عبدالله سلام الحكيمي في حوار مع "صدى المسيرة": العدوان مبيت منذ سنة بين السعودية وأمريكا وإقليم حضرموت كان خيارا صهيونياً كوطن قومي لليهود
أنا أكثر من عارض الرئيس السابق صالح لكن موقفه ضد العُـدْوَان وطني ويجب على الأحزاب أن تحاكم وتفصل من صفوفها القيادات التي أيدت العدوان وإلا فالخيانة تلحق بها كأحزاب.
- تأييد بعض قيادات الناصري للعدوان يعتبر خروج فاضح عن كل المبادئ الناصرية وفكرها الثوري التحرري
- المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقوى الدولية والإقْليْمية ساهمت في شرعنة ديكتاتورية الرئيس الفرد ومنحته سلطاتٍ تقترب من التأله
- ثورة ٢١ سبتمبر تصحيحاً شعبياً لخلل الذي أتت به المبادرة الخليجية وأكدت على مبدأَي الشراكة والتوافق الوطني للجميع دون اقصاء أَوْ تهميش
- مؤتمرُ الرياض ساعَد في فرز القوى بين الوطني والخياني، وهو يمثل لمن شارك فيه ذروة السقوط الوطني والأَخْلَاقي والسياسي وسيخلد التاريخ بأنهم نماذج لخيانة الأوطان واستحقوا مسمى “الرغاليون الجدد”.
- السعودية تهدف من عُـدْوَانها على الـيَـمَـن إحكام سيطرتها على القرار الوطني الـيَـمَـني المستقل وذلك بإضعاف الـيَـمَـن عَسكرياً بتصفية الجيش وسياسياً بتمزيقه إلَى دويلات متقاتلة متناحرة، لتبقى السيادة الحقيقية لها بالمطلق
قال المعارض السياسي البارز عبدالله سلام الحكيمي أن -العدوان الغاشم على الشعب اليمني كان مبيت منذ سنة حيث كان هناك مشاورات وتنسيق بين السعودية وأمريكا وحينما أوشكت المفاوضات للوصول إلى حل تعمدت بعض القوى المحلية إفشاله، معتبراً أن الهدف من هذا العدوان هو إحكام السيطرة على القرار الوطني الـيَـمَـني المستقل.
وأوضح سلام خلال حواره مع “صدى المسيرة” أن تأييد بعض قيادات الحزب الناصري للعدوان يعتبر خروجاً عن كل مبادئ الناصرية وفكرها الثوري التحرري، وفي ذات السياق اعتبر سلام موقف الرئيس السابق صالح من العدوان بالوطني.
وكشف عن الخيارات المطروحة مسبقاً للحركة الصهيونية العالمية بجعل “إقليم حضرموت” كوطن قومي لليهود.
الكثير من المعلومات التي أثراها سلام تجدونها في الحوار التالي:
حوار/ رئيس التحرير
- بعد ثورة 21 سبتمبر وتوقيع اتفاق السلم والشراكة من قبل كافة المكونات والأَحْـزَاب السياسية وباعتراف محلي وعربي ودولي.. ترى ما هي الأَسْبَاب التي أدت إلَى عدم تنفيذ ما نص عليه الاتفاق؟
صحيحٌ أن المحرِّكَ الظاهرَ لثورة ٢١ سبتمبر كان الزيادات السعرية للمشتقات النفطية، بما فاق سعرها في الأَسْوَاق العالمية، لكنه لم يكن المحرك الوحيد لها، بل كانت نتاجَ التفرد المطلق للسلطة من قبل الرئيس السابق هادي، واتخاذهِ قراراتٍ انفراديةً خاطئة ونقضه للاتفاقيات التوافقية المبرمة لإدَارَة الدولة والمجتمع، ولقد ساهمت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقوى الدولية والإقْليْمية في تكريس وشرعنة ديكتاتورية الرئيس الفرد وتفرده المطلق، من خلال منحه سلطاتٍ تقترب من التأله وجعلته هو صاحب القرار الفصل فوق كُلّ السلطات التشريعية والتنفيذية والسياسية في البلاد، بل وحرَّرته من واجب التقيد بالنصوص التي كانت أساساً للشرعية وخَاصَّـة الجدول الزمني القانوني الملزم في خطوات العملية السياسية أَوْ ما سُميت بعملية انتقال السلطة، ومن هنا تعتبر ثورة ٢١ سبتمبر تصحيحاً شعبياً لهذا الخلل الذي كاد يدفع بالبلاد إلَى أتون فوضى عارمة وتفجيرات سياسية واجتماعية على الصعيد الوطني بكامله، والتأكيد على مبدأَي الشراكة والتوافق الوطني للجميع دون اقصاء أَوْ تهميش لأيٍّ منها، ورغم توقيع الرئيس الذي انتهت ولايته أَصْلاً من قبل، وموافقة -كما قلت- كافة المكونات والأَحْـزَاب السياسية وإعْلَان تأييده من كُلّ القوى الدولية والإقْليْمية ومجلس الأَمْن الدولي، لكنه أوكل لعبدربه منصور مهمة إفراغه من محتواه ونقض عُراه عُروةً عُروة؛ لأنه يحد من السلطات التفردية المطلقة التي مُنحت له بالتناقض مع أبسط معايير الديمقراطية وإدَارَة الدولة لكي لا يفقد تلك السلطات التألهية ويمكنه من تنفيذ الأَهْدَاف والغايات التي أُمليت عليه، وخَاصَّـة تمزيق البلاد إلَى ستة كانتونات وتفكيك الجيش والأمن وتصفيتهما، وغير ذلك مما قد نعود لشرحها لاحقاً.
– بعد استقالة الرئيس هادي وبحاح أجريت مفاوضاتٌ في موفمبيك برعاية الأمم المتحدة عبر مبعوثها بن عمر وتم الاتفاق على كُلّ شيء بما فيها مجلس رئاسي مشكّل من خمسة أعضاء.. ما الذي أعاق هذه المفاوضاتِ مع أنها تحت رعاية الأمم المتحدة؟.
لم تكن هناك إعَاقَة لمفاوضات موفمبيك بين الأَطْرَاف الـيَـمَـنية برعاية الأمم المتحدة، بل كان هناك تعمُّدٌ لإفشالها من ممثلي بعض القوى الممثَّلة بالحوار، كالانسحابات لأتفه الأَسْبَاب والتنصل عن ما سبق التوافق عليه، وإثَارَة أمور جانبية؛ بهدف الحيلولة دون إتمام الخروج بصيغة الحل، وقد كان قاب قوسين أَوْ أَدنى من التوقيع عليها، ذلك أنه كان يجري حينها الإعداد والتهيئة لشن عُـدْوَان خارجي غاشم وغير مبرر بين أَميركا والسعودية على نحو ما صرح به السفير السعودي في واشنطن والذي أَصْبَـح فيما بعدُ وزيراً للخارجية السعودية، وَأن المشاورات بين بلده وأَميركا في التنسيق للعُـدْوَان استمر لستة أشهر ماضية، إذن القوى التي عطَّلت التوصل إلَى صيغة الحل في موفمبيك كانت ضالعةً في التدبير للعُـدْوَان، وربما كانت من أدَوَاته المحلية، بل إنها بالفعل كذلك، بدليل ذهابها إلَى الرياض ومشاركتها في مؤتمر برعاية السعودية التي كانت حينها تدمّر كُلّ مقومات الحياة في الـيَـمَـن وبُناه التحتية وتقتل وتسفك دماء الـيَـمَـنيين بكل بشاعة، بل والأَكْثَر من ذلك دعواتها ومطالباتها البائسة لمزيد من العُـدْوَان وتشديد الحصار الشامل على وطنهم وشعبهم، ويتضح مما سبق أن العُـدْوَان كان مبيتاً منذ سنة سابقة على بدء العُـدْوَان على أقل تقدير، هذا هو الذي تعمد إفشال التوصل إلَى صيغة الحل الوطني الذي تكاملت معالمُه وأسسه، وحيلَ دون التوقيع عليه.
- أعلنت السعودية أن من ضمن أَهْدَافها هو إعادة الشرعية لعبدِربه منصور هادي وحماية المملكة من الخطر الإيراني.. برأيك هل هذه هي الأَهْدَافُ الحقيقية وراء العُـدْوَان أم أن هناك أَهْدَافاً خفية؟
قضية الادعاء بإعَادَة شرعية (غير شرعية) والخطر الإيراني وغير ذلك مجرد ذرائعَ ومبررات لإضفاء شرعية على عُـدْوَانهم على الـيَـمَـن ولو كان ما يدعونه له ذرة من منطق ووجاهة فلماذا لم يتركوا الحوار الـيَـمَـني الـيَـمَـني في صنعاء وبرعاية الأمم المتحدة يصل إلَى منتهاه؟ ولماذا أوعزوا لأصدقائهم المشاركين فيه لتعمد إفشاله؟ ولو كان مبرر إعَادَة شرعية هادي، التي لم تعد آنذاك شرعية وفق أحكام ونصوص مبادرتهم الخليجية، لماذا لم يطلبوا من هادي عدم تقديم استقالته أَصْلاً أَوْ بعد تقديمها مطالبته بالعُدُول عنها وقد نوشد من جميع القوى المتحاورة في موفمبيك ومن المبعوث الأممي آنذاك للعدول عنها؟ أَمَّا ما تدعيه من خطر إيراني يأتيها من الـيَـمَـن هو الآخر متهافت، إذ لو كانت السعودية تشعر بالخطر من إيران لجابهتها في عُقر دارها مع حلفائها في باكستان وتركيا والغرب ومع الكيان الصهيوني ربما؟ واضح وجلي تَمَاماً اليوم أن هدفَ السعودية الحقيقي هو ضربُ الجيش الـيَـمَـني أَوَّلاً وحلفائه من القوى السياسية (أَنصار الله والمؤتمر الشعبي وباقي القوى السياسية والقبائل) وإزاحتهم بالقوة العسكرية الغاشمةِ من المشهد السياسي الـيَـمَـني، وتنصيب تحالف قوى الإخوَان المسلمين والقاعدة ومشتقاتها مع بقايا مناصري هادي وفرضهم حكاماً على الـيَـمَـن تابعين لها، أي أن السعودية تهدف من وراء عُـدْوَانها المدمر على الـيَـمَـن إحكام سيطرتها الكلية على القرار الوطني الـيَـمَـني المستقل، المدعوم بإضعاف الـيَـمَـن عَسكرياً بتصفية الجيش الوطني وسياسياً بتمزيقه إلَى ستة كانتونات أَوْ شبه دويلات متقاتلة متناحرة، لتبقى السيادة الحقيقية لها بالمطلق، هذا هو هدف العُـدْوَان الخارجي الذي دفع بالسعودية لتكون واجهته بإعْلَان قيادتها له، وأعتقد أن السعودية وقعت أَوْ استدرجت للوقوع في أخطر فخ نُصب لها طوال تَأريخها ليس الـيَـمَـن هو هدفه وَإن كان جزءاً منه، بل هدفه على المديين المتوسط والبعيد السعودية ذاتها كياناً وجغرافية والشعوب هي دَائماً من يدفع ثمن أَخْطَاء الحكام الباهضة الكلفة على حاضرها ومستقبلها.
– برأيك ما الذي كسبته السعودية من هذا العُـدْوَان؟ وما الذي خسرته؟
إن السعودية وحلفاءها في عُـدْوَانهم على الـيَـمَـن نجحوا في تدمير مقومات حياة الـيَـمَـنيين وبُناهم التحتية ومنشآتهم وهي بسيطة على كُلّ حال ومتواضعة وحتى المعالم الأثرية دمروها على امتداد كُلّ محافظات الـيَـمَـن عدا حضرموت التي تسيطر عليها إلَى حد ما تحالف الإخوَان المسلمين والقاعدة ومشتقاتها من القوى الإرْهَابية المتطرفة التي يمسها العُـدْوَان لاطمئنانه لمن يسيطر عليها بل بتنسيقه وتعاونه معها!!، هذا ما كسبته السعودية لكنها بالمقبل خسرت الـيَـمَـنيين لأجيال قادمة، حيث عمقت الكراهية والحقد والعداء بين الشعبَين للأسف الشديد.
– كيف تقيّم موقف أَحْـزَاب اللقاء المشترك من العُـدْوَان، وَالإصْلَاح بالتحديد؟ كذلك موقف المؤتمر الشعبي العام والرئيس السابق علي عبد الله صالح.. كيف تنظر إليه؟
لا بد من العودة قليلاً إلَى الوراء منذ بداية ظهور حركة أَنصار الله، وبالتسميات المختلفة والأطوار والمراحل التي مرت بها حتى اليوم هذه الحركة التي صمدت في مواجهة حروب ست ظالمة على مدى سنوات ست، حروب لم يكن لها مبررات أَوْ مسوغات مفهومة أَوْ مقبولة، وكان صمود هذه الحركة وخَاصَّـة في بدء نشوئها ولمَّا تكُنْ بعدُ سوى فتية قلائل آمنوا بقضية وكافحوا من أجل نشرها وقدمت تضحيات جسيمة، تمثلت باستشهاد قادتها قبل من دونهم من الفتية وبالجرحى والمشردين وبدمار مناطقهم، صمدَت صموداً أسطورياً، وكانت كلما تراءى للجميع أنها اجتثت من الوجود فاجأتهم جَميعاً بمعاوَدة البزوغ مجدداً على نحو أقوى وبتحرك أَكْثَر تطوراً إلَى أن وصلت إلَى المكانة التي هي عليها اليوم كأكبر قوة سياسية في الـيَـمَـن وجوداً وشعبية وفاعليةً، أردت بهذا أن أقول: إن بروزَ هذه الحركة وتأثيرها المتنامي أوجد بالمقابل حراكاً سياسياً وفكرياً ومجتمعياً عميقاً وواسعاً على طريق عملية إعَادَة فرز وتصنيف تَأريخي لكل البُنى القائمة من حيث مفاهيم الحُكم والدولة والرؤى السياسية والفكرية والبُنى الثقافية والاجتماعية والأَحْـزَاب والقوى السياسية والمجتمعية المختلفة، كانت فيها حركة أَنصار الله تلعب دور المحرّك والمحفز لتلك العملية التفاعلية التي تعتمل في الواقع بحراك متلاطم أمواجه وهائجة رياحه وتدافعاته بين أنماط تقليدية رتيبة شاخت وهرمت وتطاول عليها الأمد فأصابها الملل والإحباط وانسداد الأفق، وخَاصَّـة على المستويات القيادية العليا وبين حركة جديدة فتية مختلفة تَمَاماً في أنماط تفكيرها ورؤاها وأَساليب أدائها وفي مشروعها الوطني المستقبلي، ولهذا كنتُ تجدُ هذه الحركة في الوسط العام محاطةً بنقائض الرؤى والتقويم لها، فهي مدهشة ومحط إعجاب ورفض وتأييد وحب وبُغض… إلخ، وتلك مؤشرات طبيعية لا تجدها إلَّا في الحركات التَّأريخية الأصيلة التي وُضع على كاهلها قدر إعَادَة صياغة التَّأريخ من جديد على مشروع وطني شامل يمثل بديلاً تَأريخياً لمكونات وتكوينات مرحلة تَأريخية آذنت بالرحيل.
وعلى هذه الرؤية وفي ضوئها ننظُرُ لمواقف القوى والأَحْـزَاب السياسية المختلفة في المشترك أَوْ المؤتمر التي تطاول العهد على قياداتها الفوقية فاضطربت بوصلة اتجاهها ورؤاها فراحت يحرِّكُها اليأس تلتمسُ فسحة بقاء واستمرار لها لدى دول خارجية تعتدي على وطنها وشعبها وتدمره تدميراً شاملاً ومريعاً، وهكذا لا تزال تفعل وهي تؤيده وتطلب المزيد منه، بل وتلح على تجويع وتشريد مواطنيها بإحكام وتشديد الحصار العُـدْوَاني ضد شعبها!! ولا شك لديَّ أن مواقفَ هذه القيادات البائسة من العُـدْوَان الخارجي يمثل أبرز علامات سقوطها وإزاحتها إلَى هامش العمل العام، ولا بد من ملاحظة أن عملية الحراك التَّأريخي المفضي أَوْ المرهص بمخاض الولادة القادمة العظيمة للـيَـمَـنِ الجديد العزيز السيد على أرضه سيشمل أَيضاً القواعد والكوادر المناضلة المتطلعة إلَى الغد المشرق وستكون في قافلته وضمن مسيرته التَّأريخية ورغم بشاعة العُـدْوَان وهمجيته إلَّا أنَّ من محاسنه التي لم يفطن إليها أنه سيلعب دوراً مسرعاً لعملية الولادة الجديدة ليس لـيَـمَـن الغد فحسب وإنما لبلدان دول العُـدْوَان ذاتها.
وكل حزب لا يدين مشاركة قيادات فيه مع دول العُـدْوَان ولا يفصلهم عن كيانه فهو بكامله موافق على العُـدْوَان ولا تهاون في موقف مبدئي كهذا.
في منشور لكم على تويتر أشدتم بموقف علي عبدالله صالح الرافض للعُـدْوَان.. لكن البعض يرى أن صالح أرسل قياداته عليا إلَى الرياض لتأييد العُـدْوَان، فهو مؤيد ومعارض.. ما رأيك؟
نعم أشدتُ بموقفه الرافض للعُـدْوَان الخارجي على شعبه ووطنه ولا زلت على موقفي هذا، فمعياري الوحيد أن الناس والأَحْـزَاب والشخصيات العامة ينقسمون في حالة العُـدْوَان الخارجي على وطنهم بين خائن يؤيد العُـدْوَان ويبرره، ووطني يرفض العُـدْوَان ويقاومه، والرئيس السابق يُحسَبُ له بموقفه ضد العُـدْوَان على وطنه وشعبه أنه وطني رغم أنك تعلم أني عارضت نظام صالح طوال عهده، إنما نحن اليوم أَمَام عُـدْوَان خارجي غاشم، وكل من يقف ضد العُـدْوَان يجب عليهم أن يصطفوا ضده ويجمدوا خلافاتهم وصراعاتهم السابقة، فالعُـدْوَان الخارجي يستهدف الوطن وكل من عليه حتى الخونة العملاء الذين أيّدوه وفرشوا له بسطَ التبرير إلَّا أن يبقوا عبيداً لهم، أما فيما يتعلق بالقيادات الحزبية التي أيدت العُـدْوَان والتحقت به فَإن لم تحاكمهم أَحْـزَابهم وتفصلهم من صفوفها فالخيانة تلحقُ بها كأَحْـزَاب، ولا مجال للعب والعبث في قضية مصيرية كهذه أبداً.
– إرتكب العُـدْوَان السعودي العديدَ من المجازر البشعة بحق المدنيين والأَطْفَال والنساء واستخدم أسلحةً محرمة دولياً إلَّا أننا لم نسمع أي دور لمجلس الأَمْن أَوْ الأمم المتحدة لردع هذا العُـدْوَان؟
نعم سيدي صمت المجتمع الدولي وقواه ومنظماته على كُلّ الجرائم البشعة التي ارتكبها العُـدْوَان في استهداف المدنيين وقتل أسر بكاملها تحت إنقاض مساكنها واستخدم أسلحة محرمة وغيرها من الجرائم ضد الإنْسَانية وجرائم الحرب وأيضاً الإبادة الجماعية لكنه ليس غافلاً عنها ويوثقها بدقة وبالدلائل القاطعة؛ لأنه سوف يستخدمها حين يريد ضد السعودية وقوى العُـدْوَان أَوْ على الأقل لمَن يريد من بينها، وهذا يؤكد أن السعودية استدرجت إلَى شراك فخ خطير، ألا ترى أن أَميركا ما برحت تصدر التصريحات أنها لم تشارك في العُـدْوَان رغم أن الكل يعلم بمشاركتها الأصيلة فيه وأنها لا ترى إلَّا حلاً سياسياً للأزمة في الـيَـمَـن؟!!!، ولعلك سمعت ما نشرته صحف أَميركية نقلاً عن دوائر في الكونجرس الأَميركي الذين يطالبون الإدَارَة بنشر العشرين صفحة من صفحات التحقيق الذي أجراه الكونجرس حول أحداث١١ سبتمبر ٢٠٠١ والمتعلق باتهام السعودية أَيضاً بالمسؤولية أَوْ بالوقوف خلفَ تلك الأحداث!!، هذه المؤشرات وغيرها تدل على ما يُخَطَّطُ ضد السعودية بالدرجة الأولى والعُـدْوَان على الـيَـمَـن جزء من ذلك التخطيط، الحقيقة أني نبَّهت إلَى ذلك منذ أول يوم للعُـدْوَان على قناة المسيرة وغيرها من الفضائيات، وعبر صفحتي في التويتر، ولكن لم نجد من يصغي لها، وحسبنا أنّا نبّهنا، والله بالغ أمره قد جعل الله لكل شَيء قدراً.
– أفاد أحد تقارير منظمة دولية أن 90% من الضحايا كان سبب وفاتهم هو الراجع لمضاد الطيران؟
الواقع أن تحميلَ رواجع المضادات الأرضية المناوشة لطائرات العُـدْوَان ٩٠٪ من ضحايا العُـدْوَان أسخف نكتة سمعتها في حياتي، فكل تَأريخ الحروب في العالم ما سمعنا أن رواجعَ قذائف المضادات الأرضية تفعل كُلّ ذلك الفعل السحري، فالمضادات الأرضية بفضل العملاء من القادة العسكريين السابقين الذين التحقوا بالعُـدْوَان وأعطوا خرائط كاملة بمواقع المضادات الأرضية ومخازن الأسلحة قد جرى تدميرُ معظمها في أيام العُـدْوَان الأولى ولم يتبق إلَّا مضادات قديمة وصغيرة، وثم أنه حتى الصواريخ المضادة للطائرات -وقد جرى تدميرها- لا تعود مرة أُخرى الأرض لتنفجر وتدمر ولكنها حين بلوغ منتهى مداها تتفتت إلَى شظايا صغيرة تذروها الرياح، وكلُّ حروب العالم التي استخدمت فيها المضادات الأرضية بكثافة وخَاصَّـة الحربين العالميتين الأولى والثانية لا نجد أن رواجعَ تلك المضادات الأرضية على كثافتها قد حَمَّلت مسؤولية ٩٠٪ أو حتى ١٪ من الضحايا!، هذه المنظمات التي أطلقت تلك النكتة البايخة معروفٌ ارتباطاتها القديمة بالدوائر الأَميركية والغربية وتعمل أدَوَات في أجنداتها الاستعمارية وهي مطالَبة بتبرير العُـدْوَان وتبهيت حجم جرائمه البشعة أَمَام الرأي العام الدولي، عموماً إن هؤلاء في آثار ما يطلقونه من دعايات كاذبة لا يقلون خطورة عن الطائرة الحربية التي تطلق صواريخها على المدارس والمباني والمنشآت والمستشفيات والطرق والمدنيين الآمنين في مساكنهم بل هم أسوأ وأضل سبيلاً.
– حركة أَنصار الله وما خاضته منذ 2011 وصولاً إلَى ثورة 21 سبتمبر إلَى اليوم.. هل يمكنُ أن تشخِّصَ لنا هذه الحركة؟
أعتقد في جواب سابق تعرضت لشيء من هذا التشخيص، وأضيف هنا أن أهم ما أزعج القوى الدولية والإقْليْمية أَوْ قل أَكْثَرها توخياً للدقة أن حركة أَنصار الله منذ بدء انطلاقها وعلى يد مؤسسها وقائدها الأول الشهيد حسين بدرالدين الحوثي رحمه الله أرادت صياغة مشروع حضاري جديد وبديل نهضوي تجديدي يقوم على أسس أهمها:
١) إزَاحَة الصورة السلبية والمشوّهة للإسْلَام الدين التي انتشرت في الداخل والخارج والتي حصرته وكأنه دين حرب وقتل وإرْهَاب واستباحة ما حرم الله، مثل تسويغ الزنى الجماعي وزواج فريند أي زواج الصداقة والمسيار… إلخ وقمع لحرية الرأي والاعتقاد وفرض احتكار الدين وتطبيقه على فئة إرْهَابية ضالة ومضلة، وذلك من خلال صياغة وتقديم نموذج إسْلَامي راق يعبر عن غايات الدين العليا في السلام والتعاون والتعايش الإنْسَاني والحرية والعدل والمساواة والتكافل الاجتماعي… إلخ.
٢) الاجتهاد في تأسيس أرضية لإنهاء تمزق المسلمين وتناحرهم وصراعاتهم أرضية تُبنى على القرآن الكريم كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الكتاب الجامع الموحد لكل المسلمين وتجاوز كُلّ المذهبيات المتخندقة على ذواتها والمتعصبة لغير كتاب الله والتي فرّقت الأمة قروناً من الزمن وأزهقت وسفكت أرواح ودماء ملايين المسلمين عبر التَّأريخ الإسْلَامي.
٣) الانطلاق استناداً إلَى ما سبق في صياغة مشروع نهضة وطنية شاملة عبر تأسيسِ دولة يمنية حديثة وعادلة على قاعدة المواطَنة والشراكة والتوافق الوطني الذي لا يستأصل ولا يقصي ولا يهمش أي مكون اجتماعي؛ باعتبار مثل تلك الدولة المدخلَ الإلزامي والضامن الموضوعي لإحداث نهضة وطنية شاملة في كافة جوانب حياة المجتمع تقدماً وازدهاراً وعدلاً ومساواةً وأمناً وأماناً وعزة وكرامة وسيادة.
هذا هو ما أخاف الخارجَ وأدَوَاته في الداخل من حركة أَنصار وامتداداتها الشعبية المتصاعدة يوماً بعد يوم والتنامي المتواصل لتأثيرها ونفوذها السياسي الكاسح في الساحة الوطنية؛ لأنهم يريدون للـيَـمَـن البقاء حبيسَ دوامة التخلف والبؤس والصراعات المبددة لنهوضه.
– قامت السعودية بإغلاق الكثير القنوات والوسائل الإعْلَامية واعتبارها أَهْدَافاً عسكرية لطيرانها؟ بماذا تصف هذه الإجراءات، وعلى ماذا تدل؟
لم يحدُثْ من قبلُ أن هوجمت واستهدفت وسائل إعْلَامية من قنوات وفضائيات كما هو حادث اليوم في العُـدْوَان الخارجي الغاشم على الـيَـمَـن، فقد أوقف بث ثلاث فضائيات تقريباً (المسيرة والساحات والـيَـمَـن اليوم)، إضَافَة كُلّ فضائية عربية تقف ضد العُـدْوَان، ولأول مرة يجري الضغط على شركات تأجير ترددات تلك القنوات لإلغاء عقودها معها حتى لا يعاد بثها بنفس الترددات، شَيء بشع وهمجي أن يُعتدى على حرية الإعْلَام والصحافة ويحرم الرأي العام من متابعة الآراء المختلفة والمتعددة وسط مباركة قوى دولية لطالما روَّجت لدورها في نشر الديمقراطية والحريات والحكم الصالح!!.
إن قوى العُـدْوَان وحلفاءَهم الذين لم يقووا على تحمل ثلاث فضائيات شحيحة الامكانيات المالية في وقت يملكون فيه مئات الفضائيات سواء الاخبارية أَوْ الفنية وحتى الماجنة والتي تعاني تخمةً في مواردها المالية، يبرهنون على ضعفهم وهشاشة موقفهم وإجْرَامية عُـدْوَانهم، وهي مؤشرات واضحة لهزيمتهم وفشلهم في تحقيق أَهْدَاف عُـدْوَانهم.. إن هذا الموقف العدائي الهمجي المتخلف وغير المسبوق تجاه وسائل إعْلَامية يفرض على الآخرين سرعة إيجاد بدائل فعالة لضمان بثهم دون ضغوط أَوْ تحكم من آخرين وبفعالية أكبر من السابق على أنه وبالرغم من همجية كتم تلك الفضائيات إلَّا أنه أسهم في مضاعفة أعداد متابعيها بمختلف الوسائل وخَاصَّـة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أضعافاً مضاعفة برغم عناء البحث والمتابعة، فالإنْسَان أي إنْسَان يظل دَائماً شغوفاً بالبحث عن الحقيقة ولذلك خلقه الله.
– مؤتمر ما يسمى الرياض.. ما الذي أضاف للـيَـمَـن من وجهة نظرك؟، وما رأيك في القيادات الحزبية التي شاركت فيه؟
مؤتمرُ الرياض برغم ذكره السيء إلَّا أنه ساعَدَ على خلق اصطفاف لقوى وأَحْـزَاب وشخصيات الداخل المنسقة والمتعاونة والمتآمرة مع العُـدْوَان الخارجي على وطنها وشعبها، وله الفضل في فرز القوى والمكونات والشخصيات بشكل واضح وحاسم بين الوطني والخياني، وهو يمثل لمن شارك فيه -أَحْـزَاباً وأفراداً- ذروة السقوط الوطني والأَخْلَاقي والسياسي، تَأريخياً سيحتفظ لهم التَّأريخُ في صفحاته بأنهم أحد نماذج خيانة الاوطان كما خلّد ذكر من سبقهم من الخونة عبر التَّأريخ وأرزهم أبو رغال العربي، فهم استحقوا عن جدارة مسمى “الرغاليون الجدد”، هذا هو رصيدهم الأخير ولن تقوم لهم بعد ذلك قائمة إلَّا بلعنات تحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه من بلاليعِ الخيانة والعمالة، وبئس ما عملوا واقترفوا.
– هناك مَن يقول إن السعودية جمعت أدواتها في الـيَـمَـن وألقت عليهم ما تريد.. ما تعليقكم على هذه المقولة؟
فلما قضت قوى العُـدْوَان منهم وطراً وأخذت منهم ما تريده منهم من وَهْم شرعنة عُـدْوَانها وبصموا عليها رمتهم جانباً لانقضاء حاجتها لهم دون عبارة شكر واحدة ودون ذرة شعور باطني لديها باحترامهم، فمن يفرط بوطنه مرة لا يُؤمَنُ جانبُه حتى وَإن كان عميلاً حتى الثمالة.
– ركَّز إعْلَان الرياض على تقسيم الـيَـمَـن وهناك من يقول: إن لدى السعودية أطماعاً بضم حضرموت إليها، ابتداء بتسليمها للقاعدة وحمايتها.. ما تعليقكم على ذلك؟
ما صدر عن مؤتمر القوى المحلية المؤيدة للعُـدْوَان على الـيَـمَـن فيما عُرف بإعْلَان الرياض أهم أَهْدَافه وأبرزها هدفين:
الأول: الإصرار على تقسيم الـيَـمَـن على النحو الذي استمات الرئيس السابق هادي وتآمر على سلقه وتمريره على عكس قاعدة التوافق الوطني المتفق عليها وهي ستة أَقَاليم فيما عُرف بمصطلحي الأقلمة والفدرلة.
والثاني: النص على تصفية الجيش والأمن الوطنيين وإنشاء نواة لجيش وأمن جديدين تحت إمرة دول العُـدْوَان، إضَافَةً إلَى النص على إنشاء وتدريب وتسليح ميليشيات جهوية لما سموه بالحراك التهامي والجنوبي والشرقي والغربي وهلم جراً.
يتضح جلياً من هذين الهدفين نية إضعاف وتمزيق الـيَـمَـن إلَى دويلات كانتونية متقاتلة بدوافعَ عصبوية مذهبية طائفية مناطقية.. ولو عُدتَ إلَى الوراء قليلاً لوجدتَ أني كنتُ أول من دعا، تقريباً، إلَى إعَادَة تشكيل النظام السياسي منذ وقت مبكر، لكن الفيدرالية التي دعونا إليها كانت فيدرالية إدارية لإنهاء المركزية المفرطة في إدَارَة الدولة التي أفضت إلَى انتشار الفساد المالي والاداري واتساع نطاق التذمر الشعبي ولتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في إدَارَة الحكم، لكن من قراءة البنود التي تضمنتها مخرجاتُ الحوار الوطني ومسودة الدستور فيما يتعلق بتقسيم البلاد إلَى ستة أَقَاليم وأيضاً إعطاء الأَقَاليم بعد فترة معينة حق اختيار الوضعية السياسية لكلٍّ منها، وهي بنود لم يتم حصول توافق وطني حولها يؤكد أننا هنا لسنا بصدد نظام فيدرالي حسب ما هو معروف بأسسه ومقوماته وطبيعته في القانون الدستوري بل أَصْبَـحنا أَمَام إعَادَة إحياء للكونفدرالية التي انقرضت في العالم بعد الحرب العالمية الأولى، وهي نظام يُعرف بأنه التقاء دول مستقلة ذات سيادة كاملة للتعاون فيما بينها من خلال شخص الملك في الدولة الأقوى فقط وليس عبر مؤسسات رسمية مشتركة، ولهذا لم يعد هناك أي وجود للكونفدرالية في أي مكان إلَّا في العقلية التآمرية لهادي والقوى الخارجية الداعمة له.
ونخلص مما سبق أن هدفَ السعودية من كُلّ ما ورد آنفاً ومن عُـدْوَانها على الـيَـمَـن فرْضَ سيطرتها الكاملة على القرار الوطني الـيَـمَـني عبر فرض حكام موالين لها أَوْ قل إن شئت عملاء لها وهي ترى أن تحقيق ذلك لن يتم إلَّا بعد تدمير كُلّ مقومات الحياة في الـيَـمَـن، فهل يتحقق لها ما تريد أم ينعكس العُـدْوَان وبالاً عليها في المستقبل القريب؟ ذلك أن اطالة أمد العُـدْوَان يلعب دور المُسرِّع للبديل الإيجابي في الـيَـمَـن والسلبي داخل السعودية ذاتها عبر تأجيج نار التفاعلات الداخلية بين مكونات تركيبتها السكانية وطوائفها ومناطقها من ناحية، وتنافسات تركيبتها الحاكمة من ناحية أُخرى، ولعل مما تجدر ملاحظته والتوقف أمامه أن العُـدْوَان الذي فرحت القيادة السعودية وهللت بأن يقال أنه بقيادتها لم يحصل على غطاء وتفويض دولي مسبق، حيث والـيَـمَـن موضوع تحت سلطة الفصل السابع ولا يجوز اتخاذ أي إجراء ضد الـيَـمَـن إلَّا بتفويض من مجلس الأَمْن، إن هذه الملاحظة تؤكد من زاوية أُخرى ما ذهبنا إليه مراراً أن السعودية استدرجت إلَى فخ بالغ الخطورة سيرتد وبالاً عليها حتى دولياً؛ لأن الدولة الـيَـمَـنية الوطنية القادمة سيكون من حقها المشروع فتح ملف العُـدْوَان الذي قادته السعودية ضدها بشكل مخالف للشرعية الدولية وبدون مسوغ أَوْ مبرر مقبول ومطالبتها بتحمُّل كامل المسؤولية عن تبعاته وآثاره المباشرة وغير المباشرة بحكم القوانين الدولية ذاتها.
– هل هناك علاقة بين القاعدة والسعودية؟
فاتني التطرق إلَى شق من سؤالك المتعلق بحضرموت وفصلها من قبل السعودية كما ورد في سؤالك السابق ولهذا سأستدركهُ موصولاً بالإجابة على هذا السؤال حول العلاقة بين السعودية وما يسمى بالقاعدة ومشتقاتها وحلفائها الإخوَان المسلمين الذي يسيطرون على حضرموت حالياً بدعم من قوى العُـدْوَان أقول بأن مسألة فصل ما سمي، في مخطط هادي لتقسيم الـيَـمَـن إلَى ستة كانتونات أَوْ دويلات، بإقْليْم حضرموت (حضرموت والمهرة وسقطرى وجزء من شبوة مما كان يُعرف قديماً بسلطنة الواحدي أَوْ ما كانت الإدَارَة البريطانية تطلق عليها (المحميات الشرقية) مشروعٌ قديم من قبل القوى الاستعمارية الغربية وَإن تقاطعت الاهتمام به مع السعودية في فترة من الفترات وكان الاتجاه أن تؤسس فيه دولة مستقلة عن الـيَـمَـن ولا يزال هذا المشروع مطروحاً، وذكرت منذ أمد طويل وثائق وَمؤلفات ودراسات غربية منذ عقود، ولعل كثيرين لا يعلمون أنه حين بدأت القوى الاستعمارية الغربية تفكر في البحث عن ما أسموه وطناً قومياً لليهود في العالم وطرحت على الحركة الصهيونية العالمية الرديف المتحالف للمشروع الاستعماري الغربي أماكن عديدة في العالم مثل كينيا والحبشة وتنزانيا وأفريقيا الوسطى واستراليا وكندا، والمدهشُ أن إقْليْمَ حضرموت بتكوينه الذي أشرنا إليه كان أحد الخيارات المطروحة على الحركة الصهيونية العالمية كوطن قومي لليهود خَاصَّـة وأَبْنَاء هذا الإقْليْم مهاجرين بطبيعتهم ولأن دراسات الغرب التَّأريخية يرون أن هذا الإقْليْم على امتداده الجغرافي كان يشكل الجزء الأكبر من مسرح التَّأريخ التوراتي يدل عليه بقاء الأسماء التواراتية لبعض مناطقه متداولة ومستمرة حتى اليوم، ربما كان للسعودية حسابات خَاصَّـة بها لفصل حضرموت لكن حسابات القوى الدولية الغربية أُخرى وأقوى.
أما علاقة السعودية ودول أُخرى في المنطقة بل وأَمريكا أَيضاً بالقاعدة وأخواتها وبحلفائها من الإخوَان المسلمين بل وبإسرائيل أَيضاً ماثلة للعيان ولا تخفى، ليس في الـيَـمَـن فحسب بل في أفغانستان وباكستان والعراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا والجزائر وَتونس والسودان وماليزيا… إلخ، ولعل هذه العلاقات هي من سيوكل لها فصل حضرموت لأَهْدَاف تبدو أنها متباينة لكنها في الأخير سيتم تسويتها بالمقاصة السياسية! فجميعهم في الأخير حلفاء منذ القدم!.
– كان من المقرر عقدُ مؤتمر جنيف في 28 من الشهر الماضي لكنه تأخر.. وهناك من يرى أن المال السعودي أَصْبَـح مؤثراً حتى على الأمم المتحدة.. هل لك رؤية أخرى؟
تأجيلُ أَوْ الغاء اجتماع مؤتمر جنيف الأول بتَأريخ ٢٨ إبريل الماضي وقد كان بالأساس لقاء تشاورياً استكشافياً لا يتأثر كثيراً بالقوة المالية للسعودية؛ لأن هذه القوة المالية لا أثر لها إلَّا إذَا عملت تحت المظلة السياسية الأَميركية وبعض الدول الأُوروبية، أما بخصوص تأثيره على مسار الأمم المتحدة وقراراتها فهو أمر مبالغ فيه إلَى حد كبير، فالأممُ المتحدة سواء الجمعية العمومية أَوْ مجلس الأَمْن أَوْ سائر المنظمات التابعة لها هي في الأخير لا تعمل بمعزل عن تأثيرات بل وتوجيهات الدول وخَاصَّـة منها الدائمة العضوية بمجلس الأَمْن، بل إنها جَميعاً تتشكل بمحاصصة بينها والقوى الدولية والإقْليْمية الأُخرى الأَكْثَر نفوذاً وقوة، والسعودية ليست مجردة من التأثير بلا شك لكنه تأثير متواضع، إنما في اعتقادي أن مجاراة السعودية في تأجيل ذاك اللقاء في جنيف وربما إفشال الآتي في ١٤ يونيو الجاري يهدفُ إلَى دفعها أَكْثَر للتمادي في عُـدْوَانها على الـيَـمَـن وما سيترتب عليه من تبعات ومسؤوليات جسيمة وخطيرة على السعودية في قادم الأَيام وليتركوا مزيداً من الوقت لتفاعلات الحرب وآثارها ونتائجها على الضفتين معاً السعودية والـيَـمَـن لانضاج ظروف وأَوَضاع معينة تفسح مجالاً لتنفيذ مخططات مرسومة سابقاً لدى القوى الدولية الغربية المهيمنة، فكل خطوة لدى هذه القوى يتم بحساب وترتيب مسبق والويل لمن لم يفهم أَوْ يتعلم.
– ما الذي يمكنه أن يقدمه مؤتمر جنيف في حال انعقاده لوقف العُـدْوَان وحل المشكلة الـيَـمَـنية؟
إذَا لم تتدخل فيه أَطْرَافٌ خارجية دولية وإقْليْمية واقتصر على حوار بين الطرفين الـيَـمَـنين، طرف تجمع إعْلَان الرياض والطرف الآخر طرف أَنصار الله والقوى التي وقفت ضد العُـدْوَان الخارجي وجابَهته وتصدت له، فيمكن أن يخرج بصيغة حل مُرضية شريطة وقف العُـدْوَان ورفع الحصار الخارجي على الـيَـمَـن بشكل نهائي وبقرار ملزم يصدر عن مجلس الأَمْن الدولي، حتى لا يظل التلويح بمعاودة العُـدْوَان سيفاً مسلطاً على طرف لابتزازه وإخضاعه، وما لم يتم هذا فَإن العُـدْوَان سيستمر إلَى ما لا نهاية ومقاومة العُـدْوَان ستتصاعَدُ في ظل لا دولة مع ما يترتب على ذلك من استنزاف خطير للعُـدْوَان سياسياً وأَخْلَاقياً وعَسكرياً واقتصادياً، وكذا من استمرار عذابات ومعاناة الـيَـمَـنيين طويلاً إذَا لم يدرك المعتدون أن عُـدْوَانهم لن يحسم الحرب لصالحه ولو استمر عُـدْوَانه عقوداً من الزمن وَأن ليس أمامه من سبيل للخروج بماء وجهه سوى الدفع بحل سياسي على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، فأنا أعول هنا على حوار يمني يمني صرف برعاية الأمم المتحدة دون تدخلات من أَطْرَاف دولية أَوْ إقْليْمية.
- ماذا بشأن المحادثات في مسقط، ما المعلومات المتوفرة لديك عن هذه المحادثات وما أهميتها من وجهة نظرك؟
محادثاتُ مسقط الحقيقة أنها تتم برعاية السياسة الحصيفة التي درجت سلطنة عُمان انتهاجها كنهج ثابت والتي حازت إعجاب واحترام الشعوب والدول في العالم، سلطنة عمان ليس لها مطامع توسُّع أَوْ هيمنة أَوْ نزوع استعلائي على غيرها، ودورها يتمحورُ على الاسهام في حل المنازعات بالطرُق السلمية وتقريب الرؤى ووجهات النظر بين المتنازعين؛ بهدف استتباب الأَمْن والاستقرار والسلام للجميع بما يجنبهم ويلات الحروب والصراعات المدمرة، وهو دور عظيم وبنَّاء، في هذا الاطار جرت وتجري محادثات سواء وجهاً لوجه أَوْ عبر الوسيط العُماني النزيه بين أَنصار الله والسعودية، وهو ليس اللقاء الأول فقد سبقته اتصالات من فترة طويلة ولقاء في الرياض قبل العُـدْوَان السعودي لم يقطعه سوَى رحيل الملك عبدالله رحمه الله بأمل تواصله لاحقاً، ففوجئنا بهذا العُـدْوَان المدمر البشع والحصار الشامل ضد الـيَـمَـن ولم تقتصر المحادثاتُ على السعودية وأَنصار الله فحسب، بل توسع ليشمل أَطْرَافاً يمنية وإقْليْمية ودولية أُخرى، الهدف منها حرص سلطنة عمان على المساعدة في بلورة وإنضاج مسودة حل سياسي شامل للمشكلة الـيَـمَـنية يكون موضوعاً على طاولة مؤتمر حوار جنيف للإقرار والتوقيع عليه من جميع الأَطْرَاف الـيَـمَـنية وبرعاية أممية، هذا الجهد المضني الذي بذلته الدّبلوماسية العمانية المرموقة قطع أشواطاً كبيرة على طريق الانجاز، ولا شك أنه سيتوج قريباً بالنجاح بالنظر إلَى ما تتمتع به سلطنة عُمان من مصداقية وثقة واحترام لدى الأَطْرَاف الـيَـمَـنية والقوى الدولية والإقْليْمية بدون استثناء.
وأعتقد أن مبادرة عمان هي التي ستنجح في وضع حل شامل بين الأَطْرَاف الـيَـمَـنية لحل مشكلة الـيَـمَـن، وبحسب متابعتي لهذا الموضوع ربما يتم الإعْلَانُ عن الحل قريباً جداً، وهذا النجاح عادةً ما يتحقق بفضل سياسة التكتم والبُعد عن أضواء الاستغلال الدعائي الإعْلَامي، الذي تنتهجه الدّبلوماسية العُمانية والذي ضمن نجاحها في حل عديد من الأَزَمَات المعقدة دون أن تتحدثَ عن نجاحاتها، فالواقع هو الذي يتحدثُ نيابةً عنها.
– عبدُربه منصور هادي.. هل تتوقع أن يكون له تأثير أَوْ وجود في المرحلة القادمة؟ أم أنه أَصْبَـح من الماضي؟
الرئيس السابق هادي اعتبر من قبل السعودية والقوى المتحالفة معها في العُـدْوَان على الـيَـمَـن ومن خلال وسائلها الإعْلَامية المرئية والمقروءة وقبل فترة ليست بالقصيرة من هروبه من البلاد إلَى عدن أَوَّلاً ثم إلَى الخارج بأنه المسئول الأول عن انفلات الأَوَضاع وتأزُّمها وتوترها في الوضع السياسي الـيَـمَـني؛ بسبب ضعف شخصيته وفشله في إدَارَة دفة الحكم وإيصال البلاد إلَى ما وصلت إليه، ولهذا فقد طلب إليه أول ما حطت قدماه في الرياض إصدار قرار بتعيين رئيس الحكومة المستقيلة نائباً لرئيس الجمهورية أي نائباً له!!!!، وهذا القرار الذي أتى في غير محله ولا وقته ولا ظرفه المناسب واضح في دلالته على أن هادي طويت صفحته ولن يكون له أيُّ دور سياسي في المرحلة القادمة وَأن أبقي عليه مؤقتاً وشكلياً لاستناد العُـدْوَان والحصار المفروض على الـيَـمَـن، على شرعية متوهَّمة أَوْ مصطنَعة له في طلب العُـدْوَان وتأييده والحصار، حتى يأتي وقتُ وضع الحلول السياسية فتتم المساومة عليه فَيُضَحَّى به بما يظهر وكأنه تنازل مهم على أن تتم مقايضته ببحاح وهو الهدف المراد للعُـدْوَان أصلاً.
– هناك حرص سعودي كبير على إلغاء اتفاق السلم والشراكة كمرجعية للحوار.. ولماذا الإصرار السعودي على المبادرة الخليجية؟
أما رفض اتفاق السلم والشراكة فذلك لأنه يؤكدُ على مبدأ الشراكة الوطنية والتوافقية الوطنية الحقيقية بالجميع وللجميع وهم أساساً يخططون للإتيان برئيس فرد يمنحونه سلطات وصلاحيات مطلقة كما كانت ممنوحةً لهادي من قبله فلم يجدوا له عزماً، لكي يتم من خلال الرئيس الفرد المطلق السلطات والصلاحيات والمتحرر من كُلّ قيد أَوْ ضابط ليمرر لهم كُلّ ما يريدون دون عوائقَ أَوْ منغصات، وفيما يتعلق بالمبادرة الخليجية وبروتوكولاتها الملحقة فهي مزمّنة بزمن محدد ومعنية بحل أزمة سابقة انتهت وولّت ومشخصنة بأسماء أشخاص ومؤسسات لم يعد لهم وجود رسمي، هذا كله معروف ومُسَلم به، لكن سبب الإصرار المريب على إضفاء طابع الديمومة المتجاوزة لظرف الزمان والمكان على المبادرة الخليجية وتكريسها كتميمة وتعويذة سحرية لمعالجة كُلّ العلل وطرد الأرواح الشريرة هدفه فرض الهيمنة والسيطرة السعودية على الـيَـمَـن سياسياً واقتصادياً وعَسكرياً من حيث أنها هي صاحبة المبادرة وتحت حجب دخان حرقها السحري تستطيع تمريرُ كُلّ خططها وأَهْدَافها في تلك السيطرة، وفي هذا الصدد وحسب ما تنامى إلَيَّ من معلومات فَإن حركةَ أَنصار الله تستعين بفريق مقتدر من فُقهاء القانون المتخصصين لصياغة مذكرة قانونية متكاملة تبين فيها الموقفُ القانوني من قضيتين جوهريتين:
الأولى: تفنيد الاعتبارات القانونية الناسفة لشرعية الرئيس السابق عبدربه منصور والحكومة المستقيلة وَأن ادعاء أية شرعية مستمرة لكليهما أَوْ أحدهما باطل ومعدوم.
والثانية: بيان انتهاء مدة وشرعية المبادرة الخليجية سواء انجزت الأَهْدَاف التي وضعتها أم لم تنجز.
وتستند المذكرة في حججها على نصوص المبادرة الخليجية ذاتها واتفاق السلم والشراكة والدستور الـيَـمَـني النافذ وغيرهما من الوثائق والاتفاقيات ذات العلاقة وتنتهي المذكرة بأنه في حالة عدم قبول ما تضمنته المذكرة فلا بد من اللجوء إلَى تحكيم دولي متفَق عليه للفصل في الخلاف ويكون حكمه ملزماً للجميع أَوْ أن حركة أَنصار الله مستعدة للتنازُل فتقبل بهادي والحكومة المستقيلين بالمشاركة في الحوار لا بحُكم صفتهما الرسمية التي لم يعد لها وجود لا في القانون ولا في الواقع الميداني وإنما باعتبارهم طرفاً سياسياً، هذا ما علمته والله أعلم.
– وكيف ينظر عبدالله سلّام إلَى دور الجيش واللجان الشعبية والقبائل في مواجهة العُـدْوَان خَاصَّـة بعد إطلاق صواريخ النجم الثاقب والزلزال محلية الصنع على المواقع العسكرية السعودية؟
الواقعُ أن الجيشَ الـيَـمَـني أذهل الجميع في صموده في مواجهة العُـدْوَان ومواجهته بأَساليب تتميز بالحنكة العسكرية والرؤية الاستراتيجية والأساليب القتالية المبتكرة، وذلك إلَى ما ظنوه أن الجيشَ قد تضعضع وضَعُفَ بفعل ضربات ما سُمِّي بإعَادَة الهيكلة التي نفذها عبدربه بتوجيهات أَميركية، حيث كلنا يعلم أن ملف الجيش والأمن وضع في مرحلة وضع المبادرة الخليجية تحت تصرُّف الأميركيين، وهذا أمر كان معلناً بتصريحات ومقابلات السفير الأَمريكي نفسه أَوْ بفعل مئات عمليات الاغتيالات التصفوية التي استهدفت قادة الأَمْن والجيش، وكان الدهشة أن جيشنا الوطني كان لا يزال صلباً وقوياً، وزادته اللجان الشعبية المجاهدة والقبائل الـيَـمَـنية الأصيلة قوةً وصلابة وصموداً وتحدياً، ولعلها المرة الأولى في تَأريخ جيشنا الوطني التي يتلاحم ويتوحد بشعبه وقبائله التحاماً وطنياً لا نظير له، وهذا هو سر الصمود والتحدي والاصرار على مقاومة العُـدْوَان الخارجي الهمجي البشع، والحقيقة أنه كلما تمادى العُـدْوَان في عُـدْوَانه وطال أمَدُه كُلّ نتج عنه تنامي وتصاعد قوة الجيش والأمن واللجان الشعبية والقبائل أَكْثَر وأَكْثَر وهم قد نجحوا في قص أظافر ونزع أنياب أدَوَات العُـدْوَان الخارجي وعملائه في الداخل وتم دحرُهم وهزيمتهم على امتداد الساحة الوطنية إلَّا من جيوب باقية هنا أَوْ هناك تنزل إليها السلاح والأَمْوَال والشرائح الموجهة لغارات العُـدْوَان إنزالاً مظلياً، وكان الجيش والأمن واللجان الشعبية والقبائل في منتهى الحكمة والذكاء إذَا لم يواجهوا العُـدْوَان الخارجي لأكثر من أربعين يوماً كما كان العُـدْوَان يريد لهم ذلك ليستنزفوا قواهم ثم تنقض عليهم القوى والأدَوَات المحلية العميلة للعُـدْوَان، بل اتجهوا أَوَّلاً ومباشراً إلَى ضرب عملاء الداخل ثم بدأوا في مواجهة العُـدْوَان الخارجي، حيث نرى اليوم المعارك تدور داخل الأراضي السعودية ذاتها وعلى نحو يتوغل في العمق يوماً بعد يوم مما أفقد العُـدْوَان أية إمكانية لتحقيق مكسب أَوْ هدف له على الأرض الـيَـمَـنية، ولا شك أن استمرار العُـدْوَان من شأنه أن تكون له آثارٌ وعواقبُ وخيمة على السعودية بالأساس، أما الـيَـمَـن وقد دمرت كُلّ مقومات حياته وبناه التحتية ومنشاءاته على تواضعها فلم يعد لديه شَيء يخشى عليه من الضياع إلَّا الشهداء والجرحى وتلك قربان وثمن للحرية والكرامة والعزة.
– باعتباركم أحد أَبْنَاء تعز.. هل يمكن أن تشخّص لنا ما يجري في تعز، وما يمكن تسميته؟
ما يجري في تعز لا يختلف عما يجري في محافظات أُخرى من حيث طبيعة الحراك والصراع الذي يعتملُ في أعماق الواقع الـيَـمَـني كله بين جديد صاعد يكافح بكل الوسائل وبكل قواه لينتصر لمشروعه الوطني البديل وقديم تقليدي متهالك يتهاوى ويستنفر كُلَّ أسلحته وقواه وإمكانياته ليضمن استمرارَ مشروعه القيّم وسيطرته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وموروثه القيمي والفكري الذي تخطته الظروفُ الموضوعية لمرحلة تَأريخية ترهص بمخاض قاسٍ لميلاد جديد مختلف تعز من حيث طبيعتها وموقعها ودورها التَّأريخي ظلت طوال السنوات الماضية وخَاصَّـة العشرين سنة الأخيرة تقريباً ساحة اهتمام وتركيز من قبل التيار التقليدي وخاصة القوى ذات النهج الديني التكفيري الطائفي المتطرف، ومارس هذا التيار في تعز خَاصَّـة شحناً طائفياً مذهبياً مناطقياً عدائياً أَكْثَر من أية محافظة أُخرى في الـيَـمَـن؛ إدراكاً منه لحقيقة أن من يسيطر على تعز تسهل عليه بعدها السيطرة على الـيَـمَـن، لكننا ومع ذلك، نرى أن ما يحدث من صراع في تعز لا يختلف عما يحدث في غيرها من المحافظات، وَأن علا الضجيجُ فيها أَكْثَر بحكم الاهتمام والتركيز المكثف عليها من قبل قوى ذلك التيار التقليدي لكننا إذَا تعمقنا في التحليل الموضوعي بعيداً عن ضجيج الحملات الدعائية الإعْلَامية فإننا نتبين أن ما يجري في تعز لا يعبر عن أهل تعز أَوْ أغلبيتهم الساحقة الذين التزموا الصمت والترقب تحت تأثير الحملات الجائرة من الشحن والتعبئة الطائفية المذهبية العنصرية للتيار التقليدي المتخلف الذي حاول تزييفَ وعي أهالي تعز وحرفهم عن راية النضال الوطني القومي التحرري والتقدمي التي ظلوا أَكْثَر من غيرهم حامليها والمدافعين عنها عقوداً طويلة من الزمن، ورغم ذلك لم يستطيعوا تغييبَ تعز عن مشروعها الوطني أَبَداً وَإن أربكوا سيرها على هدي معالمه ومتطلباته النضالية لبعض الوقت وتعز، مدينةً وأًريافاً، من الظلم إسقاط النهج التعميمي عليها، فأهلُ صبر مثلاً بمديرياته العديدة وكثافته السكانية وقف مع الجيش واللجان الشعبية وطهّر مديرياته كلها من القوى التكفيرية وميلشيات الإصْلَاح التي بناها وسلّحها وموّلها الجنرال الهارب علي محسن الأحمر كقائد لجناح الإصْلَاح العسكري على مدى السنوات الخمس الماضية في تعز على وجه الخصوص، وما يجري في الحجرية وشرعب وماوية وسامع… إلخ شبيه لما جرى في جبل صبر المنيف وإن كان متدرجاً كُلّ ذلك يشير أن أهالي تعز وقد استفاقوا لما يخطط لهم من تحويل قواهم من موقع الحداثة والتحرر الوطني إلَى موقع التخلف وقوي القديم المتحجر انطلقوا حثيثاً وبقوة متصاعدة لاستعادة دورهم الطبيعي وموقعهم النضالي الذي عرفوا به تَأريخياً، هذه هي تعز الحقيقية يا سيدي ولن تكون إلَّا تعزاً.
– للحزب الناصري رؤية بأن السعودية هي العدو الحقيقي للـيَـمَـنيين وأنها وراء الاخفاق في بناء دولة مدنية قوية، لكن ما رأيناه هو ارتماءُ الحزب الناصري اليوم في أحضان السعودية وتأييدهم للعُـدْوَان على الـيَـمَـن؟ ما تعليقكم على ذلك؟
ناصرية اليوم كما يمثلها البعضُ من كبار قادتها وليس القواعد والكوادر والقيادات المبدأية النقية لا يدل على (وجودها اسم ولا لون ولا لقب)، إنها خروج فاضح عن كُلّ المبادئ الناصرية الأساسية وفكرها الثوري التحرري، والتنظيم الناصري كما مثله وعبّر عنه بعض قياداته العليا أَوْ قل معظمهم لا يختلف عن مثيله لدى الأَحْـزَاب الأُخرى في المشترك وخارجه، وهي كلها تندرج ضمن الحراك التفاعلي الحيوي التَّأريخي المحتدم على طريق إعَادَة فرز وتقويم كافة القوى والمنظمات والافكار والصيغ القائمة تمهيدا لمخاضات الولادة الجديدة لـيَـمَـن جديد على كافة المستويات، وهو ما سيعكس نفسَه حتماً على كُلّ تلك الأَحْـزَاب على طريق الغربلة والتجديد والعودة إلَى المنابع الأصيلة لها لتلفظ كُلّ من خان أَوْ فرط من قياداتها ومنتسبيها وتأتي بالجديد الشاب المتدفق حيوية وحماساً ووعياً وثقافة من الذين لا يلهثون وراء مصالحهم الشخصية وأسرهم لما بقي لهم من أعمار والله المستعان.
– كيف يرى عبدالله سلام الحكيمي قرار مجلس الأَمْن 2216 بخصوص الـيَـمَـن خَاصَّـة وإفادة بن عمر تؤكد أنه شارف على الوصول لحل سياسي بتوافق المكونات السياسية إلَّا أن العُـدْوَان العسكري افشل هذه المفاوضات؟
قرار مجلس الأَمْن الدولي رقم ٢٢١٦ قرار منحاز بالكامل ضد أحد طرفي الصراع الداخلي في الـيَـمَـن بشكل غريب وغير موضوعي ولم يشر بأية اشارة لا صريحة ولا ضمنية للعُـدْوَان العسكري الخارجي الغاشم على الـيَـمَـن، ولعل تمريرَ بكل ما فيه من مثالب وتجاوزات حتى لميثاق الأمم المتحدة ينطبق عليه ما ذهبنا إليه آنفاً بأن المطلوب دفع المعتدين إلَى مزيد من التمادي في العُـدْوَان وإفراطه في ارتكاب مختلف أشكال الجرائم المدانة وفق القانون الدولي ليكونَ بمثابة استخدام كُلّ ذلك في محاسبة ومحاكمة المعتدين في محاكم دولية حين يرون وقت ذلك مناسباً لاستكمال تنفيد مخططات وخطوات مشروع الشرق الأوسط الكبير الأَميركي الغربي كما عبر عنه كتاب (شيمون بيريز) في كتابه “الشرق الأوسط الكبير” وليس هناك تفسير آخر لهذا القرار غير ما ذكرنا.
– كيف تنظر إلَى مشاركة بعض الدول في هذا العُـدْوَان وهل المسألة مرتبطة بالمال السعودي؟
لا شك أن مشاركة بعض الدول في العُـدْوَان على الـيَـمَـن كان بهدف الحصول على الأَمْوَال السعودية، حيث لا مبرر ولا موجب لمشاركتها في العُـدْوَان على الـيَـمَـن، فهو لم تعتدِ عليها ولم يمسها بسوء أَبَداً، بل كانت له علاقات حميمية ببعضها ما عدا السنغال بطبيعة الحال، فكثير من الـيَـمَـنيين لم يسمعوا باسمها من قبل ويؤكد سعيها للحصول على المال السعودي أن جميعَها تعاني أَزَمَات وضائقات في أَوَضاعها السياسية والاقتصادية، ما يجعلها بأمس الحاجة للمال السعودي، ولا بأس أن يكون الـيَـمَـنيون ضحايا ووقود لحاجاتهم المالية!.
– كيف تفسر انسحابَ بعض الدول ولماذا فشلت السعودي في ضم دول غيرها إلَى تحالفها من وجهة نظرك؟
إنسحاب بعض دول تحالف العُـدْوَان جاء تحت ضغط الرأي العام فيها ووخز الضمير، حيث لا مبرر ولا سبب سياسي أَوْ أَخْلَاقي للعُـدْوَان سوى فرض الهيمنة السعودية على الـيَـمَـن ولتنبهها أن مثلَ هذا العُـدْوَان يمثل سابقة قد تطبق ضدها في المستقبل.
– ماذا بشأن الموقف الأوروبي.. كيف تنظر إلى تعاطيه مع العُـدْوَان على بلادنا؟
الموقف الأُوروبي لا يهمه حقوقُ الشعوب المشروعة ولا مبادئ العلاقات الدولية بقدر ما تهمه مصالحه وجذب صفقات شراء الأسلحة، وهو لهذا يحرص على منافسة الدور الأَميركي المهيمن على دول العُـدْوَان الغنية ويحرص بأي ثمن على الدخُول في الخط وعدم إخلاء المنطقة لتفرد النفوذ الأَميركي ما أمكن، ولهذا تراه يواكب التحرك الأَميركي وينحشر تحت مظلتها وَإن لحساباته الخَاصَّـة ولا يهم أن يتدمّر شعب وبلد بكامله، ذلك لا يهمهم، المهم أينما تكون المصلحة كانوا حتى ولو في أوسخ الأماكن وأحقر القضايا للأسف.
– هناك مواقف دولية ناهضت العُـدْوَان منذ أول يوم كإيران وروسيا مثلاً، غير أن هذا التحرُّك الدبلوماسي لم يتمكن من وقف العُـدْوَان أَوْ فك الحصار عن الشعب الـيَـمَـني.. ما السبب من وجهة نظرك؟
إيران مفروض عليها الحصار من الغرب ومعه المحيط العربي وهي غير قادرة على القيام بأي دور لوقف العُـدْوَان أَوْ فك الحصار على الـيَـمَـن وهي ذاتها محاصرة وليس بينها وبين الـيَـمَـن امتداد جغرافي، وليست في وارد مواجهة من أجل الـيَـمَـن، فكل تركيزها على العراق وسوريا ولبنان، وروسيا أولوياتها في أوكرانيا وسوريا وبدرجة ثانوية العراق ولبنان، والـيَـمَـن بالنسبة لاستراتيجيتها ثانوية في الوقت الراهن، والصين كذلك، رغم أن الهدفَ من السيطرة على الـيَـمَـن يستهدف على المدى المستقبلي المنظور الصين والهند وروسيا ليس بسبب ثرواته النفطية وغيرها، فهي شحيحة وإنما بفعل أَهَميّة موقعه الجغرافي المتحكم بطرُق تجارة النفط والغاز والتجارة العالمية عموماً، والهدف تضييق الخناق على القوى التي تشكل تحدياً تنافسياً على أحادية الهيمنة الأَميركية على العالم اقتصادياً وعَسكرياً وعلمياً.. كُلّ قوة كبرى لها حساباتها وأجنداتها الخَاصَّـة ومواقيتها التي تراها مناسبةً وفي كُلّ الأَحْوَال ورغم ما سبق فَإن صمودَ الإرَادَة الوطنية واستمرار المقاومة للعُـدْوَان وأدَوَاته الداخلية هو وحدَه المعَوَّل عليه في تغيير مواقف الخارِج.
– كلمة أخيرة؟
لقد تضمن هذا الحوار تشخيصاً للصراع وطبيعته وأَساليب مواجهته إلَى حد ما، والشكرُ لكم على إتاحة هذه الفرصة للتعبير عما يعتلجُ في النفس من هموم ومعاناة، آملاً أن أكونَ قد وُفقت.
+++++
عناوين فرعية أخرى :
- الادعاء بإعَادَة شرعية مجرد ذرائعَ لإضفاء شرعية على عُـدْوَانهم ولو كان ما يدعونه منطقياً فلماذا لم يتركوا الحوار الـيَـمَـني الـيَـمَـني بصنعاء وبرعاية الأمم المتحدة يصل إلَى منتهاه.
- العُـدْوَان الخارجي يستهدف الوطن وكل من عليه حتى الخونة العملاء الذين أيّدوه وفرشوا له بسطَ التبرير
- المجتمع الدولي ومنظماته صمت على كُلّ الجرائم البشعة وجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ارتكبها العُـدْوَان لكنه ليس غافلاً عنها ويوثقها بدقة وبالدلائل القاطعة وسيستخدمها ضد السعودي وقوى العدوان حين يريد.
- السعودية استدرجت إلَى شراك فخ خطير واتهامها بالمسؤولية والوقوف خلف أحداث 11 سبتمبر مؤشر يدل على ما يخطط ضد السعودية
- العُـدْوَان وحلفائه لم يقووا على تحمل ثلاث فضائيات شحيحة الإمكانيات بينما يملكون فيه مئات الفضائيات إخبارية أَوْ فنية وماجنة وهذا يبرهن ضعفهم وهشاشة موقفهم ويكشف زيف قوى دولية طالماً روجت لدورها في نشر الديمقراطية والحريات
- إفشال جنيف في ١٤ يونيو يهدفُ إلَى دفع السعودية للتمادي في عُـدْوَانها ولترك آثار الحرب ونتائجها على السعودية واليمن لإفساح المجال لتنفيذ مخططات مرسومة لدى القوى الغربية المهيمنة
- هادي طويت صفحته ولن يكون له أيُّ دور سياسي في المرحلة القادمة
- رفض اتفاق السلم والشراكة لأنه يؤكدُ على مبدأ الشراكة الوطنية والتوافقية الحقيقية بالجميع وللجميع
- قرار مجلس الأَمْن ٢٢١٦ منحاز ضد لأحد طرفي الصراع بشكل غريب ولم يشر بأية اشارة لا صريحة ولا ضمنية للعدوان الخارجي الغاشم على اليمن.