القائد يوسّع نطاقَ معادلة “التصعيد بالتصعيد”: نحو خيارات إضافية “أكثر إيلاما”

– بعد تعرضها لضربة ثانية.. مسؤول أمريكي يعترف بتعرض الحاملة (ترومان) لهجوم استمر 12 ساعة

– وزير الدفاع: لدينا مفاجآت غير سارة للأعداء وقادرون على إدارة معركة بحرية طويلة

 

المسيرة| خاص:

جَــدَّدَ السيدُ القائدُ عبدُ الملك بدر الدين الحوثي التأكيدَ على امتلاك اليمن خيارات تصعيدية “مؤلمة ومزعجة” للعدو الأمريكي في حال استمراره بالعدوان على اليمن، وهو ما عزَّزه وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي بتصريحات جديدة أكّـد فيها على امتلاك القوات المسلحة الكثير من المفاجآت غير السارة للأعداء؛ الأمر الذي يعكسُ فشل الحملة الأمريكية الجديدة ويبرز ملامحَ ارتدادها بنتائجَ عكسية من شأنها أن تساهمَ في تعاظم تأثير الجبهة اليمنية والتحول التأريخي الذي صنعته في ميدان الصراع.

التحذير الجديد وجّهه السيد القائد على وقع الخروج الجماهيري الكبير، نهار الاثنين، بعد يومين فقط من بدء الحملة العدوانية الأمريكية على اليمن، والذي عكس الالتفافَ الكبير حول معادلة “مواجهة التصعيد بالتصعيد”، حَيثُ عزز القائد رسائل ذلك الخروج بتجديد الإنذار للولايات المتحدة من أن استمرارَ عدوانها “سيدفعُ نحو خيارات تصعيدية إضافية” أكّـد أنها ستكونُ أكبرَ من المستوى الحالي المتمثل بحظر الملاحة الأمريكية واستهداف السفن الحربية، و”أكثر إيلامًا وإزعاجًا” لواشنطن.

كما يأتي هذا التحذير بعد عملية استهداف هي الثانية خلال 24 ساعة لحاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) تم خلالها إفشال هجوم عدواني جديد، حَيثُ تمكّنت القواتُ المسلحة من إجبار مقاتلات العدوّ على العودة لحماية حاملة الطائرات من الصواريخ والطائرات المسيَّرة اليمنية، وقد كشف السيد القائد أن العملية أجبرت الحاملةَ الأمريكية على الانسحاب باتّجاه أقصى شمالي البحر الأحمر، على مسافة أكثر من 1300 كيلو متر من اليمن.

وقد اعترف مسؤولون أمريكيون بالهجمات اليمنية على حاملة الطائرات، وقال أحدهم لوكالة “أسوشيتد برس”: إن “الحاملة تعرضت لهجوم استمر 12 ساعة”، وهي أول مرة تعترفُ بها الولايات المتحدة باستهداف حاملات طائراتها بشكل سريع وواضح، وهو ما يشكل دلالة واضحة على أن البحرية الأمريكية تواجه مأزقًا يتجاوز حتى القدرةَ على التكتم الإعلامي.

وأمام تحذيرات السيد القائد، والخروج الشعبي الكبير، والعمليَّات العسكرية ضد حاملة الطائرات (ترومان)، فَــإنَّ استراتيجية إدارة ترامب العدوانية التي تمحورت حول خلق انطباع “صارم” عن الغارات، وإظهار “اختلاف” كبير عن استراتيجية إدارة بايدن، تبدو الآن بلا قيمة، حَيثُ تكشفُ النديةُ الكبيرة التي أظهرها اليمن عسكريًّا وشعبيًّا وبسرعة عن تماسك كبير يقوض مزاعم “الحسم” الأمريكية ويؤكّـد أن إدارة ترامب لا تملك أي شيء تتجاوزُ به المأزق الذي عجزت سابقتُها عن الخروج منه والمتمثل في عدم جدوى “القوة” الأمريكية في مواجهة اليمن.

بعبارة أُخرى: إن معادلة “مواجهة التصعيد بالتصعيد” الذي فرضها اليمن بسرعة من خلال الضربات العسكرية وإعلان حظر الملاحة البحرية والتحذير من التوجّـه نحو خياراتٍ تصعيدية إضافية بتأييد شعبي واسع، قد أفرغت كُـلّ تهويلات وتهديدات الإدارة الأمريكية من محتواها؛ لأَنَّ هذه الإدارةَ حرصت بشكل واضح على صناعة صورة تظهر العدوان على اليمن وكأنه ضربة قاتلة خاطفة لإنهاء المشكلة تمامًا، حتى أن الحملةَ الدعائية الأمريكية التي ترافقت مع العدوان وجهت انتقادات كثيرة لإدارة بايدن على أنها “تبادلت” إطلاقَ النار مع اليمن، وتعرضت لضربات يمنية، وبالتالي فَــإنَّ وجود تصعيد يمني مقابل، جاء بمثابة حُكم مسبق بفشل استراتيجية ترامب، بل وأكّـد أنها لا تختلف كَثيرًا عن استراتيجية بايدن، بناءً على حقيقة أنهما يستخدمان نفس الأدوات والأساليب، مثل حاملات الطائرات التي بات واضحًا أن القوات المسلحة قد استطاعت التوصل إلى التكتيكات والقدرات المطلوبة لتقليل تأثيرها وتحويلها إلى عبءِ على البحرية الأمريكية أثناء المعركة.

وتشكّلُ تحذيراتُ السيد القائد من “خطوات تصعيدية إضافية” ضربةً مهمةً لاستراتيجية إدارة ترامب فيما يتعلق بمحاولة البحثِ عن خيارات جديدة لتجاوز واقع الفشل المُستمرّ منذ أكثر من عام، حَيثُ تكشف هذه التحذيراتُ أن اليمن قد استبق تفكيرَ الإدارة الأمريكية الجديدة، وأعد العُدَّةَ لضمان استمرار امتلاك زمام إدارة المعركة وإبقاء العدوّ عالقًا في حالة الصدمة التي يحاول جاهدًا الخروج منها.

وفي هذا السياق، أكّـد وزير الدفاع اللواء محمد ناصر العاطفي في تصريحات جديدة، الاثنين، أن القوات المسلحة “تمتلك قدرات ومفاجآت غير سارة للأعداء” مضيفًا: “لقد أعددنا لكل هدف عُــدَّتَه وهيَّأنا الإمْكَانات المطلوبة للقيام بما خططنا له وننوي تنفيذه إن استمر العدوان وتواصل الحصار”.

 

معادلة “التصعيد بالتصعيد” تطال العدوّ الصهيوني:

ومما يزيدُ معادلةَ “التصعيد بالتصعيد” اليمنية فعاليةً ويصعِّبُ مهمةَ الولايات المتحدة أكثر، أنها لا تنحصرُ فقط على واقع الاشتباك مع الجيش الأمريكي، بل تشمل أَيْـضًا المسارَ الأَسَاسي للمعركة والمتمثل في مساندة الشعب الفلسطيني، حَيثُ جَــدَّدَ السيد القائد، الاثنين، التأكيدَ على أن اشتدادَ الحصار الإجرامي المفروض على غزة سيقابَلُ بخطوات تصعيد إضافية ضد العدوّ الصهيوني.

وعَزَّزَ وزيرُ الدفاع هذا الإعلان بتأكيدات على أن “القوات المسلحة اليمنية جاهزة لتطوير المواجهة بما يتناسب مع حجم التحدي ومع أي موقف طارئ” وأن “المستويات الاستخبارية تقصت الحركةَ الملاحية للسفن الصهيونية وحدّدت بياناتٍ دقيقةً للأهداف الصهيونية”.

وَأَضَـافَ اللواء العاطفي أنه “سيتم التعاملُ مع السفن الصهيونية في مجال العمليات القادمة بما تفرضُه متطلباتُ المعركة البحرية الشاملة”.

وتابع: “سنجبر الكيانُ الصهيوني ومن يساندُه على الرضوخ للقوانين والاتّفاقيات الدولية بما في ذلك اتّفاقيات الهُدنة”.

وأكّـد أن القدراتِ اليمنيةَ “كافيةٌ لإدارة معاركَ بحرية طويلة الأمد وبأساليبَ ستصيبُ الأعداء بالذهول” مُشيرًا إلى أن “صواريخنا اليوم أكثر دقةً وتدميرًا وطائراتنا ذات مدى أبعدَ وتحلِّقُ لساعات طويلة وزوارقنا وغواصاتنا ذات تطور عال”.

وَأَضَـافَ أن “كل منطقة حساسة وكل منشأة استراتيجية وكل هدف نوعي لن يكون بعيدًا عن أيدينا وعن أعيننا”.

هذه التأكيداتُ تضعُ جبهةَ العدوّ في مأزق حقيقي؛ لأَنَّ الهدفَ من العدوان الأمريكي الجديد كان احتواء عودة التهديد القادم من اليمن على كيان العدوّ، ومع فشل إدارة ترامب في ذلك ووجود خيارات تصعيد إضافية تشملُ الأمريكيين والصهاينة معًا، فَــإنَّ المسألةَ تتجاوز الفشلَ في ردع اليمن، حَيثُ يبدأ اليمن بفرض معادلات جديدة يعرفُ الأعداء أن تأثيراتَها ستمتدُّ إلى المستقبل مثلما امتدت تأثيراتُ معادلات الحصار البحري والقصف المباشر على الأراضي المحتلّة وطرد البحرية الأمريكية من المنطقة، وهو ما يعني بدوره أن أيَّ اصطدام قادمٍ مع اليمن سيكون أكثرَ خطورةً بكثير مما هو عليه الحال الآن.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com