ترامب يجدد التزامه بـ “شراء وامتلاك غزة”.. والمقاومة ترد بأن القطاع “ليس عقارًا يُباع ويُشترى”

 

المسيرة | متابعة خَاصَّة

تمهيدًا لتصفية القضية الفلسطينية، جدَّدَ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” تأكيده على خطته لسيطرة الولايات المتحدة على غزة وترحيل الفلسطينيين منها، قائلًا: إنه “ملتزم بشراء وامتلاك غزة”، والتأكّـد من أن حماس لن تعود إليها.

وقال في تصريحٍ جديدٍ له، مساء الأحد، على متن الطائرة الرئاسة: “أنا ملتزم بشراء وامتلاك غزة، وفيما يتعلق بإعادة إعمارِها، فقد نمنحها لدولٍ أُخرى في الشرق الأوسط لبناء أجزاء منها، وقد يفعل ذلك أفرادٌ آخرون تحت إشرافنا”.

وأعاد “ترامب” التأكيدَ على أن قطاع غزة “موقع مُهدَّم” لا يمكن عودة الفلسطينيين إليه، مُضيفًا أنه “سيُهدم ما تبقى”، وقال: “غزة موقع عقاري مميز لا يمكن أن نتركه.. سنقوم بإعادة بنائه عبر دول ثرية أُخرى في الشرق الأوسط”.

كلمات المعتوه “ترامب” الجديدة؛ يراها مراقبون، أنها جاءت مليئة بالغموض والتناقضات، كتلك التي تحدث عن استعداد العديد من الدول لتسليم أراضٍ لسكان غزة، إلا أنه اعترف في الخطاب ذاته بأن “مصر والأردن”، كدولتين ذكرهما لتوطين الفلسطينيين، ربما تعارضان هذه الخطة، ولهذا السبب هدّد هذه الدول.

الجديد في التصريح أن “ترامب” يعتقد أن دولًا أُخرى سوف تقدم الأرض للفلسطينيين، وأُخرى ثرية ستساهم في تنفيذ خطته، ولكن من ناحيةٍ أُخرى، يزعم أن هذه الدول سوف تضطر لقبول خطته، ومن غير الواضح ما إذَا كان “ترامب” سيلجأ إلى الضغوط السياسية والاقتصادية أَو العسكرية لإقناعها، أَو ما إذَا كان قد توصل بالفعل إلى اتّفاقات معها خلف الكواليس في هذا الصدد.

 

تصريحات “ترامب” تعكس جهلًا عميقًا بفلسطين والمنطقة:

وفي الإطار؛ استنكرت حركة حماس التصريحات الأخيرة لترامب، التي وصفتها الحركة بأنها “عبثية” و”تعكس جهلًا عميقًا بفلسطين والمنطقة”، وفي بيانٍ نشرته على حسابها على تلغرام، شدّدت الحركة على أن غزة “ليست عقارًا يُباع ويُشترى، وهي جزء لا يتجزأ من أرضنا الفلسطينية المحتلّة”.

وَأَضَـافَ البيان أن التعامل مع القضية الفلسطينية بعقلية “تاجر العقارات”، ما هو إلا “وصفة فشل”، مؤكّـدًا أن “الفلسطينيين سيعملون على إفشال كُـلّ مخطّطات التهجير والترحيل”، وقالت حماس مختتمةً بيانها: إن “أهل غزة لن يرحلوا عن غزة إلا إذَا كانوا سيعودون إلى مدنهم وقراهم المحتلّة عام 1948م”.

بدوره؛ قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، “خليل الحية” خلال مشاركته الشعب الإيراني في مسيرة الاحتفال بالذكرى الـ 46 للثورة الإسلامية الإيرانية في طهران: إن “خطط الغرب والولايات المتحدة والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة محكوم عليها بالفشل، وسنسقطها كما أسقطنا المشاريع التي سبقتها”.

وأكّـد أن “طوفان الأقصى وحد الأُمَّــة للدفاع عن غزة ضد العدوان الصهيوني، طوفان الأقصى بدد الأوهام والمقولات التي ملأت الآفاق، وحالة الخوف من أن الدم لا ينتصر على السيف”، موضحًا أن “الشعب الفلسطيني هو من حمى طوفان الأقصى ولن يغادر أرضه”.

ولفت “الدكتور الحية” إلى أن “طوفان الأقصى انتصر بعدما توحد الشعب الفلسطيني بشعبه ومقاومته”، مؤكّـدًا من طهران بالقول: إننا “نقف هنا أمام العالم لنقول لكم إن طوفان الأقصى انطلق ليكون مقدمة لتحرير فلسطين”، ما عدهُ مراقبون تحديًا واضحًا للمخطّطات الأمريكية الصهيونية.

 

“نتنياهو” يصف خطة “ترامب” بأنها نهج ثوري إبداعي:

وفي السياق ذاته؛ أشاد رئيس وزراء الكيان المجرم “بنيامين نتنياهو” بمقترح “ترامب” للسيطرة الأمريكية على غزة وترحيل سكانها ووصفه بأنه “نهج ثوري إبداعي”، وذلك بعد عودته إلى “إسرائيل” من “واشنطن”.

وقال “نتنياهو” في كلمة أمام مجلس وزرائه: إنه “اتفق والرئيس ترامب على أهداف الحرب التي حدّدتها إسرائيل في بداية حربها التي استمرت 15 شهرًا ضد حماس، ومنها ضمان عدم تشكيل غزة تهديدًا لإسرائيل”.

وأوضح “نتنياهو” أن “ترامب”؛ “جاء برؤية مختلفة تمامًا وأفضل كَثيرًا لإسرائيل”، وأن مقترحه بشأن مستقبل غزة، تناقشه “إسرائيل” حَـاليًّا، مؤكّـدًا أن الرئيس الأمريكي “في غاية التصميم على تنفيذها، وأعتقد أنها تفتح العديد من الاحتمالات لنا”.

في السياق، ذكرت القناة الـ12 الصهيونية أن وزير المالية الصهيوني “بتسلئيل سموتريتش” دعا “نتنياهو” إلى “عرض خطة ترامب على مجلس الكابينت للموافقة عليها بأسرع وقتٍ ممكن؛ مِن أجلِ الاستعداد للتحَرّك فور الانتهاء من المرحلة الأولى من الصفقة”.

من جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي “مايك والتز”: إن “ترامب قدّم خطة تعالج وضع مليونَي شخص بغزة يعيشون بين الأنقاض، ولم يقدم أحد خطة أفضل”، مشدّدًا في حديث لشبكة “إن بي سي” الإخبارية، على أن “إسرائيل ستدمّـر حماس إن لم تحترم الاتّفاق، وترامب يرى الأمر من منظور عملي”، حَــدّ زعمه.

وفي السياق، ذكر استطلاع لشبكة “سي بي إس” الأمريكية أن 47 % يرون أن سيطرة الولايات المتحدة على غزة فكرة سيئة، في حين يراها 13 % جيدة، وأظهر الاستطلاع أن 54 % يؤيدون تعامل “ترامب” مع الصراع بين “إسرائيل وحماس”.

 

ادِّعاءات وتضليل.. مصر تعلن عن تضامنها مع سكان غزة البواسل:

في السياق، أدانت مصر تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” حول عدم فتح القاهرة لمعبرها الحدودي أمام الفلسطينيين الذين يطلبون مغادرة قطاع غزة.

وفي مقابلةٍ مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية في الثامن من فبراير الجاري، قال “نتنياهو”: إنه “تلقى طلبات من فلسطينيين يريدون مغادرة غزة قبل الحرب، لكن مصر لم تفتح الباب”، مُضيفًا، أن بعضَهم كان “يعطي الرشوة لحراس البوابة في مصر، كانوا يشترونهم، لذا خرج الأغنياء للغاية، لكن من أرادوا المغادرة لم يتمكّنوا من ذلك”.

من جهتها؛ ردت مصر بأن تصريحات “نتنياهو” تضمنت “ادِّعاءات وتضليل متعمد ومرفوض يتنافى مع الجهود التي بذلتها وتبذلها مصر منذ بدء العدوان على غزة”.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيانٍ لها مساء الأحد: إن “مصر تؤكّـد أن مثل هذه التصريحات تهدف إلى التغطية وتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها “إسرائيل” ضد المدنيين وتدمير المنشآت الأَسَاسية الفلسطينية، فضلًا عن استخدام الحصار والتجويع كسلاحٍ ضد المدنيين”.

وذكر البيان أن “مصر سهلت دخول 5000 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ دخول اتّفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير المنصرم”، وهذه هي المرة الأولى التي تذكر فيها مصر “نتنياهو” صراحة في بيان إدانة منذ بدء العدوان على غزة في 7 أُكتوبر 2023م.

وأكّـدت مصر “رفضها التام” لأية تصريحات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين إلى مصر أَو الأردن أَو السعوديّة، معربةً عن “تضامنها مع سكان غزة البواسل” الذين يتمسكون بأرضهم رغم كُـلّ ما يتعرضون له من أهوال للدفاع عن قضيتهم العادلة والمشروعة”.

 

ما الذي سيوقف مخطّطات “ترامب”؟

وفقًا لكل المعطيات المطروحة من داخل وخارج صندوق الصراع العربي –الصهيوني؛ تشير التحليلات إلى أن “ترامب” جاء بعد 77 عامًا من إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي كدولةٍ على الأرض الفلسطينية؛ ليضمن أمن المغتصبين الصهاينة، ويزيل شبح العقد الصهيوني الثامن، والتهديدات من مجموعات المقاومة في الأراضي المحتلّة.

وبحسب مراقبين، أنهُ وبناءً على خطة “صفقة القرن” الفاشلة سابقًا، يعتقد “ترامب” أن توفير منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين مع استقلال سياسي محدود هو بديل أفضل من دولة فلسطينية مستقلة تمامًا، وما فكرة نقل سكان غزة إلى مصر أَو الأردن إلا جزءًا من استراتيجيةٍ أوسع نطاقًا لتقليص الحاجة إلى الاعتراف بدولةٍ عربيةٍ مستقلةٍ على التراب الفلسطيني.

وعلى الرغم أن “ترامب” يزعم أن دول المنطقة ليس لديها خيار سوى قبول خطته، إلا أن المراقبين يعتقدون أن حكام هذه الدول، يدركون حساسية الرأي العام العربي والإسلامي في مختلف أنحاء العالم تجاه الخطط الصهيونية الأمريكية، إذ ليس لديهم خيار سوى مقاومة هذا المشروع الخطير؛ مِن أجلِ مصالحهم الخَاصَّة، ويدركون بوضوح أن الاستسلام لمثل هذه الخطة الكارثية مقابل تنازلات صغيرة مثل المساعدات العسكرية أَو نحوه سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة برمتها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com