فرعون العصر في مواجهة موسى الزمان
عدنان ناصر الشامي
في تاريخ البشرية، يقف فرعون رمزًا للظلم والاستبداد، الذي خشي من رسالة الحق التي جاء بها موسى عليه السلام، فقال: “إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَو أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرض الْفَسَادَ”. كان دين فرعون دينًا يكرس الطغيان ويضمن بقاؤه متربعًا على عرش الاستبداد، بينما كان دين موسى رسالة تحرّر، تهدف إلى إعلاء العدل وإخراج الناس من عبودية الظالمين إلى رحمة الله وعدالته.
واليوم، تتكرّر ذات الحكاية، ولكن بأسماء وأقنعة جديدة. فرعون هذا العصر هو أمريكا و”إسرائيل”، اللتان تسعيان لتكريس الهيمنة على الشعوب وسلبها حريتها وكرامتها، وموسى هذا الزمان هو الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه، الذي حمل مشروعًا قرآنيًّا شامخًا في وجه قوى الاستكبار، وأضاء الطريق للأُمَّـة للخلاص من عبودية الطغاة.
دين فرعون الجديد هو منظومة القهر والفساد التي تسعى لفرض التبعية، وتشويه القيم، ونهب خيرات الأُمَّــة. أما دين موسى الشهيد القائد، فهو دين العدالة الربانية الذي يحرّر الإنسان من طغيان البشر ويعيد للأُمَّـة عزتها وكرامتها. كان مشروعه صرخة في وجه الطغاة، يحطم أوهامهم، ويهدم عروشهم، ويعيد صياغة واقع الأُمَّــة برؤية قرآنية مستنيرة.
كان الشهيد القائد يدرك أن التحدي الحقيقي ليس في مواجهة قوة السلاح وحدها، بل في اقتلاع جذور التبعية الفكرية والثقافية التي زرعها الطغاة في عقول الأُمَّــة. فكان مشروعه مواجهة شاملة تستهدف بناء الإنسان الحرّ المؤمن برسالته، القادر على الوقوف في وجه المستكبرين.
لقد خشي فرعونُ موسى من فسادٍ يعصفُ بمنظومته الظالمة، وكذلك تخشى اليوم قوى الاستكبار من مشروع الشهيد القائد؛ لأَنَّه يفسد كُـلّ ما زرعوه من ضعف وخضوع. كان الشهيد القائد يحمل رسالة تغيير شاملة، تُعيد للأُمَّـة عزتها، وتفسد مشاريع الهيمنة التي أقامها الأعداء لعقود طويلة.
الشهيد القائد لم يكن قائدًا عاديًّا. كان رمزًا للعزة والإباء، وصوتًا قرآنيًّا صادقًا في زمن تكالب فيه الأعداء وخضع فيه الكثيرون. حمل رسالة تتجاوز حدود اليمن، لتكون نبراسًا لكل مستضعف، ورسالة تحرّر لكل من رضخ تحت نير الظلم. كانت رؤيته مشروعًا يضع الأُمَّــة على طريق النهضة، يحرّرها من أغلال الاستبداد، ويرفعها إلى مكانتها التي أرادها الله لها.
اليوم، بعد أن ارتقى الشهيد القائد، نرى ثمرة مشروعه القرآني في صمود الشعب اليمني الذي أضحى صخرة تتحطم عليها مؤامرات الطغاة. فرعون العصر، مهما حاول، لن يستطيع إخماد هذا المشروع النابع من القرآن، ولن يتمكّن من كسر عزيمة الأُمَّــة التي نهضت بفضل دماء الشهداء.
إن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي هو موسى العصر، الذي واجه فرعون زمانه بالحق والإيمان، وترك إرثًا خالدًا لا يمكن لأعداء الأُمَّــة أن يطمسوه. إنه رمز التضحية والنور الذي أضاء درب الكرامة، وجعل من اليمن قلعة صمودٍ شامخة، تُلقي بظلالها على أرجاء الأُمَّــة الإسلامية، لتذكرها دائمًا أن النصر لا يكون إلا بالعودة إلى الله، والثبات على طريق الحق.
رحم الله الشهيد القائد، وجزاه عن الأُمَّــة خير الجزاء، فقد كان نجمًا ساطعًا في سماء العزة، وصوتًا أبى أن يخضع للطغاة، فكان بحق منارًا يُهتدى به، ونبراسًا للأجيال التي لا تعرف الركوع إلا لله.