من تولّى العدوَّ أَصْبَح قتيله!
نوح جلّاس
كما جرت العادةُ، وكما هي السُّنَنُ الإلهيةُ التي تحمُّلِ المصير المحتوم لكل ظالم في هذه الحياة، ولكن هذه المرة حال الضحية ليس كحال ممن سبقوه من الظالمين؛ لأنه لم يعر أي اهتمام للدروس التي بين يديه، سواءً دروسٌ جاءت من عند العليم الخبير أَوْ دروسٌ جاءت من الواقع الذي عاصره، وكل هذه الدروس تأتي وفقاً لما تفرضه سنن الله تعالى في هذا الكون.
فبعد أن تجاهل آل سُعُـوْد كُلّ ما ورد في كتاب الله عز وجل من أوامر بعدم موالاة اليهود أَوْ الركون عليهم، وتجاهلوا كُلّ ما كشفه لنا ربنا من أسرار اليهود في طبيعة حياتهم تجاه المسلمين، بالإضافة إلى عدم أخذ العبرة من أولئك الذين كانوا إخواناً لليهود، كان من المتوقع أن تأتي الضربة التي تنتظرهم.
فبعد كُلّ ما قدمه “مبارك” من خدمات لليهود طيلة فترة حكمه لمصر لم يشفع له من إصرارهم على التخلص منه، وقبله “صدام حسين” الذي كان قد قدم خدمات مجانية لهم في حربه ضد “إيران” وَ”الكويت”، فالأوْلَى كانت خدمة عسكرية في قمع الثورة الإيرانية وجعل السعودية ومن معها من دول الخليج بقرة حلوب لأَمريكا بأكذوبة حمايتها من “إيران”، والثانية خدمة مزدوجة تحمل معها خلق العداء بينه وبين المحيط الذي حوله كي يتمكن اليهود من الانقضاض عليه بسهولة متناهية، وكل هذا تجاهله آل سُعُـوْد حتى صاروا من عِداد ضحايا الغباء.
ولكن الطعنة القاتلة لآل سعود جاءت أعظمَ من سابقاتها؛ لأنها جاءت في الوقت الذي يعانون فيه من كُلّ المهلكات، حروب بالوكالة ضد أربع دول جعلتهم يحصدون العداء مع هذه الدول خصوصاً “اليمن” وَ”العراق” اللتان تعتبران العوامل المساعدة الأساسية لانقضاض أَمريكا على آل سُعُـوْد، إضافةً إلى الفاتورة الاقتصادية الباهظة التي تحملوها مقابل هذه الحروب والتي أجبرتهم مؤخراً على اللجوء إلى فرض إجراءات تقشفية لعملياتها المصرفية في العديد من أجهزة الدولة.
وبعد أن أَصْبَح آل سُعُـوْد لا يملكون أدنى حلٍ للخروج من هذه الأَزْمَة، جاءت الضربة القاضية التي قد تقصم ظهرهم حتماً، والتي تمثلت بإقرار مجلس الشيوخ الأَمريكي فرض مقاضاة آل سُعُـوْد غرامات مالية قُدرت بـ 3,3 تريليون دولار مقابل تعويض أسر ضحايا حادثة الحادي عشر من سبتمبر وشاملةً غرامات مالية أُخْـرَى متعلقة بتلك الحادثة التمثيلية.
وهنا يمكن القول بأن نهاية آل سُعُـوْد قد أَصْبَحت على الأبواب وجاءت بنفس السيناريو الذي تستخدمه أَمريكا للتخلص من أيّة أداة لم تعد بحاجتها، أي أن اليهود يرتدون نعالاً ويدوسون بها حيث يشاءون في مسيرٍ يضمن لهم مصلحتهم، وبعد أن تتمزق هذه النعال يباشرون برميها في سلة المهملات وإحراقها، والظاهر بأن هذه النعال قد تمزقت في خبوت الأمة العربية والإسلامية وحان رميها وإحراقها.
وبعد أن استخدمت أَمريكا آل سُعُـوْد كأذرع قتّلت بها أطفال ونساء هذه الأمة وتلذذت بقتلهم بأبشع الصور التي يندني لها جبين الإنْسَـانية وارتكبت بحقهم أشنع الجرائم، أَصْبَحت هذه الأذرع ملطخةً بالدماء وقررت التخلص منها، وسيأتي الدور على باقي الأدوات التي تستخدمها وذلك بعد أن تصبح غير مناسبة للاستخدام.
ولكن هل حان الوقت لباقي عملاء اليهود أن يستفيدوا من الدرس الأكبر والأقرب لهم؟ أم أن ذنوبهم التي اقترفوها بحق هذه الأمة ستحول دون ذلك؟.