الشهيد القائد: صوتُ الحق في زمن الصمت ونور الحرية في عالم الطغيان
عبدالغني حجي
في عالمٍ غاب فيه النورُ، وساد فيه الظلامُ، حَيثُ ضاعت العدالةُ واضمحلَّ الهُدى، وعمَّ الجورُ أرجاءَ الأُمَّــة، تحكم فيها الطغاةُ بقبضةٍ من حديدٍ، واستأسدوا على المستضعفين بظلمٍ وعدوانٍ بلا رحمةٍ ولا ضمير، عالمًا يُخرَس فيه الصوتُ تحت وطأة السوط، ويُزجُّ بصاحب الكلمةِ في ظلمات السجون، عالمًا تسودُه الفوضى وينعدم فيه الحق، فلا قانون إلا قانون القوة، ولا عدل إلا ما يقرّره الطغاة.
عالمٌ امتلأ بالظلم والطغيان، ضاعت فيه الأخلاق، واندثرت الإنسانيةُ، وأمسك زمامه المستكبرون، يقتاتون على دماء الأبرياء، ويُشبعون بطونهم من مآسي الشعوب، يعيثون في الأرض فسادًا باسم الحرية والديمقراطية، بينما يزرعون الخراب والموت أينما حلوا، ويكتمون أنفاس الحق كي لا يُسمع صوته بين جدران الظلم.
في خضم هذا الظلام الحالِك، انبثق نورٌ عظيمٌ أضاء الطريق، نورٌ كسر قيود الاستعباد، وأعاد للأُمَّـة بصيص الأمل الذي كاد يندثر، كان ذلك النور هو صوت الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، الذي حمل في قلبه همَّ الأُمَّــة، وفي عقله مشروعًا قرآنيَّا عظيمًا، وفي روحه شجاعة الأبطال الذين لا يهابون الموت.
وقف شامخًا، يواجه طغيان أمريكا واستكبارها، متحديًا جبروتها وسط صمت العالم وخنوع الحكام صدح صوته بالحق حين سكت الجميع، ورفع لواء الحرية في وجه طواغيت الأرض، لم يرهبه ترهيبٌ ولم يغره ترغيبٌ، بل ثبت على مبدأه، وواجه آلة الكذب والدعاية التي جندتها أمريكا وأتباعها لتشويه صورته وإسكات كلمته، أطلق مشروعًا قرآنيَّا يستمد قوته من كلام الله، يرفض الاستعباد ويقف في وجه الهيمنة نادى بحرية المستضعفين، وحذر من الخضوع للمستكبرين، وأبى أن يرى دين جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم يُدنَّس تحت أقدام الطغاة.
عندما شن عليه النظام العميل حربًا عسكرية، رفض الاستسلام، وقاد معركة الكرامة بشجاعة لا توصف، قاتل هو ومن معه من المؤمنين رغم قلة العتاد وضعف الإمْكَانيات، لكنهم كانوا أقوياء بإيمانهم، ثابتين على الحق، مستبسلين أمام جيوش النظام المدججة بأعتى الأسلحة.
لم يتراجع، ولم ينحنِ، بل صمد حتى آخر رمق، رافعًا رأسه عاليًا، ليُستشهد وهو على موقفه، عزيزًا كريمًا، شجاعًا أبيًّا، يلقى ربه وهو على عهد الوفاء لدينه وأمته، ارتقى إلى الله شهيدًا، ولكنه ترك للأُمَّـة إرثًا خالدًا، مشروعًا قرآنيَّا عظيمًا يحمل في طياته حياةً كريمةً لكل من أراد العيش بحرية وكرامة، مشروعًا يحمل النور لمن أظلمت دروبه، مشروعًا يستمد عظمته من القرآن الكريم، مشروعًا يُحرّر الإنسان من عبودية الطغاة، ويمنحه القوة ليواجه الظلم والاستبداد، ذلك المشروع الذي تجاوزت أصداؤه اليمن لتصل إلى كُـلّ بقعةٍ تنشد الحرية.
بفضل تضحيته، استعاد اليمنيون كرامتهم، واستنهضوا عزيمتهم، وتحرّروا من الهيمنة والاستعمار، ليصبح مشروع الشهيد القائد منارةً للأحرار في كُـلّ مكان، يحمل لواء العزة والكرامة، ويعيد للأُمَّـة مجدها الذي ظن الطغاة أنهم دفنوه.