استراتيجيةُ الله
مالك المداني
الشريطُ الحدوديُّ يشتعِلُ بالكامل وانهياراتٌ كُبرى في صفوف العدو…!
نحن نشهدُ تأسيسَ مدرسة عسكرية هي الأولى من نوعها في هذا العصر.
إن أيَّ خبير عسكري متابع للحرب اليمنية وسياق أحداثها يدرك تماماً أن ما يقوم به الجيش اليمني ولجانه الشعبية من انجازات متلاحقة، ظاهرةٌ غيرُ طبيعية وخارجةٌ عن المألوف، كسرت قواعدَ الحرب المعروفة وغيّرت نتائجَ معطيات ثابتة بُنَيَت عليها كُلّ العلوم العسكرية التي تدرَّسُ وتعلَّمُ في مختلف أكاديميات العالم الحربية!
وَأجزم يقيناً أن الخبراء وجنرالات الحرب الحقيقيين لا يتابعون هذه الحربَ بُغية بناء التحليلات والتوقّعات وشرح الأحداث، كما جرت العادة!
إنما لدراستها ومعرفة السِّرِّ الخفي وراء فشل استراتيجياتهم وأسلحتهم بشتى أنواعها، لهذا نراهم يلصقون سبَبَ الفشل والهزيمة كُلَّ مرة بالجيش السعوديّ، الذي لطالما نعتوه بالضعيفِ والعاجز وَغير الكفوء، وفي المقابل نراهم يمتدحون ما يمتلكُه من أسلحة وعتاد يصفونها بالأقوى والأفتك على الإطلاق!
هذا القَــدْحُ والبطحُ لجيش المهلكة، والمَدْحُ والتلميعُ لترسانته التسليحية من قِبَل جنرالات الدول الكبرى، إذَا دل على شيء، فإنَّه يدُلُّ على أن دول الاستكبار أمام ورطة، إن لم يكن مأزقاً حقيقياً قد يقلِبُ الطاولةَ ويُعيدُ بناءَ سياسة عالمية جديدة تحل محلَّ سياستهم البالية التي ظلوا يرسُمونها على مدى عقود من الزمن وانطلت على أغلب دول العالم!
هم يدركون تماما أن الجيش السعوديّ جيش مدرب وقوي وما يمتلكه من سلاح لو وضع بيد عجوز لحقق لها النصر وفق حساباتهم وقواعدهم التي كسرت خلال العامين المنصرمين،
هم يعلمون تماماً أن اليمنيين تفوّقوا على الجيوش المدربة وهزموا الأسلحة النوعية ووضعوا معادلةً جديدةً لا زالوا في صَدَد ِحَلِّها!
ولكنهم لو اعترفوا بهذه الحقيقة المُرة، فهذا يعني ضياعَ قواعدَ أسّسوها منذُ عقود وخططٍ واستراتيجياتٍ لا زالت تُدَرَّسُ إلى اليوم، وهيبة وسُمعة سيطروا من خلالها على أغلب دول العالم التي ترسخ في ذهن جيوشِها ‘قوانين الحرب الأَمريكية’ وفاعلية أسلحتها!
في الحقيقة أن اعترافاً كهذا كفيلٌ بأن يغلِقَ سوقَ السلاح العالمي الذي تتبنَّى جانبَه الهجومي الولاياتُ المتحدةُ وجانبَه الدفاعيَّ روسيا العظمى!
اقتصادُ دول عظمى في خطر وسياساتٌ وقواعدُ حكم على المحك! لم تعد المسألة مزحةً خليجي ثري.
يمكنُكم القولُ إننا حقلُ تجارب عالمي، طال مكوثُنا فيه لعجزهم عن اكتشاف طريقة ما يغلبوننا بها وتحفظ سُمعة أسلحتهم ‘ويدرّسونها في أكَاديمياتهم العسكرية’ لاحقاً.
ونحن على استعدادٍ أن نمكُثَ فيه حتى يستنزفوا ما في جُعبتهم، ويؤمنوا بالله ناصرِ المستضعفين.