في حضرة العشق المُقدس.. عهدٌ ووفاء
خـديـجة المرّي
صدى صوت السيد حسن نصرالله ما زال يسكن ذواكرنا، لا يغيب عن بالنا أبدًا، كلما سمعناه نشعرُ وكأننا نُسافر إلى عالمٍ آخر غير عالمنا، نجد فيه غيثًا من السكينة والاطمئنان، ونزداد عزيمةً وثباتًا وإيمانًا، وتعلقًا بالفرد الصمد الرحمن.
لكننا بعده لن نستسلم لليأس ولن ننكسر، بل سَنُدثر أرواحنا بلحافٍ من الصبر على حجم هذه الفاجعة والمأساة الأليمة التي لم نستوعبها بعد. سنحول حزننا إلى لهيب ثورةٍ وغضبٍ على كُـلّ عدوٍّ غادرٍ أحمق. ستبقى قلوبنا مشتعلةً بأخذ الثأر، ننسُجها ببحرٍ مُتدفقٍ من القوة والعزيمة والإرادَة الصُّلبة التي لا تُقهر، ونُسطرها في ميادين البطولة بعزمنا وثباتنا ونفيرنا وشجاعتنا وتضحيتنا، ونسجلها في قاموس تاريخنا: بأننا سنأخذ بثأر عشقنا! ليست مُجَـرّد كلماتٍ تُكتب، أَو شعارات تُلصق، بل أفعالًا عظيمة تُوثقها الكاميرات، وتعرضها الشاشات، مُعلنةً عن معجزاتٍ وبشائر انتصارات، تتبعها أكبر فتوحات.
عهدنا يبقى لسماحة العشق المُقدس، عهدٌ ووفاءٌ: قسمًا إننا بعدك يا أبا هادي سنواصل الدرب الجهادي، يا حبيب قلوبنا، وطيف مودتنا، يا شمسًا ستبقى مشرقة في أرواحنا، ويا قمرنا الذي يُضيء عُتمة دروبنا، يا نورًا نستضيء به في ظلام وحشتنا، يا نبراس حريتنا، يا أقدس وأشرف من عرفنا، يا أنبل واطهر من وجدنا، يا صانع الكرامة والعزّة لأمّتنا، ويا حافظ ماء وجهها في عصرٍ انبثقت فيه سلاطين الجور والفسق والخيانة، وتدهورت فيه أنظمة بحكامها وعروشها، فكنت أنت وحدك المُسقط لعروش الظالمين فيها، الكاشف لخبثهم ومكرهم، أيقونة مجدٍ في عصرنا.
لبنان يشهد إخلاصَك وصدقك معه، وتربيتك الإيمانية لأجياله العُظماء، وإيران تشهد بصماتك الخالدة التي تركت أثرك العظيم فيها، والعراق هو كذلك يشهد على فصاحتك وبلاغتك، والأثر الطيب الذي زرعته فيه، وسوريا تشهد على حمايتك لها، والوقوف بشجاعتك وثباتك معها. أما غزة العزّة وفلسطين الحبيبة فقد ضحيت بدمائك الطاهرة؛ مِن أجلِ نصرتهما، وصنعت نصرًا عظيمًا، ورغم الفقد، أكمل الأحرار المشوار، متوعدين بالثأر، من كُـلّ الأشرار.
اليمن! توأم لبنان وشقيها، لن ينسى ما فعلته؛ مِن أجلِه، لن ينسى خطابك الذي سكن قلبه، لن ينسى وقوفك إلى جانبه، يوم تخلى عنه العالم. كنت أنت وحدك من وقفت بصدقٍ وإخلاص معه وناصرته، لن ينسى كُـلّ حرفٍ صغته؛ مِن أجلِه، وكل كلمةٍ تردّدت في مسامعه، وكل خطابٍ ألقيته لتتحدث عنه أَو عن غيره، باختصار اليمن أنت في قلبها، ووحدك أنت من ناصرتها، وأبيت إلا أن تترك مسكًا فواحًا نشتمُ رائحته في كُـلّ مكان.
نم قريرَ العين يا سيدنا، فدعواتنا ترافقك في مكانك السرمدي. لن ننساك وأنتَ حيٌ باقٍ مؤبدي. فقد صنعت بدمك نصرًا لأمتنا، وانتصرت باستشهادك، وكيف لا وقد قلت: “نحنُ لا ننهزم، إن انتصرنا انتصرنا، وإن استشهدنا انتصرنا”.
إنا على العهد باقون.