القوةُ الحقيقية.. بارك اللهُ في يمننا

 

منصر هذيلي*

تقريبًا ما عادت السّياسةُ إلّا ذلك التقديرَ السّطحي لموازين القوى.

كُـلّ مُحترف سياسة يحرصُ أن يكون قويًّا؛ فإذا لم يستطع احتمى بالأقوى؛ طمعًا في فتات يتكرّم به عليه.

بارك الله في يمننا فهو يجدّد السّياسةَ عندما يسلك بعيدًا عن حسابات القوّة.

القوّة هنا تحديدًا: في التحرّر من القوّة. الإيمان بالله القويّ يحرّر من الأقوياء.

ماذا يعتقد ترامب؟ يعتقد ترامب أنّه ولأنّه الأقوى يمكن أن يفرض ما يشاء على من يكونون دونه قوّة.

يسقط هذا الحساب؛ لأَنَّ اليمنيين لا يرونه قويًّا؛ لأَنَّه باعتقاد القوّة لا يقيم لقوّة الله وزنًا، وتصنيفه هكذا أنّه كافرٌ ويرون أنفسهم بالله أقوى.

تشكِّلُ الظاهرةُ اليمنيّة هزّةَ وعي ومعرفة وضمير وتعيد تعريفَ أشياءَ كثيرةً وتنسف مفاهيمَ نحن نُبرمج عليها وبها منذ قرون ربّما: الحرّية، القوّة، السعادة، الموت، الحياة، النّصر وغير ذلك. هنا نموذج مضادّ أَو هو ضدّ نموذج.

أقول، توسّمًا: إنّ ظهورَ نموذج كهذا بسياقنا الإنساني الحاضر في حَــدِّ ذاته مُعجزة.

في أدنى الأحوال هو من الاستثناء بزمن يركّب بدقّة وحرص؛ لكي لا يكون فيه استثناء.

ولأنّ الله مُحيط فهذا الاستثناء المُعجز من مكر الله تعالى. أن يبرز اليمنيون بصرختهم وبمفرداتهم وبمنهجهم الفطري وبخطابهم الفصيح والمباشر وبإقدامهم القياسي وباستبسالهم الأُسطوري قريبًا من مركز الإسلام الروحي (مكّة الإبراهيمية) والمدينة المحمّدية فيه من الإشارة ما يسبّب الارتعاشة.

هذا المركز مسبيٌّ ولن يطولَ السّبي. القدرة المحيطة بالجميع والتي مكّنت هذه الظاهرة من الانبجاس بأرضٍ جبليّة قاسية ستحميها وستُنفذُ بها المقدّر من الوعود.

ليس معلومًا كيف ولا متى ولكنّ هناك ظواهر أُذنيّة أمريّة لا يُسألُ في شأنها: لماذا ومتى وكيف. والله غالب على أمره. دعوها فهي مأمورة.

* كاتبٌ تونسي

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com