جرحى المرتزقة: دموع على وسادة الخيبة

 

إسماعيل سرحان

في مشهد درامي يثير السخرية، نشاهد جرحى المرتزِقة يشتكون ويبكون، مستعرضين مآسيهم كما لو كانوا أبطال مسرحية حزينة، لكن المفارقة تكمن في أنهم لا يزالون يعتقدون أن العالم يجب أن يستمع لشكواهم ويتعاطف معهم، كأنهم كبار الفنانين ينتظرون التصفيق.

من الغريب أن هؤلاء الجرحى لم يفهموا بعد أن قيمتهم لا تتعدى “ريال واحد” في نظر السعوديّ؛ إذ بينما يوزع السعوديّ الثروات على الأمريكيين ببذخ، يُعطى لهم تريليونات الدولارات دون أي تمعّن، تظل مأساتهم محصورة في دوائر الإهمال والخذلان، ويستمرون في انتظار الدعم الذي لن يأتي.

في عالم ترتبط فيه قيمة الفرد بمدى فاعليته، يبدو هؤلاء وكأنهم سلع منتهية الصلاحية، “ليش ما نجد دعم؟” يتساءلون، في حين أنهم هم من اختاروا بيع أنفسهم، بثمن بخس، ولم يعودوا أكثر من أدوات يستخدمها الآخرون، وكما يُقال، “يستاهل البرد من ضيع دفاه”، فهم يدفعون ثمن خياراتهم الخاطئة.

ومع كُـلّ تلك المعاناة، يأتي مصيرهم المأساوي، حَيثُ يُذكّرهم الخالق بـ: “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ”، هناك يعيشون في جحيم لا ينتهي، مع أمل ضائع في تحسين وضعهم المعيشي، وتبقى دموعهم مُجَـرّد صدى لجمل تردّدت في زوايا العمالة والارتزاق المظلم.

ومع كُـلّ ذلك، يبقى السؤال: متى يفهم هؤلاء أن كُـلّ ما مرّوا به لم يكن سوى رحلة إلى لا مكان، في زمن افتقدوا فيه كرامتهم، وعزتهم، ونخوتهم، وشرفهم، إن كان لهم من ذلك شيء؟ فلتستمر الشكاوى والدموع، ولكن بقي أن تكون قصتهم مُجَـرّد كوميديا هزلية تُروى في زوايا الحرب، مُقلّدة في كُـلّ تفصيلاتها.

هل من معتبر يا ترى؟!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com