هل تخضع اليمن؟ قراءةٌ في وهم التحالف الصهيوأمريكي
أسماء الجرادي
في عدوان صهيوأمريكي جديد استهدف اليمن بكل عنفه وعدوانيته، تتجلى محاولات يائسة لإخضاع هذا الشعب الصامد وكسر عزيمته. يسعى هذا التحالف، المكون من القوى الكبرى (أمريكا، بريطانيا، إسرائيل) وأعوانهم الإقليميين، لإيقاف دعم اليمنيين للمقاومة في غزة، تحت غطاء تحقيق أهداف طالما كانت مُجَـرّد أحلام واهية سبق أن جُرّبت ولم تُفلح.
كما أن مرتزِقة هذا التحالف من اليمنيين يظنون أن هذا العدوانَ هو المفتاحُ لتحقيق مآربهم، كما حلموا سابقًا خلال “عاصفة الحزم”. آنذاك، تصوروا أن بإمْكَانهم العودة إلى صنعاء وإعادة سلطتهم الزائلة، لكن عقدًا من الزمان كان كافيًا لإثبات أن هذه الآمال ليست إلا أوهامًا.
ورغم سنوات العدوان التي شهدت قصفًا وقتلًا وتدميرًا لكل أركان الحياة في اليمن، ما زال بعض المتوهمين يرون أن التحالف الأمريكي سيحقّق لهم النصر الحتمي، معتمدين على الأُسطورة القائلة بأن أمريكا هي القوة التي لا تُقهر وبالكلمات والتصريحات المجنونة للمجرم الطاغية ترامب. لكن التاريخ والواقع يثبتان عكس ذلك؛ فاليمن واجه أعتى تحالف عسكري في التاريخ الحديث، شارك فيه أكثر من 17 دولة، واستخدمت فيه أحدث الأسلحة وأشدها فتكًا، ومع ذلك، لم يحقّق المعتدون أهدافهم، بل فشلوا في كسر إرادَة هذا الشعب.
ثم إن هذا العدوان لم يكن الأول؛ فقد بدأ العدوان الأمريكي-البريطاني-الصهيوني قبل أكثر من عام مع بدء الدعم اليمني لفلسطين. وقد قامت العديد من العمليات العسكرية الصهيوأمريكية لردع اليمن، لكنها فشلت، وانتصر اليمنيون كما انتصرت الإرادَة الفلسطينية.
عندما بدأت حربُ التحالف السعوأمريكي قبل عشرة أعوام، لم يكن اليمن يملك من القوة العسكرية ما يكفي لمواجهة هذا العدوان الكبير والغادر.
ومع ذلك، كانت هناك مشاهد أُسطورية للعمليات اليمنية ولمقاتلين يمنيين وهم يقتحمون مواقع الأعداء حفاة القدمين، مسلحين فقط بإيمانهم الراسخ وعتادهم الشخصي البسيط. لم تكن قوة اليمن في السلاح أَو العدد، بل في الإيمان بالله والثقة بنصره. هذا الصمود الذي أدهش العالم ما هو إلا آية من آيات الله لكل من يتفكر ويتدبر.
المتأمل للأحداث يرى كيف أن الأعوام الماضية كانت تحمل الكثير من الدروس والعبر والآيات الإلهية. فحركة بسيطة ومحدودة، مثل أنصار الله، تحولت خلال سنوات إلى قوة عالمية تهدّد أمريكا و”إسرائيل”. هذه التحولات، رغم استشهاد قائدها المؤسّس في وقت مبكر من المواجهة، تؤكّـد أن ما شهدته اليمن ليس وليدَ الصدفة، بل هو نتيجة لقوة إيمانية ودعم إلهي واضح للعيان.
اليوم، قادة التحالف الصهيوأمريكي لم يستوعبوا حقيقة أن مواجهة قوة إلهية، مستمدة من إيمان شعب حر، ليست مُجَـرّد معركة عسكرية. والسؤال الحقيقي هنا: هل يظن المعتدون أن أسلحتهم وقوتهم العسكرية قادرة على مواجهة قوة الله؟
الشعب اليمني يتمتع بإرادَة صُلبة وعزيمة لا تنكسر أَو تلين. فمنذ القدم، لم يُعرف اليمنيون بالاستسلام أَو الخضوع، بل واجهوا كُـلّ محاولات الغزو بصلابة أذهلت أعداءهم. واليوم، في ظل هذا العدوان، يظهر اليمني أقوى من أي وقت مضى، مؤكّـدًا أن العمليات العسكرية والتهديدات لا تزيده إلا إصرار وتصميمًا على المضي في طريق النصر.
اليمن ليس فقط بلدًا قويًّا بإيمانه وصامدًا، بل هو رمز للإرادَة التي لا تنحني. وتكرار العدوان ومحاولات الترهيب لم تضعف هذا الشعب، بل زادت من شراسته في المواجهة. فلقد فهم اليمنيون بعمق معنى “الله أكبر” التي يردّدونها كَثيرًا في صلواتهم، وجعلوها شعارًا يقودهم في معركتهم ضد الظلم.
وأما دعم غزة فهو ليس مُجَـرّد موقف سياسي، بل هو واجب ديني وإنساني أمرنا الله به لنقي أنفسنا من غضبه وعقابه، وقد قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أنفسكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ”-.
وهذا الدعم يعكس وعي القيادة اليمنية بمسؤولياتها أمام الله، وهو ما يجعل الشعب ثابتًا على هذا الطريق حتى النهاية، مؤمنًا بأن التضحيات هي جزء من رسالته الإيمانية.
أخيرًا.. اليمن سينتصر. وهذا ليس فقط يقينًا دينيًّا بل حقيقة تاريخية تؤكّـدها كُـلّ المعارك التي خاضها اليمن عبر تاريخه القديم والحديث. لم تُعرف اليمن بالهزيمة، ولن تكون في هذه المعركة الاستثنائية إلا كما كانت دائمًا: منتصرة بعزيمتها وصبرها وإيمانها.
وفي هذا الشهر الفضيل، ومع الذكرى التاريخية لمعركة بدر الكبرى، تظهر اليمن كأنها تعيش معركة بدر جديدة، تجمع فيها القوة الإيمانية في وجه شياطين البشرية. ومع اقتراب دخول العام العاشر من الصمود، يبقى اليمن شاهدًا على أن الإيمان والصمود أقوى من أي عدوان.