الإعْلَامُ فرض العصر، وقَصْر الأمس
هنادي الصعيتري
يُعْتبَرُ الإعْلَامُ قِسْماً من أقسامِ علمِ الاجتماع ورأسَ العلومِ فيه؛ كونَهُ يتحكَّمُ في المجتمع ويُعنَى باستهدافِ نفسيات وأَفْكَار الناس.
ويُدرّس هذا التخصُّص في أغلب جامعات العالم وصروحها التعليمية تحت قسم “العلوم الإنْسَانية”؛ لأنَّهُ في واقعِ الأمر من يعمل هذا العمل – الإعْلَامي – هوَ يضعُ نفسَهُ بين حالة من حالتين لا ثالثةَ لهما:
(فإما أن يحافظ على إنْسَانيتهِ بتحلّيه بالمصداقية والأمانة وترجمتها بحرصه على إيصالِ الحقيقة كما هي، وإمّا أن يتجرّد عنها بانسلاخهِ كُلِّياً عن ضوابط العمل الإعْلَامي المهني وما يندرج تحته من قيم ومبادئ تُسهم في تجسيد مفهوم الـ “إعْلَام” واقعــاً).
?وإذا ما عُدْنا لمعرفةِ مفهوم الإعْلَام فإنَّهُ في اللغةِ يعني:
(التَبْليغ والابلاغ والايصال)، لا التزييف والتحريف والتضليل.
وفي الاصطلاح والتعريف العام لهُ يعني:
(التعريفُ بقضايا العصر ومشاكله وكيفية معالجتها عبر الوسائل الإعْلَامية المختلفة)، لا اختلاق المشكلات وصنع الكوارث وتأجيج الحروب وتغذية النزاعات حتى تُقْتل الإنْسَانية معنوياً ببطء لا يُحس لكنّه يُمَس فساداً في الأَرْض وجــوراً..!!
? ولأن الإعْلَام صُنِّفَ كَسُلطة رابعة؛ كانت لهُ هذه الأهميّة الكُبرى والدور الأبرز في تحديد مسار الأحداث – سواءً سَلْبَاً أَوْ ايجاباً – فقد مثَّلَ جبهةً بحدِّ ذاته، جبهةً تُشَنُّ فيها حرْبٌ ضروسٌ شعواءُ يعملُ من خلالها عُبّادُ الريالِ والدولار على وضع غِشاوةً على الأبصارِ الناظرة، والتسبّب بتشويشٍ للآذانِ السامعة، والطبع على القلوب الواعيـة بوسائلِ التعتيمِ والتعميم الجُهنَّميّ الباطـل.
?لذا فقد أصْبح التعاطي المسؤول بروح الإيْمَــان بمواجهةِ الشائعاتِ والدعاياتِ ودحْضِها وبيان ما يُخالِفها وكشف الحقائق منها، وتعرية العدو وجرائمَ عدوانه، وتوضيح سياستهِ المألوفة والمعروفة في كسبِ الرأي العام ومُحَاوَلة قطْعهِ لخيوط الحق والحقيقة الجليّة بُغيةَ ضمان التعاطف الدولي والإقْليْمي معه، بعين الواقع وبدافع الحق البالغ لهوَ فرضٌ واجبٌ على كُلِّ مؤمن/مؤمنة يعي جيّداً ويدرك تماماً خطورةَ الوضع القائم والمرحلة الراهنة ويتفهَّم عن يقينٍ تامٍ حجم التحالف الكوني الشيطاني، فرضٌ لا يجوزُ فيهِ البتّه القَصْرِ أَوْ الجمع..!!
بل يلْزم فيه القيامُ بنوافلَ إضافيةٍ وعملٍ دؤوب ليكونَ النصرُ حليفَ العمليّين بجُهدٍ وجِدٍّ واجتهاد، وليكن بإذن المولى تعالى حليفكم أيُّها المجاهدون الصامدون في سبيل الله حفاظاً على حريتكم وعبوديتكم المطلقة لله، فبقدر ما تكون جهودُكم كبيرة بقدر ما ستكون الثمـارُ واسعـةً وحصادُهـا سيترُكُ الأثرَ العظيمَ في ميدانكم..
والعاقبــــــــةُ للمتقيــــــــــن.