الأمين الذي فَدَى الأُمَّــة.. إنّا على العهد

 

بشرى خالد الصارم

“اقتلونا تحت كُـلّ حجر ومدر، وفي كُـلّ جبهة وعلى باب كُـلّ حسينية ومسجد، نحن شيعة علي بن أبي طالب لن نتخلى عن فلسطين”.

بهذه العبارة؛ من بين الركام خرج جثمانه، ومن بين ملايين المحبين شُيّع جسده، ومن بين أصوات الملبيين هُتف باسمه “إنّا على العهد”.

لن تبكيه لبنان وحدها ولا محور المقاومة فقط، بل سيبكيه جميع أحرار العالم الإسلامي والعربي، فقد كان السد المنيع، وحجر عثرة أمام مخطّطات العدوّ الإسرائيلي والأمريكي التي تحاك ضد هذه الأُمَّــة ومقاومتها.

نصر الله شهيدنا الأقدس ذاك الأمين للأُمَّـة من وقف وحده، حَيثُ سقط المدّعون، ونطق بالحق يوم ابتلعت الألسن مهانة الذل، وأعلن العِداء لأعداء الله ودينه، حَيثُ سارع المطبِّعون، وأشهر سيف المقاومة حين اختفى صوت الجهاد من على منابر الحق بـ حيّ على خير العمل، ورفع راية شرف الأُمَّــة وعزتها وكرامتها يوم سقطت المواقف، مد يد الدفاع والهجوم عن مستضعفيّ الأُمَّــة يوم تكالبت بقية الأمم عليها، أُثخنت جروحه وابيضَّت لحيته، وقل ناصروه، وزاد أعداؤه وبقي هو وماتوا هم.

غادر جسده، وبقي حبه وذكره في قلوب الأحرار نبضًا لا يغادرهم، وفي دماء الثوار غضبًا لا يبرد، وفي أرواح المجاهدين ثباتاً لا يهدأ، وفي أعين العاشقين والمحبين دمعة شوق وحب لا تتوقف ولا تمحى، غادر بجسده، ولكن بقي دوي صداه رعباً وخوفاً في نفوس أعدائه أمد الدهر والسنين، بقي وسيبقى ذاك الشخص المهدد المرعب الذي يزلزل أركان العدوّ الإسرائيلي حتى بعد ما قتلوه، بقي السيف الشاهر المسلط في وجه الكفر وَالظلم، وسبابة حق ترفع وترعد أمام وجه الباطل، بقي وسيبقى عهد وفاء صادق لا يزول.

أشرق بنوره في ظلمات التيه، فزَكت نفوس الولاء وتبنت مواقف الحق وَالشجاعة تابعة له، بثلة من المؤمنين المجاهدين تحت راية حزبه، مصدقة له، محبة وفية مخلصة لدربه وعهده وطريقه، مُستمرّون في ما عاهدوه عليه، مقسمين بأن حياته ثورة لا تهدأ، ورحيله نار لا تنطفئ، وفي كُـلّ نبضة منه قيامة لا تبقي ولا تذر، وفي كُـلّ غياب ولادة جديدة للمقـاومة.

ومن بين زحام الحشد والتشييع، نسطر لك يا حبيب قلوب اليمنيين وأمينهم أوفى آيات الوفاء، وأصدق مواقف الحق والنصرة، وأسمى مواثيق العهد والمضي على نهجك وطريقك، طالما كنت لهم السند الذي لم يتخل، والموقف الذي لم يساوم، وصوت صادع بالحق لم يخفت، اسمك نُقِش في ذاكرة كُـلّ يمني حر محب ومناصر لك بحروف الوفاء لك ولتضحياتك، وحبك غُرِس في قلوب عشاقك منذ المهد، واستشهادك شرارة غضب تُشعل معاقر قاتليك موتًا وَثأرًا، وستبقى حرارة فراقك جرحاً مُلتهباً في أكباد ناصريك.

ستبقى مواقفك شاهدة على معنى الرجولة في زمن الخذلان، ومعنى الإيمان في زمن النفاق، فالسلام عليك، السلام على سادة شهداء الإسلام، وصدق عزّ من قال: {فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَـمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com