في ذكرى تأبين شهيد الإسلام والمسلمين سماحة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين
ق. حسين بن محمد المهدي
مما لا ريبَ فيه أن الإخلاصَ لله سِــرُّ النجاح وباب الفلاح، فهو الذي يرفع مكانة الإنسان ويعلي شأنه، ويترك له آثارًا طيبة وأعمالًا مثمرة وذكرًا حسنًا.
وما من مخلصٍ لله إلا
على أعمالِه أثرُ القبولِ
لقد كان للقائد الكبير والأمير المحنك شهيد الإسلام شهيد القرآن شهيد القدس شهيد لبنان شهيد الإنسانية ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين الأثرُ الخالدُ في إحياء معالم الجهاد، ومحاربة الصهيونية اليهودية في فلسطين ومؤازرة أنصار الله في يمن الإيمان والحكمة، والتعاون على البر والتقوى، فضلٌ كَبيرٌ، وشرفٌ عظيم.
إن الزعيم الذي يخلص لخالقِهِ
ويعمل الصالحات ويحرز الرُّشدا
يبقى زعيمًا خالدًا أبدًا
وكذاك نصر الله في السُّعدا
لقد ضرب سماحة السيد حسن نصر الله مَثَلًا رفيعًا في الإخلاص لله والاعتصام بكتاب الله وهدي نبيه، تجلى ذلك في جهاده وفي نصرة شعب فلسطين المظلوم، والاستجابة لله (انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وصدق الله العظيم القائل: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أولياء الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا).
لقد أثبت سماحة السيد حسن نصر الله ورفيق دربه أن الأُمَّــة الإسلامية يدٌ واحدة تناضل؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين بإخلاص لله وعزيمةٍ لا تلين.
مَن أخلصَ النيات كان لقولِهِ
وَقْعٌ وكان لفعله تأثيرُ
وكذاك نصرُ الله يبقى ذكرُهُ
في العالمين له تقديرُ
وفي الحديث النبوي “إنما الأعمالُ بالنيات”.
فإذا نزع الإنسان في عمله الجهادي ابتغاءَ مرضاة الله وامتثال حكمه كان عملُه خالدًا.
فإذا نزعت إلى المكارم فليكُنْ
لله ذاك النزعُ لا للناسِ
ولذيك نصر الله شُرِّفَ نزعُهُ
وجهادُه للمفسدين على رؤوسِ الناسِ
فليهنأ البدرُ المنيرُ بفعلِهِ
ذيك الذي أسقى العدوَّ بالبأسِ
فأغاظه وأهانه وأخافَهُ
بعزيمة وشجاعة هي آيةٌ في الناسِ
ونحن نمُرُّ بذكرى تأبين سماحة السيد نصر الله ورفيق دربه نرى بأم أعيننا ذلك الطود الشامخ، والعالم الكبير وقد أقبل الجمع الغفير من الناس يشيّعونه ويثنون عليه بالخير كله، وفي الحديث النبوي: “أرأيت الرجل يعمل من الخير ويحمده الناس عليه قال تلك عاجل بشرى المؤمن”.
وقد ترك الله لأنبيائه وأوليائه الذين صبروا وجاهدوا الذكرَ الحسَنَ في الآخرين شاهد ذلك في القرآن الحكيم: (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ، إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ).
فمصاب نصرُ الله جد كبير ولكن مكانه الرفيع الذي حصل عليه بالشهادة ونال به الحسنى وزيادة فيه أسى لمن يريد أن يتأسى بأولياء الله المتقين.
فشرف الإسلام السيد حسن نصر الله خليق بالاقتدَاء به وتجديد عهده:
أبت روح هذا السيد العَلَمِ ورفيق دربه إلا أن تعانق السماء وتكون مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أُولئك رفيقًا.
فعلى المسلمين وزعمائهم أن يشحذوا الهمم ويعدوا العُدَّة للجهاد في سبيل الله وتحرير أرض فلسطين بإرادَة قوية، والسير على الطريق الذي اختاره نصرُ الله ورفيق دربه نصرةً لله ولشعب فلسطين بهمة وعزيمة لا تلين.
فالسر الكامن وراء كُـلّ المتميزين الذين نصروا الإسلام هو الإخلاصُ وعدم الاستسلام لوسوسة الشيطان فالحياة أفسحُ من لحظة تكتظ فيها مشاعرُ الأسى وتوهم حب السلامة والبقاء.
حُبُّ السلامة يثني عزمَ صاحبِهِ
عن المعالي ويغري المرءَ بالكسلِ
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقًا
في الأرض أَو سُلَّمًا في الجو فاعتزلِ
رضا الذليل بخفض العيش يخفضُه
والعز عند رسيم الأنيق الذُّلُلِ
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
فالسعيدُ من نصر الله فنصره وجعل له مقامًا يسعد به في جنته (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأرض إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
الرحمةُ للشهداء والخلودُ للمجاهدين الأتقياء والحياة الدائمة والعز والبقاء، (ذلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم) ولا نامت أعينُ الجبناء.