أوصيتنا بالصبرِ فصبَرْنا إلا على فراقك فعذرًا

 

الاعتزاز خالد الحاشدي

سيدي نصر الله..

هل تركتنا حقًا ورحلت!؟

وكيف لك أن ترحل دون أن تودعنا!؟

أيا سماحة العشق، وحب العاشقين الأزلي، ووالد الأُمَّــة وأمانها التي تلجأ إليه وقت الشدة..

تركتنا شخصًا، ويُتمت أُمَّـة بعد رحيلك.

لم تستوعب العقول والقلوب إلى الآن أنك قد غبت عنها ورحلت دون عودة..

لم تستطع العيون تقبل غيابك عن ناظريها، فكيف استطعت يَا سيدي أن تفارقنا وأنت تعلم أن قلوبنا لا تقوى على الفراق؟!

بأبي وأمي أنت عُد ولا ترحل ولك أرواحنا ودماؤنا فداء، فقط لا تتركنا، أَو خذنا إليك..

أوصيتنا بالصبر فصبرنا على كُـلّ ما مر بنا إلا فراقك فعذرًا، نحاول ذلك وتفضحنا دموع الشوق إليك، فمن يواسينا بعدك يَا أبا الصبر..!

سيدي.. أطليت علينا بغير ما اعتدنا عليك في كُـلّ مرة، أطليت علينا وأنت شهيد..

لم نصدق أن جسدك الطاهر يُحمل على أكتاف الرجال وأنت من حملت همّ الأُمَّــة على أكتافك، يَا جبلًا من القوة والثبات..

كم تمنينا رؤيتك وأنت تصلي بنا في القدس، ولكن شاء الله إلا أن نصلي بك نحن صلاة الوداع الأخير، الصلاة التي تليق بالعظماء.

ولكن كيف لهذا الجثمان المكرم الطاهر أن يدفن تحت الثرى!

رحلت وبقي الوعد قطعًا سننتصر..

أرعبت “إسرائيل” وأذليتها حتى وأنت شهيد، أرسلت طائراتها لتحلق على جسدك الطاهر في مراسم التشييع التي حضرها كُـلّ محبيك، إلا أنهم لم يهتابوا أو يخافوا أن تقصفهم، بل رفعوا قبضات أيديهم يصرخون هيهات منا الذلة.

احتشدوا من كُـلّ مكان في العالم حبًا وتبجيلاً وإجلالًا لجثمانه الطاهر، اجتمعت كُـلّ الأديان، وكلّ الأحزاب والطوائف لتوديع سيد المقاومة الذي هو فعلًا “سماحة العشق”..

توارى جثمانه الطاهر وجثمان أخيه ورفيقه السيد هاشم صفي الدين، وبقي جمهورهم في دموعهم يغرقون..

سيدي.. مصابنا بك عظيم، وخسارتنا أعظم، فلله ما أعطى ولله ما أخذ، لن يعيش قاتلوك طويلًا؛ ما دامت أفئدتنا تحترق غضبًا وانتقامًا لبني “إسرائيل”.

لك جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار، ولهم عذاب أليم جزاء بما كانوا يعملون.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com