البائعون أُمَّـتَهم في دكاكين بني صهيون!
أنس القاضي
تَكشفت أوجهٌ عديدَةٌ في هذا العدوان، بمختلف مستوياتها الشخصية والحزبية الحقوقية، والمنظمات الدولية، والتي وقفت صامتة أمام كُلّ جرائم الحرب التي يقترفُها العدوان الأمريكي السعودي بحق الشعب اليمني، وتجاهلت تلك القيم التي كانت تُبشّرُ بها، من الحُرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، واحترام القانون الدولي الإنساني… إلخ القيم التي حوّلوها لعناوين مُفرغة من محتواها وذرائعَ للهيمنة.
وبقدرة قادر وبدون أبسط معاييرَ تنساق منظمة التعاون الإسلامي والأزهر مع ادعاءات العدوان الأمريكي السعودية الذي يُشَنُّ على أبناء الشعب اليمني بإرادة إسرائيلية، وبكل بلادة واستحمار تُصدِرُ بياناتٍ تدين ما أسمته الاعتداءَ على مسجد كوفل، ليتحولَ معسكرُ كوفل الذي ينطلق منه المرتزقة لاستهدافِ مواقع الجيش واللجان الشعبية وارتكاب المجازر البشعة والفظيعة بحق أبناء الشعب اليمني إلى مسجدٍ تقامُ فيه العبادات ويذكر فيه اسم الله.
نعم.. فقد كشف لنا العدوان الأمريكي السعودي الكثيرَ من الحقائق، ومنها كيف يستطيع الكيانُ الصهيوني بأموال آل سعود ودول الخليج أن يجعَلَ منظمة التعاون الإسلامي والأزهر والجامعة العربية تشهَدَ بأن البعير ناقة والناقة بعير.
يُمكن أن يجدَ الباحثُ تفسيراتٍ لما قد يدفع يمنياً للوقوف مع العدوان الخارجي، وما يعتبره “الشرعيةَ” لأسباب تأريخية، سياسية، عصبوية، ليست مُبرَّرة، ولا يوجدُ ما يعيبُ التنازُلَ عن السيادة الوطنية أمام الغزو والمطامع الأجنبية، وإلا فلماذا تشكّلت الأحزابُ السياسية إذا كانت ستتخلى عن خبز الشعب وسيادة الوطن؟!.
إن الأمرَ الأشد لفتاً للنظر، وخزياً، والذي لا يوجد أيَّ مبرر موضوعي لهُ، هوَ موقفُ التكتلات والمكونات العربية والإسلامية، كالجامعةِ الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والأزهر، البعيدة عن واقع ما يعيشه ويعانيه الشعبُ اليمني، وتصطفُّ مع العدوان الأمريكي السعودي ضد الشعب!! وأتساءل: أيُّ ازعاج وأذىً سبّبه الشعبُ اليمني للجامعة العربية أَوْ لدولة في أقصى أفريقيا كالمغرب العربي مثلاً!
هذه التكتلات التي تشكلت مع صعود حركة التحرر الوطني من بعد الحرب العالمية الثانية، هدفها الرئيسي هو الدفاع عن مصالح العالم العربي الإسلامي، وحقوقه التأريخية، في الاستقلال والوحدة وتحرير الأرض، واستعادة المقدسات، والتكامُل من أجل النهوض والتنمية والتقدم وتوطيد السلام، وقد اعتبرت القضية العربية الاسرائيلية ركيزتها الأولى لكنها اليوم نقيضٌ لما تأسّست عليه، تصطفُّ مع العدوان السعودي الأمريكي الذي يُنفذه تحالف غربي استعماري “إسرائيلي”، وتبيع أُمَّتَها لدكاكين يهود بني صهيون!!
من نافذة الجامعة العربية تحفّظت السعودية والإمارات والبحرين على بند حق لبنان في مواجهة العدو “الإسرائيلي”، ومن هذه النافذة أَيْضاً تبنّى مجلس الأمن قراراً للتدخل في ليبيا، التي لا يسألون اليوم عن أحوالها المنسية مثل شعبنا اليمني!
هذه المنظماتُ التي لم تبقَ من عروبتها وإسلاميتها إلا الأسماء، أُفرغت الروح منها، ومُلِئت بالنفط المنهوب من ثروات الشعب العربي في شبه الجزيرة والذي سُخّر لخدمة المشروع الأمريكي “الإسرائيلي” التدميري للوطن العربي، ولم تَعد فعاليتها أكثر من حفلات يرْعاها الغربي، وبياناتها جرائد صفراء مدفوعة القيمة السلعية، لا تمُتُّ بصلةٍ إلى تطلعات وهموم وآمال الجماهير العربية والإسلامية، وإلى الواقع العربي المتخلف على مختلف الأصعدة، وإلى الأمة العربية كأمة مُضطهَدة، تقاتل حكوماتُها مع الجلادين!
وسنخرُجُ نحن والشَّعبَ السوري والعراقي والليبي من هذه النيران الغربية، لنفضحَ كُلَّ مَن تواطأوا على ذبحنا، وباعُوا دماءَ أطفالنا من زعماء هذه الأنظمة، كما فعَلَ إخوة يوسف، وسنخرج ونَحن نُشفِقَ عليهم، فما همُ إلا أدواتٌ سيتخلَّى عنها العدوُّ حين تُصبِحُ رديئةً، فيما شعوبُهم أجدى بالحياة وأحقُّ أن تغيّرَهم بعد أن تعيَ أنهم لم يبيعوا اليمنيين والسوريين والعراقيين والفلسطينيين والليبيين فقط، بل باعوا كُلَّ إنسانٍ وشِبرٍ، وتآمروا على كُلّ حُـر، وكل صديقٍ في هذا العالم.