صمودٌ أُسطوري يُفشل التهديدات ويدحر هيمنةَ ترامب!

 

إسماعيل سرحان

في السباق المحموم بين الحق والباطل، حَيثُ تتصادم الإرادات وتتشابك المصالح، برزت مشهديةٌ دراماتيكيةٌ تجسدت في الموقف اليمني الجريء. فلقد أجبر اليمن العظيم قيادة وحكومة وشعبًا، المهرج ترامب على التراجع عن تهديداته الهمجية والسخيفة المثيرة للجدل.

كيف لا تجبره على التراجع، وهي التي أعلنت بصوتٍ مدوٍ عن استعدادها للتدخل عسكريًّا إذَا ما تمادى هذا الكافر والخرف في تهديداته ببث الفوضى وتهجير الأبرياء؟

أيامٌ مرت، وكأنما الزمن قد توقف، ليعود ترامب خائفًا يتلاشى من حروفه صدى التهديدات. يتراجع بوضوح، وكأن لم يكن له علاقة بما حدث؛ ليظهر لنا النسخة الأضعف من نفسه ومن دولته وحكومته. فتأتي التصريحات متضاربة، تُظهره على أنه لاعبٌ ضعيف لا حول له ولا قوة، بينما العالم يتطلع إلى الإرادَة التي تمثلت في موقف قوي دفعه للانكفاء والتراجع “الولايات المتحدة ستدعم القرار الذي ستتخذه إسرائيل”، هكذا صرح، وكأنما يسعى لتغطية خجله وفشله وضعفه بعباءة من الازدواجية.

انتصرت حماس، ليس فقط في ميادين السياسة، بل أثبتت أنها ضمير الأُمَّــة، وراية العزّة في زمن الاستسلام والخنوع والتطبيع.

تلك اللحظات التي انتزعت فيها حماس الأسرى الفلسطينيين من بين أنياب البطش الإسرائيلي، أكّـدت لنا أن النصر لا يأتي من فراغ، بل هو ثمرة الجهاد وَالصمود والثبات.

أبناء غزة، الذين باعوا الأوجاع بأحلام العزة، وقفوا كالجبل الأشم، يواجهون قسوة الاحتلال بأملٍ لا يموت.

فكل تلك التهديدات لم تكن إلا كالموج الذي يتراجع أمام سواحل الإيمان الحقيقي.

في خضم هذه الأحداث، تُطرح الأسئلة بعنف: لماذا تراجع ترامب؟

لم يكن ذلك سوى تجلٍ لعجزه، فرغم تهديده، انكسر أمام قوة الإيمان وصلابة اليقين وَأصوات الأحرار وصرخات الحق، فرجع محطمًا ذليلًا مكسور الخاطر، كمن تحطمت أحلامه على أسوار الشموخ. فإطلاق الأسرى لم يكن سوى تذكير بأن في البقاء والإرادَة، هناك قوة لا تُقهر، وأن كُـلّ تهديد يتلاشى أمام العزم والإرادَة والإيمان.

إنها اللحظات الحرجة، تلك المنعطفات الحساسة التي تميز بين الصادق والكاذب. ويأتي موقف السيد القائد عبد الملك بدر الدين ليشعل فتيل الجهاد، مهدّدًا أمريكا وَمن معها من مغبة ذلك الأمر.

فالثبات في المواقف الصعبة هو الكنز الذي يُبرز معادن الرجال، ويجعل من أعمالهم سفراء للعزة والكرامة. ولذلك، سكت العدوّ، وذل وجبن، فبانت ضعفه، وأطلق الأسرى، وانتهى صرير الجحيم الذي لطالما هدّد به ترامب.

فكيف لنا ألا نتساءل: ماذا لو تحَرّك العرب جميعًا ملتزمين بهذه الروح الصادقة؟ إن صمود الفلسطينيين، ووقوف شعبنا اليمني مع إخوانهم، كانا بمثابة الشهادة التي تخيف أمريكا وتجعلها تنسحب بذل وخزي وعار.

وهذا الانتصار ليس مُجَـرّد حدث عابر، بل هو دعوةٌ لليقظة، وحجّـة على كُـلّ مسلم في هذه الأرض.

ينبغي علينا أخذ العبر والدروس من هذه المواقف المشرفة، وأن نلتف حول الصادقين، فلا تنطلي علينا تلك الألاعيب التي يتاجر بها البعض بالقضية الفلسطينية، بينما يتوارون عن الأنظار في أوقات الشدائد.

خروج إخوتنا الأسرى الفلسطينيين هو انتصارٌ عظيم كسر هيبة الطاغوت وصنمية أمريكا، لكنّه يظل قليلًا مقارنة بما يناضل إخوتنا المجاهدون في غزة، وتُناضل؛ مِن أجلِه الأُمهات والأخوات هناك. فماذا لو تحَرّك الجميع؟ وجاهد الجميع؟ وتوحد الجميع تحت قيادة ربانية من آل بيت رسول الله؟

ماذا لو اجتمعت الأيدي في خندق واحد، كيف ستتغير المعادلات في منطقتنا؟

في ختام كُـلّ حديث، لنحتفظ بالاعتزاز في قلوبنا بقائدٍ عظيم، هو فخر لكل مسلم وعربي. لنكون جميعًا صادقين في دعمنا لقضايانا، حاملين على أكتافنا عبء التاريخ، لنصنع من الألم أملًا جديدًا، ومن الهزائم انتصاراتٍ تخلَّدُ في الذاكرة..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com