قوةُ الإيمان وَالارتباطُ المتجذر بالأرض
بشرى المؤيد
ما أعظمَه من مشهد!! حين تفتح القنوات وكلها تنقل عظمة مشهد عودة المواطنين إلى أراضيهم. طوفان من البشر عادوا بعد انتصارهم، وصبرهم، وَتحملهم مشاق النزوح، وبعدهم عن أرضهم التي ولدوا فيها وَبيتوهم التي عاشوا وتربوا فيها، ذاقوا مرارة البعد، ومشاق ومتاعب النزوح؛ من برد وجوع وَأمطار كانت تهطل عليهم وهم في خيام بسيطة تدخلها الرياح الشديدة وَسقوط الأمطار الغزيرة وبرودة الجو من دون أغطية تدفي أجسادهم الضعيفة.
لكنه سبحانه أنزل عليهم صبرا وَإيمانا ربط على قلوبهم فلا تسمع منهم إلا حمدا وشكرا لله تلهج بها ألسنتهم وَالأمل الكبير مليئ في قلوبهم وَاليقين الذي لا يساوره أي شك في وعود ربهم بنصرهم وَبأنهم عائدون إلى أرضهم متمسكون بترابها حامدين شاكرين ربهم العظيم. عادوا إليها وهم شامخين الرؤوس رافعين رايات النصر وَالسرور والبهجة بادية على وجوههم والعزة والكرامة تاج على رؤوسهم.
هذه المشاهد الحيةو المباشرة التي رأيناها ورأى العالم رجوع كلا من إخوتنا في لبنان وَفي غزة مشاهد تقشعر لها الأبدان وتسبح النفوس للرحمن.
في لبنان رأينا النازحين وراياتهم يلوحون بها عاليًا وَصور سماحة السيد الكريم السيد/ حسن نصر الله في صدورهم، وفي سياراتهم، وفي الطرقات، وفي أيديهم يلوحون بها عاليًا فسماحته ما زال حاضرا في قلوبهم وَقلوب الشعوب المحبة له وَقلوب الإنسانيين في العالم أجمع. حاضر بروحه التي ما زال الكل يشعر بها يذكرونه وَيسمعون صوته في القنوات محدثا، وداعما، ومرشدا ومحفزا، بصوته الجهوري المزلزل كأنه موجود بين شعوبه المحبة التي ما زالت على عهده وَنهجه. سلام عليك سيد حسن وسلام على شعبك المقاوم المحب الذي ما زالت في قلوبهم، وعقولهم، وَروحهم يذكرونك وَيستمعون لإرشادك وكلامك وخطاباتك الحكيمة. فها هو ما زال الشيخ/نعيم قاسم أمين حزب الله حفظه الله على خطاك وَنهجك يحمل مسؤوليته التي حملها على عاتقه. سدد الله خطاه ونصره على عداه.
سيد -حسن سلام الله عليه- حاضر في نصر غزة في قلوبهم وامتنانهم وَشكرهم لهذا السيد الكبير وَالعظيم بأفعاله وأقواله والذي ضحى بحياته وروحه الغالية؛ مِن أجلِ “قضية فلسطين” وَمن أجل “غزة” والذي كان يعدهم بالنصر وَقد وفى بوعده.
ساند لبنان بقوته الصاروخية التي كانت تطلقها وَالتي في الأخير حقّقت نصر كبير وَعظيم.
فمحور المقاومة كانوا وحدة متكاملة كلا ساعد بإمْكَانيته استجابة لقوله تعالى “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخرين مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ”
فكان محورا قويا جسد قول رسول الله “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذَا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” وقال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ”
ما رأيناه من عودة النازحين أدمع عيوننا وَأبكى قلوبنا فبكينا فرحا لأجلهم ونحن نراهم بهذا العزم، بهذا الكبرياء، بهذا التصميم، بهذا الإيمان العميق؛ دروس للعالم أجمع كيف يكون الإنسان مرتبط بأرضه وجذوره العميقة تكون له نتائج عظيمة؟
▪︎إن الأرض تدافع مع هذا الإنسان المتجذر فيها وكل حبات ترابها وَأشجارها وَحجرها تكون معه لصيقة به تحارب وتدافع معه.
▪︎يزداد الإيمان برب العالمين الذي يهب النصر حين يرى “صدق” عباده المخلصين يرى وَيطلع على قلوبهم وَأفئدتهم المتعلقة به وَالواثقة والمتوكلة عليه وَالداعيين له بإخلاص وَيقين فيهب نصره لعباه المؤمنين.
▪︎إن من يغتصب أرضا ليست له لا يوجد له دافع ولا عزم ولا قوة ولا شجاعة لقوله تعالى “لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جميعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَو مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جميعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ”؛ لأنه يعلم جيِّدًا أنها ليست له، ليست ملكه، ليست في دمه؛ فتضعف قواه، ويوهن عزمه، وَيسقط ويفشل أمام صاحب الأرض.
▪︎حين تكون القيادات مرتبطة بالله وَخالصة نيتها لله يكون الله في عونها وَإرشادها، ونصرها فتتكامل القوة بين القيادة وَالشعب والجيش مع مجاهديه فيكونوا وحدة متلاحمة قوية عصية لا يسهل كسرها ولا إستضعافها أَو تفكيكها.
هذه صفات الشعوب المقاومة مع قادتها العظام وَجيوشها المخلصة المدافعة عن أراضيها وَحامية لثرواتها من النهب ليكون لشعوبها في تطورهم وَتقدمهم وَإزدهارهم وَهنائهم.
خلق الله سبحانه كُـلّ أرض لها ثرواتها لتكون داعمة لشعوبها يستطيعون بهذه الثروات البناء وَالإعمار وَالتعليم وكل دولة تكون مستقلة وحرة لها سيادتها وَكرامتها التي لا تمس من أي دولة معتدية ويعيش الناس في استقرار وَأمان يتبادلون فيما بينهم الخبرات والمعرفة وَيكون بينهم تعاون مشترك وَاحترام متبادل.