رئيسُ الشهداء
إسماعيل سرحان
في زمن عصيب، حَيثُ كانت الجمرة مشتعلة في قلب اليمن، ارتفع صوت الحقّ. كان الصوت ينتمي إلى رجلٍ يجسّد القيم الكريمة، إنه الشهيد الرئيس صالح الصماد. لم يكن عاديًّا، بل كان رمزًا للإخلاص والشجاعة. تبوأ منصب الرئاسة في لحظة حاسمة، حَيثُ كانت الأقدار تلوح بظلالها القاتمة.
جمع الصماد بين الوعي القرآني والثقافة الغنية. كان يقرأ في عيون الناس خوفهم وآمالهم. كانت تعابير وجهه تعكس الالتزام العميق بقضية وطنه. لم ينظر إلى موقعه كرئيس، بل اعتبره تكليفًا مقدسًا. كان يشعر بثقل المسؤولية، ويعلم أن كُـلّ قرار يؤثر على مصير شعب بأكمله.
اختار الإخلاص رفيقًا له. أصبح الصدق سلاحه، يحارب به الضغوط. كانت النزاهة منهج حياته؛ ولأنه كان متواضعًا، تمكّن من الاقتراب من القلوب. كان يستمع للناس أحلامهم وأوجاعهم. سعة صدره كانت موضع تقدير الجميع. لم يكن يرفض أحدًا، بل يرحب بالجميع.
تفتحت عينيه على واقع معقد. كان يعرف أن السياسة ليست لعبة. جمع بين الوعي السياسي والخلفية الثقافية. كان مثقفًا، يفهم معاني التاريخ والتحولات. كان يعرف كيف يتحدث بلغة العطاء، وينشر الأمل بين الأجيال.
كلمات الشكر والامتنان كانت تخرج من أفواه الناس. كانوا يرون فيه تجسيدًا للوفاء. كان يكرم كُـلّ من يعمل لرفعة اليمن، مهما كانت مكانته. بقي أبواب مكتبه مفتوحة، يستقبل الجميع بابتسامة دافئة.
وبعد رحيله، ترك لنا دروسًا غالية. دروس في القيم الإيمانية. دروس في الروح الجهادية. إنه يعلّمنا أن العطاء لا يقف عند حدود، وأن الالتزام بالقضية هو باب العز والكرامة. في الذكرى السنوية لشهيدنا العزيز، نجدد العهد على السير في الدرب الذي رسمه لنا.، إذ إن العظماء لا يموتون، بل يعيشون في قلوب من آمنوا بمنهاجهم وطريقتهم.