ما بعد انتهاء مهلة السيد القائد.. ذاكرة المغتصِب الإسرائيلي تستعيدُ الأهوال

 

المسيرة: إبراهيم العنسي

بانتظار الساعات والأيّام القادمة، يعيشُ الكيانُ الإسرائيلي حالةً من القلق لما قد تفاجئه به اليمن وقواته المسلحة بعد انتهاء المهلة التي حدّدها السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي بـ “أربعة أيام” لفكِّ المعابر ودخول المساعدات والاحتياجات إلى غزة.

مع انتهاء المهلة يستعيد المغتصبون ذاكرة معاناة خمسة عشر شهراً من الحصار اليمني للموانئ الإسرائيلية ومعها تعود حالة القلق والتوتر التي عاشها المجتمع الاستيطاني الإسرائيلي طيلة استهداف اليمن للمدن الفلسطينية المحتلّة، حَيثُ كانت أدوية القلق والاضطرابات النفسية جزءاً من روتين حياة الشارع اليهودي وجزءاً من طعامه وشرابه على مدار أشهر طوال، بينما كانت الملاجئ شغل الغاصبين الشاغل، حَيثُ ملاحقة صفارات الإنذار والسباق المصحوب بالهلع مع وصول صواريخ وطائرات اليمن وخيار الفرار المتكرّر، وما رافقها من مشاهد حتى إعلان الهدنة.

وبدخول ما بعد المهلة حيز النفاذ لاستئناف اليمن عملياته العسكرية ضد “إسرائيل”، أكّـدت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء، أن جيش الاحتلال رفع حالة التأهب وعطَّل نظام تحديد المواقع (GPS) وسط “إسرائيل” خشية تجدد إطلاق صواريخ ومسيّرات من اليمن.

على وقع جهوزية القوات المسلحة اليمنية لاستئناف حصار الموانئ الإسرائيلية واستهداف المدن الإسرائيلية، توقعت صحيفة “معاريف” العبرية: أنه خلال الـ 24 ساعة القادمة من المتوقع أن تنطلق صفارات الإنذار في كافة أنحاء “تل أبيب” المدن المحتلّة؛ بسَببِ التهديدات القادمة من اليمن

وتحدثت عن استعدادات “الجيش الإسرائيلي” لاحتمال استئناف الهجمات من اليمن، والقول إنه وضع عدة أنظمة في حالة تأهب، بما في ذلك منظومة اعتراض الصواريخ “حيتس”، كنوع من تخفيف هلع الشارع الإسرائيلي الذي عاش تجربة مريرة مع صواريخ ومسيّرات اليمن، متزامنة مع إخفاق كُـلّ أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية والأمريكية معًا.

والأهم -بحسب الصحيفة العبرية- أن “جيش العدوّ الإسرائيلي يأخذ التهديدات القادمة من اليمن على محمل الجد”.

 

من جديد.. اليمن يتصدر الموقف:

مع استعادة ذاكرة العالم خمسة عشر شهراً من المشاركة والإسناد اليمني لفلسطين وقطاع غزة، كان الفعل اليمني قد تجاوز حدود المتوقع وقفز على تحليلات الساسة والعسكريين والمحللين على السواء، فما حصل منذ أُكتوبر2023، كان غير متوقع، فقد كان الحدث والموقف الذي عُــدَّ واحدًا من مفاجآت القرن الحادي والعشرين، بتمخض مواجهات البحار ما بين اليمن والتحالف الأمريكي والأُورُوبي، عن صعود اليمن كقوة بحرية أجبرت القوى المهيمنة على الاستكانة والرضوخ لمطالب المقاومة العادلة والمشروعة، ومعها برزت معادلات جديدة وحسابات مغايرة لما كان سائدًا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، وسيكون لها وقع وتأثير على نظريات العلاقات الدولية وتصورات خبراء ورواد هذا المجال.

ومع هذا الفعل الأخلاقي بوقعه الذي بات محط اهتمام العالم وإعجاب القوى وشعوب العالم الحية، يستهل اليمن مرحلة جديدة من مراحل الدفاع عن غزة فلسطين، وقد عادت قضية غزة (فلسطين) قضية عالمية الطابع والشعور، وموضع اختبار إنسانية وضمير العالم.

هذا الموقف الذي تتصدره اليمن في مرحلته الجديدة (الثانية) يشكل منعطفًا جديدًا لتحدي هيمنة الاستكبار الأمريكي وأبجديات الإخضاع الغربي والتي سقطت في المرحلة الأول أمام مرأى ومسمع العالم.

 

واقع العدو:

وفي مقابل هذه الصورة التي يجسدها النضال اليمني باسم “مضطهدي العصر”، يشعر كيان العدوّ أنه في موقف معقد وشائك، فالخيارات التي يمتلكها مقابل الأجندة الأمريكية “الخَاصَّة” في عهد ترامب لا تبعث على التفاؤل، في الوقت الذي يعاني كيان الاحتلال تراكمًا في خسائر الداخل الاقتصادية والمالية والبشرية والبنية التحتية، والأهم الجانب المعنوي للشارع الإسرائيلي.

لقد كشف تقرير لصحيفة “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي يواجه أزمة غير مسبوقة في أوساط جنود الاحتياط، حَيثُ تظهر مؤشرات واضحة على عزوف متزايد عن التجاوب مع استدعاءات الخدمة العسكرية؛ مما يضعف قدرة “إسرائيل” على استئناف القتال في قطاع غزة في حال انهيار مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة (حماس).

وكشف المراسل العسكري لصحيفة “هآرتس” “عاموس هرئيل” عن تقديرات مصدرها جيش الاحتلال تتحدث عن أن نصف قوات الاحتياط في بعض الوحدات لم تلتحق بالخدمة مؤخّرًا، بينما يحاول الجيش التعتيم على هذه المشكلة، في ظل معارضة 70 % من الجمهور الإسرائيلي لعودة العمليات العسكرية، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة.

ويسلط تقرير هرئيل الضوء على مشكلة عميقة تواجه الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى؛ إذ يلوح في الأفق خطرُ عدم التحاق بعض جنود الاحتياط بالخدمة إذَا قرّرت الحكومة العودة إلى الحرب، وهو أمر لم يكن موجوداً من قبل بهذا الشكل.

هذا إلى جانب الخسائر الاقتصادية وما يعانيه الشارع “الإسرائيلي” من تردٍّ في أحوال المعيشة مع تعاظم الشعور بالاستياء من الداخل الإسرائيلي الذي تتعمق فيه جذور الفساد لتحيل حياة من هم فيه إلى حالة الشك وتعاظم هواجس الخيانة والتي تتهم بها طبقة السياسيين ورجال المال في هذا الكيان، حَيثُ اتسعت الهوة بين أُولئك والشارع الصهيوني مع حرب غزة وبرزت معها مفردات التضحية بالمغتصبين والمجندين اليهود لأجل النخبة الحاكمة ومصالح الأحزاب، بينما ظهرت تداعيات الحصار اليمني ضد الكيان على حياة الشارع اليهودي المعيشية ونفسية مواطنيه وانعكاسها على سوق الكيان سلبيًّا.

وفي ظل هذا يمكن القول: إن استئناف القوات المسلحة لاستهداف الموانئ الفلسطينية المحتلّة وحركة سفن العدوّ التجارية وقض مضاجع المستوطنين من جديد مع عودة صفارات الإنذار مع وصول صواريخ وطائرات اليمن، هي جزء من ثمن لا بدَّ أن يدفعه كيان الاحتلال، والمجتمع الصهيوني الغاصب، طالما أغلقت معابر غزة وقطعت المياه والكهرباء عن سكان القطاع المنكوب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com