كـــــــأن نعشَكَ نعشُ نبــــــي

 

إبراهيم مجاهد صلاح

سيدي يا نصرُ الله، يا طودًا أشمّ في وجه الريح، ويا نجمًا ساطعًا في ليل المستضعفين، يا سيفًا سلهُ الله في وجوه المستكبرين، ويا وعدًا صادقًا لا يعرف الخذلان!

ما زالت الأرض ترجف تحت وقع خُطاك، وما زال صوتك هادرًا في آذان الأعداء، يرعبهم حتى بعد أن سكنت روحك علياء المجد

رحلتَ، لكنك لم تفارقنا، بل صرت في الضمائر نشيدًا، وفي العقول نورًا، وفي القلوب سيفًا لا يُغمد، كنت في حياتك زلزالًا هزّ أركان الطغيان، وباستشهادك صرت بركانًا لن يُخمد، نارك لن تنطفئ، وصوتك لن يختفي، فأنت فكرة، والفكرة لا تموت، وأنت راية، والراية لا تُنكّس، وأنت عهدٌ، والعهد لا يُخان

رحلتَ ولم ترحل، سكنت في القلوب فصرت روحًا تسري في عروق الأحرار من العرب والعجم، في كُـلّ من أبى الذل ورفض الانكسار

نعشك عندما مر كأنهُ نعش نبي، كأن جبريل يمضي أمامه والملائكة تُظلله بأجنحتها، والأحرار ينظرون ويمشون خلفه يُقسمون إلَّا يسقط اللواء ولا يهوي السيف ولا ينكسر العهد

نعم لقد ارتدت الأزمان لون الحداد، والأرض ودّعت أحد أوتادها، والسماء أشرقت عليك قبل أن تأوي إليها، وفُتحت لكَ أبواب الخلود

أيها السيد العابر من الحياة إلى الأُسطورة، أعداؤك لم يعرفوا أنك حين سقطت جسدًا، نهضت أُمَّـة، وأنك حين سكنت الثرى، نهضت الأرض بثأرها، وأنك حين أسلمت روحك للسماء، أشرقت أرواح المقاومين بعهد لا ينكسر

ظنّ العدوّ أن باغتيالك سيطوي صفحة العز، فارتدّت خيبته عليه كالسهم، فما زلتَ في وجدان الأُمَّــة سيفًا يقطر عزًا، وما زالت روحك تزلزلهم، حتى أن طائراتهم حلقت فوق مُشيعيك، تراقب رعشةً لم تأتي، وخوفًا لم يوجد، لكنها لم تجد إلا رجالًا ونساء ً وأطفالًا يهتفون: الموت لإسرائيل، لبيك يا نصر الله!

سيدي، إن حسبوا أن رايتك ستتهاوى، فقد خاب ظنهم، فما زال في هذه الأُمَّــة رجال يحملون لواءك، والمقاومة التي غذيتها بدمك لا تنكسر، وما زالت هناك جبهات لن تخمد، وما زال في اليمن سيدًٌ جسور، قائدٌ لا يلين، مجاهدًا لا يُساوم في الكرامات ولا يُخاف التحالفات، ذاك الذي تتزلزل الأرض تحت خطاه، وتُرعب كلماته عروش المستكبرين، ويحمل في يمينه وعدًا بالنصر لا يُخلف، هو الطوفان الذي تُقتلع به جذور المستعمرين

لن نرثيك كما يُرثى الراحلون، بل سنخلدك كما يُخلد الخالدون، لن نبكيك كما يبكي الضعفاء، بل سنحملك في أرواحنا زادًا، وفي ضمائرنا سلاحًا، وفي صدورنا زلزالًا لا يهدأ حتى تُشرق شمس الانتصار

سلامٌ عليك يوم ولدت قائدًا، ويوم عشت منارةً، ويوم استشهدت أُسطورة، ويوم تبعث في صفوف الفاتحين

سلامٌ عليك، وعلى كُـلّ قلب نابض بحبك، وكل يدٍ ترفع رايتك، وكل سيفٍ امتد بوهج دمك

وسلامٌ على الأُمَّــة التي أنجبتك، والمقاومة التي سارت خلفك، والرجال الذين سيكملون ما بدأته، حتى يسقط الطغيان، ويُمحى الاحتلال، ويُكتب النصر وعدًا غير مكذوب!

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com