اندلاعُ اشتباكات عنيفة تدشيناً لمرحلة جديدة من صراع النفوذ بين المرتزقة في عدن
المرتزق بن دغر يهدّد “المجلس الجنوبي” عسكرياً، والأخير يرد: حكومتك فاشلة وكاذبة
صدى المسيرة| عدن:
سقط عددٌ من الجرحى، مساء أمس الأربعاء، باندلاع اشتباكات في مدينة عدن، بين عناصر ألوية تابعة للفار هادي وعناصر مرتزقة الحزام الأمني التابع للاحتلال الإماراتي، بعد أيام من التوتر والاحتقان بين تيارات المرتزقة الذين تبادلوا التهديدات بتفجير الأوضاع.
وإلى لحظة كتابة الخبر، أفادت مصادر إعلامية بسقوط 7 جرحى، بينهم اثنان جراحهما خطيرة في اشتباكات بين مرتزقة ما يسمى “الحرس الرئاسي” ومرتزقة ما يسمى “الحزام الأمني” ضمن الصراع السعودي الإماراتي.
وأشارت المصادر إلى أن الاشتباكات وقعت في محيط ملعب 22 مايو وأدت لقيام كُلّ فصيل من المرتزقة بإغلاق الطرقات وسط توقعات بتطور الاشتباكات خصوصاً بعد تبادل التهديدات بالمواجهة المسلحة.
وتصاعدت أزمةُ صراع النفوذ السياسي بين مختلف أطراف المرتزقة في الجنوب عقب قرارات الفار هادي الأخيرة، والتي قضت بعزل محافظي حضرموت وشبوة وسقطرى المقربين من الاحتلال الإماراتي، وهي القراراتُ التي دفعت ما يسمى “المجلس الانتقالي الجنوبي” لرفضها، والتلميح بتصعيد مسلح قادم ضدها حسب تصريحات مبهمة للمرتزق “هاني بن بريك” نائب رئيس المجلس على حسابه في تويتر.
وفي تأكيدٍ على وجود ذلك التصعيد، كتب رئيس وزراء حكومة المرتزقة، أحمد عبيد بن دغر، يوم الثلاثاء الفائت مقالاً أوصل عبره عدةَ رسائلَ تهديدية لمرتزقة “المجلس الانتقالي” عبر فيه عن حقيقة الدور الذي يقوم به تحالف العدوان في اليمن من خلال استخدام “الشرعية” كذريعة لتحقيق مكاسبه فقط.
المقال الذي كتبه الفار بن دغر بعنوان “حافظوا على عَبدربه أَوْ أبشروا بعبدِالملك”، بيّن بوضوح أن “الصفقة” القائمة بين كُلّ المرتزقة وتحالف العدوان هي تحقيق المصالح الخَاصَّــة بدول العدوان، أولاً وأخيراً، وأن أكذوبةَ “شرعية هادي” أَوْ حتى “القضية الجنوبية” لا تقعُ حتى على هامش أَهْدَاف دول العدوان.
“تمهلوا حتى يحقّق التحالف والشرعية الأَهْدَاف المتوخاة من العاصفة أَوْ أبشروا بعبدِالملك”.. “كلما حاولتم النيل من الرئيس المنتخَب كلما مهّدتم الطريق لعودة الحوثيين وصالح.. ها هُم على بُعد مائة وخمسين كيلو من عدن وهم أيضاً لا زالت لديهم القدرة على خوض المعركة”، هكذا طرحها المرتزق بن دغر لخصومه في المجلس الانتقالي “على بلاطة” كما يقال، فإما أن يسكتوا حتى تحقيق مصالح دول العدوان، وإلا فلا شرعية ولا يحزنون، مذكراً إياهم بأن خروجَ الجيش واللجان الشعبية من عدن لم يكن بفضل انتصار عسكري لهم.
وقد حرص المرتزق بن دغر في ما كتبه على أن إثبات التهديد في أكثر من موقف، ومرة أخرى وهو يتحدث عن صراع النفوذ في عدن يقول “نعم صراع نفوذ، جولة جديدة من الصراع الغبي يجري التحضيرُ لها، فإما أن تساعدوا على لجمها وإما أن تكونوا أداتَها وحطبها وضحيتها. لا يلقي بيده للهلاك إلا جاهل، ولا يسكب الزيت على النار إلا من فقد عقله”.
يبدو فعلاً أنها جولة جديدة ولكنها مختلفة من وجهة نظر السعودية، خَاصَّــةً بعد تصعيدها الأخير ضد النفوذ الإماراتي بواسطة قرارات الفار هادي، وبمراقبة ردود فعل مرتزقة الإمارات على تلك القرارات يبدو أن هناك ما يوحي بدعم إماراتي للتصعيد، وعلى أية حال فكل الخيارات متاحة، ولكن ما يؤكده مقال بن دغر هو أن السعوديةَ بات لديها سياسة جديدة في مواجَهة التصعيدات الإماراتية، وقد تتضمَّنُ تحركات عسكرية.
الخيار الوحيد الذي تركه المرتزق بن دغر أمام مرتزقة المجلس الانتقالي هو الدخولُ في الطاعة باسم “الشراكة”، ونسيان كُلّ ما يفكرون به وفي المقدمة “قضيتهم الجنوبية”، وعلى أية حال هذا هو الخيارُ الوحيدُ المتاحُ بالفعل أمام كُلّ المرتزقة في اليمن، وهذه هي سياسةُ العدوان الواضحة منذ البداية في السعي نحو مصالحه.
يُذْكَرُ أن ما يسمّى المجلس الجنوبي كان قد دعا إلى تظاهرة يوم الجمعة القادمة، وهو ما حذّر منه المرتزق بن دغر فيما كتبه، قائلاً إن تلك محاولة للاستفزاز، وذلك يؤكّد وجود نية لدى الجانب السعودي في مواجهة أيّ تصعيد بطرق حاسمة.
لكن مرتزقة المجلس الجنوبي لم يسكتوا على تهديدات بن دغر، ونشروا يوم أمس الأربعاء رد مكتبهم الإعلامي، بلهجة لا مبالاة، وباتهامات واضحة لبن دغر وحكومته بالكذب والفشل.
وفيما كان بن دغر يطلق تهديداته ويحذر من عرقلة تحقيق مصالح تحالف العدوان، حاول رَدُّ المجلس الجنوبي أن يُظهِرَ المشكلة على أنها بين المجلس وحكومة المرتزقة وأن دول العدوان قادرةٌ على حماية مصالحها، وهو أمر مثير للسخرية لا يمكن تجاهله، أن يهاجم بن دغر والمجلس الجنوبي بعضهما بلهجة حاسمة ويتفقان على نقطة واحدة هي مصالح دول العدوان.. كما لو أن المسألة سباقٌ على مَن يُظهِرُ إخلاصه في الارتزاق.
على أية حال، يبدو أن المرحلةَ القادمةَ من صراع النفوذ بين المرتزقة في عدن ستحملُ شكلاً جديداً من أشكال التصعيد، أَوْ على الأقل سيكونُ أمام مرتزقة المجلس الجنوبي اختباراً صعباً في خدمة النفوذ الإماراتي بعد أن قامت السعودية بتقليصه نوعاً ما.