رمضان يرمزُ إلى قوة المؤمنين واتّحادهم

 

ق. حسين بن محمد المهدي

لقد بعث اللهُ رسولَه بالهدى ودين الحق، دين الإسلام في شهر رمضان، الذي أُنزِلُ فيه القرآنُ هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان، وجعله خاتم النبيين، وختم به الشرائع جميعًا، وأتم به الدين، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِينًا) وأنزل عليه في سورة الفرقان (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى‏ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا) وفي سورة الأنبياء (وَما أرسلناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وفي سورة الأعراف (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا).

لقد بعث الرسول محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- في شهر رمضان بالنور والهدى الذي اكتملت به عناصر الخلود، فجمع فيه بين عمل الدنيا وعمل الآخرة، التي راعى فيها مطالب الروح والجسد على منهج قويم لا إفراط فيه ولا تفريط، فأمر المسلمين أن يصلحوا دنياهم بالعمل النافع، وآخرتَهم بالعمل الصالح الذي يحقّق لهم السعادة في أمور معادهم، وكتب عليهم الصيام في شهر رمضان لعلهم يتقون، ولم يجعل القرآن هداية للعرب فقط وإن بدأ بهم، بل إن معارفَه وأنوارَه عامةٌ للبشر، مفيدةٌ لهم في إصلاح عقائدهم وعاداتهم، ومرشدة لهم إلى العلوم الإنسانية والطبيعية، وأسرار كامنات الأرض وكامنات السماء.

فكأن رمضانَ بأنوار القرآن ينادي إلى الهدى والتقى والفلاح والسعادة، فهل من مستضيء بهديه لينال الحسنى وزيادة.

فهو عنوانٌ لعز الأُمَّــة الإسلامية، ورمز لعظمتها، فإذا اعتصم المسلمون واتَّحدوا وعقدوا النيةَ على إعلاء كلمة الله والاعتصام بحبله والجهاد في سبيله؛ مِن أجلِ تحرير فلسطين ومقدسات المسلمين في الأرض كلها، ونشر الإسلام وهداية الناس إليه، فَــإنَّهم يكونون بذلك قد ساروا على نهجِ نبيه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي أنزل عليه (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) وأجابوا داعيَ الله فأصلحوا أنفسهم، ورجعوا إلى كتاب ربهم فأجدر بهم أن ينالوا شرفَ الدنيا والآخرة.

فمن مزايا شهر رمضان الكريم فرض الصيام فيه ليكون خيرَ وسيلة لإصلاح النفس، وإصلاح الجسد، وإصلاح المجتمع، وإصلاح الأُمَّــة وتوحُّدها، ففي ذلك مجد الدنيا والآخرة (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com