الوصول إلى الموصل: الخارج أرادها طائفيةً لضرب العزيمة.. والوحدة سر الانتصار العراقي
المسيرة| محمد الباشا:
بات واضحاً، أن دَحْــرَ التنظيم الإجْرَامي من الموصل التي كانت تعد أهمّ معاقله وعاصمةً لدولته المزعومة، بل ومن أغلب مناطق تواجده في العراق، لا يرتبط فقط بمصير العراق وشعبه وإنما يرتبط بمصير الأُمَّـة وشعوب المنطقة، رغم أن بعض القوى التي أغاضها استئصالُ داعش وكان لها دورٌ أَوْ ارتباطٌ عقائدي وفكري بالتنظيم منذ نشأته على أيدي تلك القوى، حاولت أن تشكك فيه.. وهذا ما أكده الأمينُ العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، رداً على من حاولوا أن يسوّقوا بأنّ دحر داعش من أهمّ معاقله وهو “الموصل” مبالغٌ فيه، حين قال: إن الانتصارَ الذي حققته القوات العراقية في الموصل بوجه تنظيم داعش وَهو “انتصارٌ عظيمٌ وكبير جداً ولو قلّل البعض من أهميّته”.
إذن العراقيون حسموا خيارَهم في المواجهة، كما قال السيد نصر الله في خطاب متلفز، ألقاه مساءَ الثلاثاء، إذ “لم ينتظروا لا جامعة دول عربية ولا رؤساء دول عربية ولا منظمة المؤتمر الإسْلَامي ولا أي أحد بل توكّلوا على الله وراهنوا على إرادتهم وتوحدوا حول هذا الخيار وطنياً”.
وفيما شاب الأحداث التي شهدتها العراق ضد التنظيم الذي ظهر جلياً أن ثمّة قوى نافذةً إقليمياً ودولياً تقفُ وراء نشأته وتمويله، ومما قامت به في سبيل عدم إنهائه أنها سعت إلى تقديم الصراع في العراق على أنه سُنّي – شيعي، في محاولة منها للحد من اندفاعة الجيش العراقي والحشد الشعبي للقضاء على داعش، لكن مساعيَها مُنِيت بالفشل الذريع، وهو ما تطرق إليه سيدُ المقاومة في خطابه، جازماً بأنّ ما عطّل الفتنة في هذا البلد هو الموقف الشجاع للعلماء السنّة.. مضيفاً “نسجّل للقيادات السنية في العراق موقفهم الاستثنائي من الحرب مع داعش”.
وفي سياق الحدث الأبرز في العالم راهناً، وكشفاً لسر الانتصار العراقي المدوّي، أوضح السيد حسن أن الحشد الشعبي هو حشد وطني، وكذلك لقد قاتلت العشائر إلى جانب القوات العراقية، معتبراً أن تحمّلَ الشعب العراقي بالإضَافَة إلى الاحتضان الشعبي والصبر خلال ثلاث سنوات من القتال الدامي هو عامل مهم في الانتصار وكذلك عدم الاصغاء إلى الخارج الذي كان دورُه تثبيط العزيمة”.
وهكذا كان حلفُ أمريكا وهكذا –رغم مضي سنوات على تشكيله- ظهر واهناً،أو تعمَّد أن يكون كذلك، لم يكن له أثرٌ في القضاء على داعش أَوْ حتى الحد منها، بل كانت له اقترافاتٌ إجْرَامية بحق المدنيين في العراق وسوريا، وهذا ما اعترفوا به مؤخّراً، وفي هذا الجانب لفت السيدُ نصر الله إلى أن الأميركيين في البداية شاهدوا المعارك وقالوا إنهم سيقدمون المساعدة وبعضهم قال إن المعركة تحتاج إلى 30 سنة، موضحاً أن البعضَ الآن يريد أن يظهر أن الانتصار الذي حصل هو بفضل الأميركي، مؤكداً أن هذا غير صحيح؛ لأنه يضرب ما قام به العراقيون، وأشار إلى أن الانتصار في المواصل له عوامله التي يجب أن يتمسك بها الشعب العراقي وعلى رأسها وَحدتهم وتلبية نداء المرجعية وتقديم التضحية.
وقال نصر الله “مَن يعلم إمكانيات داعش كان يعمل أن هزيمة التنظيم لا تحتاج إلى سنوات طويلة إذا توافرت الإرادة الداخلية والخارجية لتحقيق ذلك، على خلاف حديث واشنطن عن أن هزيمة داعش تحتاج لـ 30 عاماً”، معتبراً أنّ هذا الكلام يكشف المُخَطّطات الأميركية.
الفتوى التي حصلت على تأييد علماء الدين السنّة والشيعة كانت “المفصلَ الحاسمَ للانتصارات الكبرى التي تحققت في العراق، دورها كبير في أنها أنهت الحيرة بين العراقيين، وعدّها أمين حزب الله بأنها “حدّدت هوية العدو والتهديد الذي يجب أن يواجهه العراقيون، وَحسمت شكل المواجهة بعيداً عن المفاوضات والرهانات وأعطت زخماً كبيراً للقوات العراقية”.
كما لفت إلى أنه يسجّل لعلماء السنة في العراق وقيادات سنية مواقفها المشرفة في هذه المواجهة بعد أن حاول البعض أن يظهر هذه الحرب بين السنة والشيعة من أجل الفتنة والتي عطلها هو الموقف الصادق والشجاع لعلماء السنة والقيادات السنية.
وفي وقت أَكّد الأمين العام لحزب الله فيه أن الاحتضان الشعبي للقوات المسلحة العراقية كان عاملاً مهماً في الانتصار، بالإضَافَة إلى عدم الإصغاء للخارج والرهان عليه، شدد نصر الله على أنّ “الخارج كان يعمل على ضرب عزيمة العراقيين، بينما همّ بحاجة إلى الوحدة لمحاربة داعش”.
وإذّ رأى سيد المقاومة اللبنانية، أنه يجب أن يشعر الجميع في العراق وخارجه أن النصر في الموصل هو نصره، قرأ -دقيقاً وبُعداً استراتيجياً- “تحرير الموصل خطوة متقدمة جداً نحو هزيمة مشروع داعش”.
واعتبر أن انتصارَ القوات العراقية في الموصل هو دفاعٌ عن كُلّ الشعوب العربية والإسْلَامية، داعياً العراقيين لأن تبقى أولويّتهم تطهير بقية أرضهم من وجود داعش، محذّراً من أن “هناك من سيحاول إشغال العراقيين عن هذه المهمة”.
وفيما يتصل بالأنشطة الإجْرَامية لذات التنظيم في لبنان، لفت السيد نصر الله إلى أنه آن الأوان للانتهاء من هذا التهديد الخطير في الجرود والفرصة متاحة، وأكد أن أمام هذه الجماعات بعض الوقت القليل من أجل التوصل لتسويات معينة.
وختم الأمين العام لحزب الله خطابه بالقول: “آمل أن يتم استغلال الفرصة المتاحة والا فنحن أمام الكلام الأخير والوضع الأخير الذي يجب أن نصل إليه ولا يبقى حينئذ أي وجود مسلح على الأراضي اللبنانية وعندها يمكن للدولة اللبنانية أن تبسط سيطرتها على الأراضي اللبنانية”.
وشدّد نصر الله على أنّ “الموجودين في جرود عرسال يشكّلون تهديداً للقرى اللبنانية، وآن الأوان للانتهاء من هذا التهديد”، وإذّ أَكّد أن هناك إرهابيين ومُخَطّطين لعمليات إرهابية في عرسال وهذا بات يحتاج حلاً، أردف بالقول: “هذه المرة الأخيرة التي أتحدث فيها عن مسلّحين في جرود عرسال”.