثل خدمة للعدو الصهيوني وطعنةً في ظهر المجاهدين من أبناء “فلسطين”!
فالبعض من الناس أصبح منطقه اليوم هو:” أي انتصار هذا وغزة قد أصبحت ركاما من الأنقاض والأشلاء”؟
وهذا الصنف من الناس يعتبر صنفًا جاهلًا أحمقَ لم يقرأ التاريخ ولا يفهم الدين؛ ولو قرأ التاريخَ لوجده ممتلئًا بالحقائق التي تبيّن أهميّة النهوض للجهاد في سبيل الله ولو كان ثمنه تقديم النفس والمال والولد؛ لأَنَّ السكوت والخنوع والجبن إنما يهيئ الساحة ليحكمَ الأُمَّــة الطواغيت والمجرمون والظالمون.
وهذا ما عمله الإمام “الحسين بن علي” عليهما السلام، حين انتصر بتضحيته للدين والعقيدة، والحرية والإباء.
والبعض من الناس يقول: “هذا بسَببِ المجاهدين هم من جنوا على أنفسهم وبدأوا بالاعتداء على إسرائيل”..!
وهؤلاء أَيْـضًا يخدمون الصهاينة وَأَيْـضًا يتجاهلون أن المعتدي والمحتلّ والمغتصب هم اليهود
وأنهم يمارسون القتل والاعتداء على الشعب الفلسطيني ويدنسون المسجد الأقصى منذ ما يقارب ستةً وسبعين عامًا.
واجبنا تجاه مثل هؤلاء هو أن نبين الحقائق وأن نفضح كذبهم وزيفهم؛ لأَنَّهم يحملون ثقافة خاطئة تخدم أعداء الله.