نفحةٌ من إنسانية الرئيس الصماد
وائل شاري
عندما نتحدث عن الرئيس الشهيد صالح الصماد، سنقفُ على شواهد عدة تخلد في ذاكرة التاريخ عن إنسانيته واستشعاره بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، ليترجمها على أرض الواقع وبدون حب الظهور بما انجز على وسائل الإعلام، سأذكر لكم موقفاً لم يخرج إلى وسائل الإعلام عن إنسانية الرئيس الشهيد عايشته شخصيًّا وبمعية الأُستاذ الفاضل صبري الدرواني رئيس تحرير صحيفة المسيرة، والذي كان نقطة الوصل في الموقف الذي سطره الرئيس الشهيد ويسجل في رصيده الجهادي والنضالي في تلك الفترة وهو على هرم صحيفة المسيرة واهتمامه الكبير بالجرائم المرتكبة من قبل دول العدوان السعوديّ الأمريكي الإماراتي ومتابعته الحثيثة لرصد وتوثيق المجازر المرتكبة، في العام 2018 ارتكب طيران العدوان جريمة بشعة راح ضحيتها أكثر من 120 شهيدًا و200 جريح بمنطقة هران بمديرية أفلح اليمن بمحافظة حجّـة.
الجريمة بحد ذاتها تعتبر من أبشع الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين، حَيثُ استهدف الطيران المعادي منزل المواطن حمدي ديك الجماعي، واستشهد كُـلّ من في المنزل ولم يتبقَّ سوى طفلة صغيرة بعمر 6 سنوات، شاهدت تفاصيل المجزرة التي استمرت 5 ساعات وهي في مكان أعلى المنزل في القرية بجبل هران، ادّعى إعلام دول العدوان استهداف الرئيس الشهيد الصماد بداخل المنزل وقام بقصف المسعفين والسيارات المارة في الطريق حتى، وأي شيء يتحَرّك في محيط المنزل المستهدف ليصل الشهداء إلى 120 شهيدًا و200 جريح على مدى 5 ساعات متواصلة من القصف، تلقت إدارة التحرير بالصحيفة الخبر كالصاعقة؛ كون الجريمة المرتكَبة استمرت 5 ساعات ومنع الطيران وصول المسعفين وكان الكم الأكبر من الشهداء والجرحى من المسعفين من أهل القرية والقرى المجاورة، إدارة تحرير الصحيفة ممثلة بالأُستاذ صبري الدرواني قرّرتْ إرسالي في اليوم التالي إلى موقع الجريمة وخلال إجراء اللقاءات الصحفية مع سكان المنطقة وأقارب حمدي ديك الجماعي الذي استشهد وأسرته كاملة عدا ابنته رنا، كان لقائي مع جد الطفلة رنا وأبلغني رسالة قال فيها: “يا ابني إذَا حصلت الرئيس الصماد قله احنا فقدنا الأسرة وشهداء كثير، وبلغه ما عاد في إلَّا الطفلة رنا من الأسرة والمنزل قصف والمبرّر أن الرئيس بداخله وعليه ألَّا ينسى الطفلة رنا” كان ردي لجد الطفلة إن شاء الله، توصل رسالتك وأعمل كُـلّ استطاعتي لأوصلها، وصلت بعد يومين للعاصمة صنعاء وأرسلت رسالة للأُستاذ العزيز صبري الدرواني ونحن في مقر العمل وفي غرفة واحدة وطلبت منه أن يوصلها للرئيس الشهيد، ولم أنطق بأية كلمة حول الموضوع لكن الأُستاذ صبري تفاعل مع الرسالة وأرسلها ولم يمضِ سوى نصف ساعة حتى أرسل لي ردًّا من الرئيس الصماد، وقال لي بعد ذلك: الرسالة وصلت للرئيس، ووجّه بمبلغ من المال كُلِّفت أنت بأخذه وتوصيله إلى يد جد الطفلة رنا، وأبلغه أن هذا المبلغ هو من صالح الصماد شخصيًّا وليس من مال الدولة، أما المنزل فقد أبلغ محافظ حجّـة بإعادة بناء المنزل، بعد ذلك تحرَّكتُ عقب يومين إلى المنطقة التي ارتكبت فيها المجزرة وسلّمت المبلغ إلى جد الطفلة بحضور مدير الصحة بالمديرية وعم الطفلة، وأجريتُ اتصالًا خلال التسليم إلى الأُستاذ صبري الدرواني من جد الطفلة، لم يتوقع جَدُّ الطفلة أن يرسل الصماد أحداً إليهم ويواسيهم ويقدم لهم يد العون كشخص وليس كرئيس وكان جد الطفلة يقول: “لم أتوقع أن الصماد يجوّب على رسالة شفوية ويرسل هذا المبلغ من ماله الخاص”.
هذا من المواقف الإنسانية التي تسطّر في سيرة الرئيس الشهيد صالح علي الصماد وكذلك في سجل الأُستاذ صبري الدرواني الذي قرأ الرسالة ولم يهدأ له بال حتى أوصلها للرئيس الشهيد وأتى بالرد من شخص هو صالح الصماد الإنسان.