’صفاقة’ الإعلام السعودي في تسويغ الإبادة!
هل يُمكِن المفاضلة بين القَتَلَة؟ الجواب من المنظور الأخلاقي والمبدئي هو الرفض قطعاً. لكن واقع الحال الدموي في هذا الزمن بات يفرض في بعض الأحيان مثل هذه المفاضلة. كأن تسأل مثلاً: أيهما الأكثر إجراماً؟ القاتل الذي يتبرأ من جريمته أم ذاك الذي يعترف بها ويبررها؟ أو أيهما الأكثر وقاحة؟ القاتل الذي يتّهم الضحية بارتكاب الجريمة أم ذاك الذي يتبجّح بالقتل؟.
شهدنا في اليمن أكبر مجزرة في عصرنا بعد صبرا وشاتيلا التي ارتكبها العدو الصهيوني بمعاونة أيادٍ لبنانية في مخيمات لبنان. عادة ما يكون القاتل معروفاً عند هذا النوع من المجازر التي تحمل أرقاماً مرتفعة من الضحايا. أكثر من 700 مدنيّ بين شهيد وجريح حصيلة الإبادة التي ارتكبتها طائرات العدوان السعودي في الصالة الكبرى خلال مجلس تعزية في صنعاء. لم يكتف الغراب السعودي الأسود بالجريمة، بل ارتقى أن يكون “فنّاناً” في القتل. وبعد ما يقارب ربع ساعة من تجمع المواطنين والطواقم الطبية لاسعاف الجرحى شنت الطائرات غارة ثالثة حصدت العدد الأكبر من الشهداء والجرحى.
اعتاد بنو سعود إراقة الدماء في “اليمن السعيد” بصمت، كما اعتاد اليمنيون الأباة تلقي صواريخ الحقد السعودي دون أنين. وبين عالم بات بأغلبه مزيف الانسانية، وإعلام ساقط يروّج للقتلة ويبرر لهم، تضيع الحقيقة.
“شفافية التحالف”! هكذا عنونت صحيفة “الرياض” افتتاحيتها بعد يومين على المجزرة المهولة. “الضحايا الذين سقطوا في الحرب خاصة المدنيين منهم إنما سقطوا بفعل الانقلاب وما أحدثه من فرقة في أوساط الشعب اليمني المغلوب على أمره”، تقول مقدّمة المقال. لنقرأ في مقطع آخر أن “كل ما يحدث في اليمن من مآسٍ جاء نتيجة للانقلاب الذي دبرته إيران”. ويتابع “الحادثة المزعومة التي نسبت للتحالف في صنعاء ونفى مسؤوليته عنها إلا انه ومن منطلق شفافيته سيقوم بإجراء “تحقيق””. هنا، يتهم القتلة المجرمون ضحاياهم بالمسؤولية عن قتلهم. لكن فطنة كاتب المقال المفقودة على ما يبدو لم تسعفه حتى خاتمة المقال. حيث يقول مناقضاً كلامه السابق “إذا كانت هناك انتقادات توجّه للتحالف فأين من يوجهها عن الاعتداءات التي يقوم بها الانقلابيون على حدودنا بصواريخ إيرانية الصنع؟”، ويقول “القفز على الحقائق إلى النتائج دون الرجوع إلى البدايات والمتسبب فيها ليس في مصلحة اليمن واليمنيين”. اذاً، يعترف “الرجل” بأن ما اقترفته أيدي أسياده في صنعاء هو “نتيجة” لحربهم المجنونة على أنصار الله والشعب اليمني منذ أكثر من عام. ويصوّر الابادة على أنها “نتيجة” لما أسماه “اعتداءات الانقلابيين على الحدود”، متغافلاً عن أن الضحايا في صنعاء هم مدنيون في مجلس تعزية، أما على الحدود فجيش مقابل جيش!
من صحيفة “الرياض”
واذا كانت صحيفة “الرياض” حائرة بين الاعتراف والتنصل من المجزرة، تبدو صحيفة “الشرق الأوسط” أكثر تيهاً. فتسأل في عنوان لمقال كتبه المدعو مشاري الذايذي “من فجّر عزاء صنعاء؟”. بهذا المستوى من “السذاجة” و”الصفاقة” يتعاطى اعلام بني سعود مع دماء مئات الضحايا والأشلاء المقطعة في شوارع صنعاء!
من صحيفة “الشرق الأوسط”
أما صحيفة “الوطن” السعودية فتبدو بأنها قد حسمت أمرها. “الحوثي وصالح وداعش مثلث تفجير القاعة الكبرى”، هكذا عنونت الصحيفة. لـ”تكشف” في المضمون نقلاً عما أسمته “مصادر إعلامية يمنية” أن “أصابع اتهام تشير بقوة إلى جماعة الحوثيين الانقلابية بالوقوف وراء إطلاق الصاروخين اللذين أديا إلى تدمير القاعة التي كانت مكتظة بالمعزين”. وفي موضع آخر من المقال تقول الصحيفة “أعلن تنظيم داعش الإرهابي في بيان تبنيه العملية الإرهابية التي استهدفت مقر عزاء والد وزير داخلية الانقلابيين”!
من صحيفة “الوطن”
ليس مستغرباً من بني سعود مستوى الاجرام الذي يمارسونه في اليمن وهم الذين أقاموا حكمهم في أرض الحجاز على المجازر والدماء. كما أنه ليس مستغرباً الحضيض الذي وصل اليه بعض “الاعلام” في تبريره وتسويغه للإبادة وتبرئة القاتل واتهام الضحية، في ظل صمت عالمي وعربي ودولي مطبق، تطبيقاً لقول الآية الكريمة “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ”. لا يخرق هذا الصمت سوى قلّة في العالم تنادي #كلنا_يمن و#الموت_لآل_سعود. ويبقى الرد من أبناء اليمن يصدح أزيز رصاص في وجه الغزاة.. أبلغ رد.
* ميساء مقدم- العهد الإخباري