رهينة الوصاية
ريما فارس
حين يكون القرار الوطني رهينة الحسابات الضيقة.
في السياسة، كما في الحياة، لا يمكن لأحد أن يكون في موقع القيادة وهو يتردّد بين خيارين متناقضين. إما أن تكون صاحب موقف واضح، أَو أن تصبح أسير المراوغة التي لا تحمي بلدًا ولا تصنع سيادة. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج لبنان إلى وضوح في الرؤية، لا إلى خطابات تحاول إرضاء الجميع بينما تسلب القرار الوطني جوهره الحقيقي.
من يريد أن يتحدث عن الدولة، عليه أن يبدأ باحترام من دافع عنها، لا أن يساوي بين الضحية والجلاد أَو ينظر إلى التاريخ من زاوية مقلوبة. لا يمكن بناء مستقبل على تزييف الوقائع، ولا يمكن الادِّعاء بحماية الوطن حين يكون الخطاب موجّهًا إلى الخارج أكثر مما هو موجه إلى الداخل.
لسنا في مرحلة رفاهية سياسية تتيح المناورة بلا أثمان، فالتاريخ علّمنا أن التجارب الفاشلة لا تأتي من فراغ، بل من قادة ارتضوا أن يكونوا أدوات في لعبة أكبر منهم. وها نحن نرى اليوم من يريد إعادة إنتاج سيناريوهات بائسة، متناسيًا أن البلد لم يعد يحتمل مغامرات تُدار من وراء البحار.
السيادة ليست شعارًا يُرفع عند الحاجة، بل هي التزام يومي يبدأ باحترام تضحيات من حرّر الأرض، ولا ينتهي عند رفض كُـلّ وصاية، سواء كانت بلباس دبلوماسي أَو تحت غطاء الاتّفاقيات المشبوهة. فلبنان لن يُبنى على أنقاض كرامته، ولن يستعيد عافيته إذَا بقي القرار الوطني مرهونًا لحسابات الخارج على حساب مصلحة شعبه.
اليوم، ليس السؤال عن الحياد أَو الانحياز، بل عن القدرة على اتِّخاذ موقف يحفظ كرامة البلد. فهل هناك من هو مستعد لقول الحقيقة، أم أننا أمام تكرار لنسخ باهتة من تجارب لم تجلب للبنان سوى الضعف والتبعية؟