الصمّاد: اسمٌ محفورٌ في التاريخ.. ورمزٌ للتضحية
هارون السميعي
حين كانت الدولة بحاجة إلى رجل يتحمل المسؤولية، برز لها شخص من أهل الكفاءة يحمل روح الجهاد والانتصارات، كانت مهمته هي النهضة والحرية بأبناء الأُمَّــة الإسلامية. تحَرّك بالإيمان وبروحية القرآن، والعناية بالثقافة القرآنية.
لم ترَ عينٌ مثله، ولم يبرز رئيس كصالح الصماد، مرشدًا، وإمامًا، وخطيبًا، وسياسيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، كُـلّ الصفات ظهرت في الصماد. فهو رمز التضحية، والإباء من منطلق المسؤولية. هو لم يغب من قلوبنا ولا من مواقفه المشرفة التي تجسدت في خدمة المشروع القرآني، ودين الله.
جالس العلماء والأدباء، تصدى لكل مؤامرات الأعداء، وكانت مسيرة حياته قضاها كلها في خدمة الشعب، والبناء الكامل للدولة، يدًا تبني ويدًا تحمي. حصل في التاريخ اسمًا، وعند الله مقامًا، وفي الجنة مرافقة الأنبياء والشهداء، وفي الدولة مُشيرًا وركنًا. كان شجاعًا ومخيفًا للأمريكي والسعوديّ؛ لأَنَّ شجاعته مرتبطة بالله وتحَرّكه بالثقة بالله وارتباطه بالله.
يقول الشهيد الصماد: «كل الشجاعة تنتهي إلا الشجاعة المرتبطة بالله لا تنتهي، قد تتربى وفيك شجاعةٌ، ولكن تنتهي بمُجَـرّد لقيت طقم عسكري، تنتهي بمُجَـرّد سماع إف 16، تنتهي بمُجَـرّد لقيت دبابة، إلا الشجاعة المرتبطة بالله لا تنتهي».
كيف أكتب عنك يا أبا الفضل؟ فقد كان في كُـلّ خطاباته وتوجيهاته يتحدث فيها عن الشجاعة، وعن البناء وعن التوحد في القضية الأَسَاسية، في التصدي لمؤامرات الاحتلال، والدفاع عن الأرض والعرض والشرف والوطن من منطلق المسؤولية. أنت الرئيس الذي لا يموت، اسمك وحضورك طول العام. أنت حاضر في نفس كُـلّ جندي، جعلت مسح التراب من على رجل المجاهد أغلى وأشرف من المناصب الدنيا. أنت حاضر في بناء دولة للشعب وليس شعب للدولة. أنت حاضر في كُـلّ يد تبني وكل يد تحمي، أنت في المسيرات صماد، وفي الحرب صماد، وبالثقافة القرآنية صماد. أنت موجود في الحديدة على رملها وبحرها وسمائها، فقد أحبوك أهلها ويضعون اسمك على كُـلّ ما يليق بوضع اسمك عليه، ويكفي أنك عرفت أتعاب ومرارة الرئاسة، ولم تعرف حلاوتها وامتيَازاتها! وكنت ثمرة طيبة من ثمار المسيرة القرآنية.
عشت حياتك بلا منزل ولا منصب، هذا هو الذي جعل اسمك يتخلد إلى كُـلّ الأجيال القادمة، يقول الله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) قد ربحت في الشهادة وتوارثها الأجيال من بعدك.