رمضان والتقوى: مدرسة لضبط النفس وتحمل المسؤولية
فضل فارس
الصيام ليس مُجَـرّد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو تدريب على ضبط النفس وتنمية الإرادَة والقوة في مواجهة الرغبات والشهوات، كما يغرس في الإنسان قيمة الصبر، التي يحتاج إليها في التزامه الديني، وفي اجتناب المعاصي، وفي طاعة الله حتى إن خالفت هواه أَو حملت بعض المشقة.
النهوض بالمسؤوليات يتطلب التقوى، فهي الحافز الذي يمنع الإنسان من التفريط في واجباته، ومن الفوائد العظيمة لشهر رمضان أنه ينمي الشعور بالتقوى، ويجعل الإنسان أكثر إحساسا بمعاناة الآخرين، فحين ينشغل بالصيام والذكر وتلاوة القرآن وفعل الخير، ينعكس ذلك على حالته النفسية بشكل إيجابي، ويحفزه على اكتساب الأعمال الصالحة. وَإذَا كانت هذه الأعمال قائمة على أَسَاس التقوى، فَــإنَّها تعزز في الإنسان روح الالتزام والاستقامة والتوجّـه نحو الله.
التقوى هي الغاية التي ينبغي أن يسعى الإنسان لتحقيقها في رمضان؛ لأَنَّها مفتاح تحمل المسؤوليات الكبيرة، خَاصَّة في ظل ما يحيط بالعالم من ظلم وفساد ومنكر وطغيان، فيما تجد بعض الناس قد يجدون أنفسهم ضعفاء أمام أهوائهم، غير قادرين على السيطرة على غرائزهم وشهواتهم، فيصبحون عاجزين عن مقاومة المغريات، وهذا يعود إلى غياب التقوى أَو ضعفها، حَيثُ يفتقرون إلى القدرة على ضبط النفس والتغلب عليها.
هنا تجد أن رمضان مدرسة عظيمة لتربية النفس على الانضباط والتحكم في الرغبات، وهو فرصة لاكتساب التقوى التي تعد الأَسَاس لكل فضيلة، فمن لم يحقّق التقوى في هذا الشهر، فقد يفوته الهدف الأسمى للصيام؛ لأَنَّ الحكمة من فرضه كما ورد في القرآن الكريم هي تحقيق التقوى، وَإذَا تمكّن الإنسان من غرس هذه القيمة في نفسه، فَــإنَّه يصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات وتحمل المهام التي أراد الله له أن ينهض بها، وعلى رأسها الجهاد في سبيل الله، ومواجهة الظالمين والمستكبرين الذين ينشرون الفساد في الأرض.