حبيبُ الكعبة وعدوُّ البيت الأبيض
زيد البعوة
بعد أن تضعَ الحربُ أوزارَها وبعد أن يجُرَّ العدوان أذيالَ الهزيمة ستحكي المواقعُ العسكريةُ قصتَها مع القائد وتروي المتارس الأمامية مَن الذي زارها ذات يوم عصيب وطائرات العدوان تحومُ فوق رأسه وسوف تحكي لنا ميادينُ المعارك الحامية الوطيس كيف كانت قدَمُه ثابتة وضرباته منكّلة، وسوف يتكلم قائد تلك الجبهة عن الزيارة المفاجئة ويتحدث أحد المجاهدين عن مَن هو ذلك الزائر الذي لم يذهب ليلتقطَ صورة تذكارية، بل ذهب ليُلقيَ نظرةً عن كثب على اصطفاف العدو ويشمّر عن ساعديه ليشارك رجالَ الله في معركة الكرامة.
سوف توثق الكاميرات الانتصارات التي تحققت على يديه ويزورُ الناسُ قممَ الجبال وسواحل البحار وظهور الصحاري ويسمعون حديثاً مفاده لقد كان هنا..
أبو جبريل عَبدالملك الذي يصلُ نسبُهُ إلى الكرار ابن أبي طالب قائد أَنْصَار الله وقاهر أَعْدَاء الله ومعجزة آخر الزمان، الإنْسَان الأَكْثَر جَدَلاً والمؤمن الأعلى مثَلاً والقائد الذي أعاد للشجاعة والرجولة هيبتها في زمن الذل والانبطاح والعمالة والارتزاق.
ابن بدر الهدى والدين وشقيق الحسين الذي أحيا ثقافة القُـرْآن في عصر الظلمات وبذر في الأَروَاح ثقافة الجهاد والاستشهاد والتضحيات في زمن الصمت والحياد والهوان.. عَبدالملك وليس عبداً لأحد من الملوك المملوكين الذين عبّدوا أنفسهم للشيطان واليهود والنصارى.. عَبدالملك الذي حبه زكاءٌ للنفوس وبغضُه دنَسٌ ونفاق وفساد.. عَبدالملك الشاب الذي أنجبته أمه فكانت ولادته بمثابة ولادة موسى في زمن فرعون وولادة عيسى في عصر كهنة اليهود ورهبان النصارى، فكان ولا يزال قائد المتغيرات والتحولات، تباركه يد غيبية في الأرض وروح قدسية في السماء تحبه الكعبة الشريفة وتتمنى عناقة ذات يوم في ركنه اليماني وتشتاط غضباً وغيضاً لسماعه جدران البيت الأبيض ومن يسكنها.
في ميدان الحرب لسيفه ضربات منكلة ولبندقيته رصاصٌ لا تُخطِئُ هدفها، شجاعٌ مقدامٌ لو لقيه ابن العاص اليوم لخلع نعليه وملابسه كلها وهرب إلى المجهول، ولو قدر لسلمان وترامب ونتنياهو ملاقاته ذات يوم في ميدان حرب لمَاتوا من الخوف قبل أن يستلَّ سيفَه من غمده.
وفي محراب العبادة اجتمع في داخله مناجاةُ سيد الساجدين وبكاءُ سيد الوصيين وإيْمَانُ محمد وثقةُ موسى وتصديق إبراهيم، ولو عاد كميل بن زياد من جديد لروى عنه مؤلفاتٍ من الأدعية والمناجاة.
وفي منبر الخطابة تكاد كُلُّ خطبة يُلقيها أن تمزقَ الخلايا السمعية لأَعْدَاء الله في مختلف أصقاع الأرض، وفي كُلّ كلمة أَوْ خطاب يلقيه تكاد قلوب المؤمنين تخرُجُ من بين صدورهم لتعانقَ جبينه الطاهر من شدة التأثير الذي يُحدِثُه في داخلها، يخاطب القلوب والعقول والأَروَاح والنفوس فيقتحمها بشكل مباشر ويؤثر فيها ويستطيع بفضل الله وبفضل الصدق الذي في داخله أن يغيّرها من الأسوأ إلى الأفضل..
هو وحدَه بحد ذاته بشحمه ولحمة بكلماته الرنانة وخُطَبِه البليغة بصورته البهية وطلعته المشرقة بتعبه وسهره وحُزنه وألمه وفرحته واستبشاره باسمه ولقبه، بموقعه ومكانته بحكمته وقيادته بكل الأسماء والصفات التي يحملُها ويتصف بها يعتبر عقبةً كؤوداً على أَعْدَاء الله وطواغيت الكون كلهم من العجم والعرب.
في كُلّ ميدان له صولات وجولات في ميدان الحرب لا تذهب بعيداً حين تسأل عن معاركه وشجاعته، فكل يوم في حياته معركة وكل ليلة في زمانه غزوة.
وفي كُلّ معركة وغزوة النصر يرافقُه وتأييدُ الله لا يفارقه له بأس شديد على أَعْدَاء الله، وفي داخله رحمة واسعة مع أولياء الله, هو ذلك الشاب التقي الطاهر الذي جعل من حياته كلها جهَاداً في سبيل الله والمستضعفين من عباده.. مدرسة متكاملة تلقى فيها كُلّ ما تريد في مختلف الجوانب العسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية والاجتماعية والثقافية والإيْمَان والحكمة والقيادة و… إلخ، تعشق الأقلام والحروفُ والأسماع حروفَ اسمه وتحبُّه الملائكة إلى درجة أنهم على علاقة ليس لها حدود معه في قلوب الملايين على مستوى اليمن والخارج له نبضات خَاصَّـة وفي كُلّ روح تهيم بحبه، له لمسات فريدة وفي كُلّ موقف وتأريخ وزمان ومكان يبقى هو الحاضر الذي لا يغيب عن الاذهان..
في صفين كان يمشي جدُّه بين صفوف المقاتلين يتكلم معهم ويحرّضهم على القتال ويُلقي عليهم المواعظ البليغة، ها هو حفيده عَبدالملك يفعل نفس الشيء، يغطي رأسه الشريف بقطعة شال عادية، لكنها لا تقل أهميّة عن عمامة جده المصطفى ويلبس جعبة مملؤة بالرصاص ما اشبهها بجعبة حمزة بن عَبدالمطلب في غزوة بدر وسلاح الكلاشنكوف المعلق في كتفه فيه بأس من ذي فقار علي اما المعطف الذي يلبسه فهو بقية من كساء آل محمد يمشي واثقاً بربه وواثقاً من نفسه يصولُ ويجولُ في كُلّ ميدان ومعركة في الدورات التدريبية يشرف عليها بنفسه وفي المعارك الضروس يلبس لامةَ حربه ويتقدم كالأسد الهصور إلى المواقع العسكرية في الصفوف الأمامية من جبهة إلى أُخْــرَى.. قائدٌ عسكريٌّ خلقه الله على هذا الأَسَاس، فمن القُـرْآن شرب معنى الجهاد ومن علي وحمزة والحسين وزيد ورث الإقدام والشجاعة والتضحية، ومن خلال الصراعات والحروب التي رافقته منذ سن المراهقة إلى اليوم أَصْبَح الجهاد بالنسبةِ له جزءً من حياته اليومية خبرة وتكتيكاً وحكمةً وتخطيطاً وشجاعة وإقداماً وثباتاً وانتصاراً.
في عالم السياسة هو الرائد الأول والحائز على شهادة الامتياز تتمتعُ سياسته بالصدق مع الصديق والعدو، وفي ميادين وساحة الثورة هو الثائرُ الذي لا تصمت حنجرتُهُ ولا يفتر عزمُه ولا تنطفئ شعلة الثورة في يمينه وفي وقت السلم والسلام يتجسّد فيه قول الله لهم دار السلام وقوله سلام قولاً من رب رحيم.
حين تنظُرُ إلى وجهه ترى الابتسامةَ العميقةَ لا تفارق شفتيه، يسأل عن الفقراء والمحتاجين وأسر الشهداء والأسرى والجرحى، وينفق عليهم مما أعطاه الله، ويحترم الصغير والكبير والغني والفقير ويقلق سكينة المجرمين ويقض مضاجعهم، بمجرد سماع ذكر اسمه أَوْ مشاهدة صورته يخافونه خوفاً تتمزق منه نياط قلوبهم وهم لا يعرفون حتى مكانه منحه الله الهيبة والوقار والعزة والإكبار والكرامة وعقبى الدار.. إنه سيد المجاهدين في يمن الإيْمَان والحكمة عَبدالملك بدر الدين الحوثي.