إدخَال المساعدات أَو التصعيد: خيار العالم في معادلة غزة

 

محمد عبدالمؤمن الشامي

في موقف حاسم يعكس تصميم اليمنيين الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته للعدوان الإسرائيلي، أعلن السيد القائد عبد الملك الحوثي عن مهلة لا تتجاوز أربعة أَيَّـام، مهدّدا باستئناف العمليات البحرية ضد العدوّ الإسرائيلي إذَا لم يتم إدخَال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر. هذه الرسالة تمثل إعلانا عن معادلة استراتيجية جديدة في المنطقة، معادلة “الحصار مقابل الحصار” التي تضع العالم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما رفع الحصار عن غزة فورًا وإدخَال المساعدات الإنسانية، أَو مواجهة تصعيد إقليمي قد يغير موازين القوى في المنطقة بشكل جذري.

إعلان السيد القائد هو بمثابة صفعة قوية للمجتمع الدولي الذي فشل في ممارسة أي دور حقيقي لرفع الحصار عن غزة، رغم تزايد المعاناة الإنسانية المروعة في القطاع. استمرار التواطؤ الدولي مع الاحتلال الإسرائيلي دفع اليمنيين إلى رفع شعار “الحصار مقابل الحصار”. السيد القائد عبد الملك الحوثي يؤكّـد بصوت مدوٍ أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الحصار، بل سيكون له رد فعل قوي ومدمّـر في البحر الأحمر، الذي يعد شريانًا حيويًّا للملاحة العالمية.

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، نفذ اليمنيون عمليات عسكرية استهدفت السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر. هذه العمليات لم تكن مُجَـرّد رد فعل عاطفي، بل جزء من استراتيجية محكمة تهدف إلى فرض ضغوط اقتصادية مباشرة على العدوّ. البحر الأحمر، كممر استراتيجي للتجارة العالمية، سيتعرض إلى اضطراب واسع في حال استئناف العمليات البحرية ضد “إسرائيل”، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل العالمي وبالتالي التأثير بشكل مباشر على الاقتصاد الإسرائيلي.

إصرار اليمنيين على تنفيذ تهديداتهم في استئناف العمليات البحرية يعد رسالة قوية، ليس فقط للاحتلال الإسرائيلي، بل أَيْـضًا للقوى الدولية التي تواطأت في دعم العدوان. الهجمات السابقة على السفن الإسرائيلية تؤكّـد أن اليمنيين لن يكتفوا بالكلمات والتصريحات، بل سيستمرون في تنفيذ استراتيجياتهم العسكرية على الأرض وفي البحر، معتمدين على تكتيكات دقيقة تهدف إلى إرباك العدوّ على كافة الأصعدة.

المجتمع الدولي اليوم في موقف بالغ الصعوبة. إذَا فشل في إجبار “إسرائيل” على رفع الحصار وإدخَال المساعدات الإنسانية إلى غزة، سيجد نفسه أمام تصعيد عسكري مرشح لأن يمتد إلى جبهات جديدة. دعم القوى الغربية لـ “إسرائيل” يعزز من صمود اليمنيين ويزيد من تعقيد الموقف في البحر الأحمر. إذَا استمرت الانتهاكات ضد غزة، سيؤدي ذلك إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه.

مع اقتراب نهاية المهلة الممنوحة للوسطاء، بات واضحًا أن العالم على وشك الدخول في مرحلة جديدة من الصراع. إما أن يلتزم المجتمع الدولي بواجبه في إدخَال المساعدات الإنسانية إلى غزة، أَو أن يواجه تصعيدًا عسكريًّا سينقلب الموازين الاقتصادية والسياسية لصالح اليمن. معادلة “الحصار مقابل الحصار” التي أعلنها السيد القائد عبد الملك الحوثي تؤكّـد أن اليمن لم يعد مُجَـرّد طرف في المعادلة، بل أصبح قوة إقليمية ذات تأثير كبير في الساحة الدولية.

إن معادلة “الحصار مقابل الحصار” التي أعلنها السيد القائد عبد الملك الحوثي هي دعوة صريحة للعالم بأن اليمن لن يظل مُجَـرّد شاهد على معاناة غزة. اليمن، الذي قاوم لسنوات العدوان والحصار، أصبح قوة إقليمية صلبة لا تساوم على مبادئها. إصرار اليمنيين على تنفيذ تهديداتهم يعني أن المجتمع الدولي أمام اختبار صعب: إما التفاعل الجاد مع معاناة غزة، أَو دفع ثمن التصعيد القادم. البحر الأحمر لن يكون آمنًا، والاقتصاد العالمي لن يظل بمنأى عن تبعات هذا الصراع. اليمنيون الذين ثبتوا على مواقفهم لسنوات، سيتابعون مسيرتهم حتى تتحقّق أهدافهم، وفي مقدمتها تحرير فلسطين ورفع الحصار عن غزة، مهما كانت التحديات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com