عن الشيعة والشيوعيين والقاضي قطران
عباس السيد
يعلمُ القاضي عبدالوهاب قطران، وهو سياسي تقدمي مثقفٌ، قيمةَ المسيرات والحشود الجماهيرية التي تخرُجُ في العاصمة صنعاء في هذا التوقيت وهذه الظروف. بغض النظر عن المناسبة الدينية أَوْ العناوين الطائفية التي تصاحب هذه المسيرات أَوْ الضرر التي تسببه هذه المسيرات بسد الطريق كما قال!.
والقولُ بأن لا علاقةَ لليمنيين بعاشوراء يُجافي الحقيقة تماماً، ولا أدري كيف وقع القاضي في هذا الخطأ مع أن أكثرَ من خمسين في المائة من الذين استشهدوا وهم يقاتلون مع الحُسَين في كربلاء يمنيون، بينهم نحو ثلاثة من همدان -المنطقة التي ينتمي إليها القاضي-.
وهو يعلم أَيْضاً، أن عداءَ أميركا للأنظمة الاشتراكية، أَكْثَر من عدائها لأيّة أنظمة وطنية أخرى. فهي تكره ماركس ولينين أكثر مما تكره محمد والحسين.
تكره الشيوعيين أكثرَ بكثير مما تكره الشيعة. والحرب المتعددة الأوجه التي تخوضها الولايات المتحدة في دول أميركا اللاتينية منذ عقود خيرُ دليل.
وهذا يعني، أن ما يطالب به القاضي عبدالوهاب قطران، وما يحلم به – ونحن أَيْضاً نشاركُه نفس الحلم، في أن تنعم بلادنا بنظام تقدمي يحقق العدالة الاجتمَاعية، هو حلمٌ صعبٌ، وسيواجه بعراقيلَ أميركية مباشرة.
كما أننا لا ندعو إلى صرف النظر عن هذا الحُلم، أَوْ التوقف عن الدعوة لإيجاد نظام يحقق العدالة الاجتمَاعية.
لكنني قصدت أن الحوثيين حركةٌ وطنية استغلت الموروث الديني والثقافة الاجتمَاعية المحلية. وبنت عليها مشروعها.
هي لم تقفز على الواقع، بل نشأت من داخله، وسواء اتفقنا معها أَوْ اختلفنا، فَإن قادتها أذكى من كثير من القيادات اليسارية والقومية التي أثبتت فشلاً ذريعاً في مستويات ومراحلَ عدة.
ويكفي أن ينظر القاضي إلى نفسه، كتقدُّمي يتيم ووحيد في همدان كلها. هذا ليس تقليلًا من شأنه أَوْ مكانته، فقد سبق لي أن وصفته في منشور تضامُني على فيسبوك بـ “نبي وسط قومه”.
وبغض النظر عن مساوئ حركة أنصار الله وإخفاقاتها. إلا أنه لا ينبغي أن تكونَ محل سخرية وتهكم. وعلينا إذا أردنا تقييمها، أن يكونَ ذلك بحياد ومنطق وعقلانية. ويحسب لهذه الحركة عدم لجوئها للقمع في التعامل مع منتقديها رغم حدة الانتقادات.
ولعل القاضي يتذكر حجم التهديد والابتزَاز الذي تعرض له قبل أشهر بعد كتابته لعدد من المنشورات الناقدة للرئيس صالح وحزبه “الليبرالي”.
أتمنى في الختام أنْ لا يفهم مقالي هذا بأنه دفاعٌ عن أنصار الله، أَوْ ترويجٌ لهم. فهو ليس سوى رأي في الواقع، ودعوة لتقييمه بروية، ودون انفعال.
ومن غير المنطقي أن أنتقد خروجَ عشرات الآلاف مهما كانت مطالبهم؛ لأنهم “سَدّوا الشارع” بمسيرتهم!.