الدور العربي في تفاقم الأزمة السورية وزيادة نفوذ القوى المتطرفة
د. شعفل علي عمير
تمثل الأزمة السورية مأساة إنسانية وصراعًا سياسيًّا واجتماعيًّا وطائفيًّا تعصف بكل جوانب الحياة، وتجاوز تأثيرها حدود الجغرافيا السورية ليطال استقرار وسلامة المنطقة العربية والإسلامية بشكل كامل.
إن استمرار هذا النزيف يعكس فشلًا مُريعًا للدول العربية والإسلامية في الانخراط بفاعلية لحل الأزمة، مما ساهم في تفاقم الأوضاع وزيادة نفوذ الجماعات المتطرفة.
إن الجذور الطائفية للأزمة السورية ليست جديدة، بل تمتد لعقود، حَيثُ كانت سوريا مثالًا لمجتمع متنوع الطوائف، لكن التوترات السياسية والاقتصادية والسياسات الخاطئة غذت الانقسامات الطائفية، وتحول الصراع سريعًا إلى نزاع مسلح داخلي يحمل أبعادًا طائفية عميقة.
إن غياب توجّـه عربي وإسلامي مشترك وفعّال قد مهد الطريق للقوى الدولية والإقليمية، حَيثُ استغل الاحتلال الإسرائيلي أحداث العنف والتصفية في سوريا لتحقيق مصالحه من خلال وكلاء محليين، وهذا مؤشر خطر على تقسيم سوريا حسب مصالح القوى الكبرى، مما زاد من معاناة الشعب وجعله ضحية لصراعاتهم، في ظل هذه الظروف، وجدت الجماعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة الفرصة لتعزيز وجودها، مستغلة التطرف الديني والطائفي لتجنيد الشباب اليائس.
تحتاج الأزمة السورية إلى وقفة جادة من الدول العربية والإسلامية، هناك حاجة ماسة لإعادة التفكير في الدور المطلوب، ولا بُـدَّ من وضع استراتيجية شاملة تعزز الحوار الوطني والإقليمي، وتوقف التمويل والتسليح للقوى المتنازعة؛ بهَدفِ وأد الفتن الطائفية ودعم التوافق الوطني، يعكس هذا التشتت ضعفًا صارخًا في التوافق العربي والإسلامي حول القضايا الجوهرية، حَيثُ دعم البعض النظام لمصالحه السياسية بينما اتجه آخرون نحو المعارضة دون حلول واقعية.
في هذه الظروف المأساوية، يجب على الدول العربية والإسلامية أن تستعيد وعيها وتتحمل مسؤولياتها التاريخية تجاه الأزمة السورية.
إن التذرع بالخلافات السياسية ليس مبرّرًا للتقاعس، يتوجب على جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن تتحَرّكا لصياغة استراتيجية شاملة توحد الصف العربي والإسلامي وتدفع نحو حَـلّ سياسي قائم على الحوار والمصالحة.
إن العجز عن التدخل الفاعل لحل الأزمة لن يؤثر فقط على سوريا، بل على استقرار المنظومة العربية والإسلامية ككل، لذا، آن الأوان لإجراءات جريئة تعيد الأمل للشعب السوري وتضمن له مستقبلًا يليق بكرامته، يجب تكثيف الجهود لوقف التدخلات الخارجية ومحاربة التطرف، لتعزيز فرص التوافق الوطني وتحقيق السلام الدائم.
لا يمكن الحديث عن استقرار حقيقي دون معالجة السبب الجذري، وهو غياب الدور العربي والإسلامي الفاعل، حان الوقت للتوافق حول قيم التسامح والعدالة لتجنيب الأجيال القادمة ويلات الحروب، بات من الضروري تعزيز دور الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في رسم مسار جديد يحفظ أمن واستقرار المنطقة، ويتطلب ذلك عملًا جماعيًّا يركز على التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.