مناقبُ من تأريخ الشهيد المغيّب عن الأمة
محمد بن طعيمان الجهمي
كان يشاهِدُ الأخبارَ العربية على إحدى القنوات التلفزيونية، وظهر أمامَه أحدُ القادة العراقيين، وهو يتحدَّثُ عن نجاته من مُحاولة اغتيال بعربة مفخخة ويصف الجريمة بالعمل الإرْهَابي. وكان ضمن حديثه توجيه الاتهام للتكفيريين والقاعدة بأشدِّ عبارات الإدانة. فقام السيد حسين بإغلاق التلفاز وقال لمن حوله معلقاً على كلام المتحدث القيادي العراقي: (لقد قتل نفسه بتوجيه الاتهام للمسلمين) دون ذكر القاتل الحقيقي اليهودي الأمريكي الإرْهَابي… إلخ.
وفي اليوم التالي، تحققت فراسة الشهيد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله – وأعلنت القناه خبر اغتيال القيادي العراقي نفسه الذي كان يتحدث بالأمس عن النجاة من المحاولة الأولى، بعد انتهاز العدو فرصة الاتهام للوقيعة بأيدي الفتنة.
– ولقد عرف الشهيد رحمه الله أن الهدفَ من الإرْهَاب هو ابتغاء الفتنة بين المسلمين وإغراق المسلمين في دماء الفتنة والثأر والانتقام والتعصب المذهبي، وهنا تجلت في القائد الشهيد فراسة القيادة والبُعد الفقهي والسياسي وفطنة وذكاء المؤمن العالم المؤهل للمرحلة ومواجهة المؤامرة.
فدشن شعار الصرخة: الموت لأمريكا وإسرائيل واللعنة على اليهود والنصر للإسْلَام، كخارطة طريق للمسلمين للوصول إلى العدو الحقيقي للأمة بغض النظر عن أَدَوَات التنفيذ والتطرف.
– كم كنت كبير أيها الشهيد وكم هي الخسارة الفادحة برحيلك وكم هي المهمة الصعبة التي تركتها لمَن بعدك لخير سلَف بخير خلَف، العلم القائد المجاهد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله ومَن معه على خُطَى المسيرة.
لقد كان هذا الموقف بحد ذاته تأريخاً مغيباً عن أمة المذهبية المضادة للبُعد الفكري والفقهي والقيادي للشهيد القَائد والذي كان يذودُ عن حياض المسلمين حياً ويواجه عدوهم بمفرده وهم يناصبونه العداء حياً ويفتون في عَضُدِ منهجه الحي ميتاً.
ورغم كبر حجم التكالب على أتباعه والحرب والعدوان على اليمن ممن لم يفيقوا من غيهم وغمرتهم حتى أوصلهم العناد حد القتال اليوم إلى جناب أَعْدَاء الشعار والصرخة من اليهود والنصارى والمنافقين شركاء الإرْهَاب.
– وبالعودة إلى الموقف وتلك الروح التي عابت على الضحية العراقي توجيه الاتهام لخصوم مذهب الشهيد بدلاً عن اتهام العقل اليهودي المموّل المدبر وأمريكا التي وصفها الشهيد بصناعة القاعدة بالتطرف ابتغاءَ الفتنة بين المسلمين، مستغلة تلك التهم الموجهة لأَدَوَاتها بقتل العراقي وغيره من الضحايا على حساب الإسْلَامِ وفاتورة المسلمين على غرار فتنة قميص عثمان ودمه.
– في المقابل، لم نجد منذ ذلك الوقت من دُعاةِ المذهبية المغاير وتطرفها أي موقف عقلاني يوازي هذه الروح القيادية التي جسّدها الشهيد في حياته ومنهجه بكشف الحقائق.
– وكان الأحرى بالمسلمين أن يستلهموا فكرة الصرخة والشعار من القُـرْآن الذي يتلونه ليل نهار؛ لإدراك صحيح مسار الصرخة بمعرفة ومحاربة العدو المشترك للأُمة بغض النظر عن اختلاف فروع مذاهبها.
– حقاً لقد نجح هذا القائد الإسْلَامي في تحديد الهدف الذي أصاب امة الإسْلَامية ودينها في مقتل وحمله مسئولية كُلّ قطرة دم تقطر من خنجرها جراء طعناتها لجسدها خدمة لعدوها الممول المدبر.
ذلك النجاح المنجز بحياة الشهيد يقابله إخفاق وفشل لغثاء المسلمين في تحديد العدو وإعْلَان الحرب الموازي عليه، بل لا زالت أداة بيد عدوها لتشويه دينها أَمَـام العالم أجمع للأسف..
– وعليه.. نهيب بالقارئ الكريم أن يقارِنَ الموقف وذلك الحال والهمة بالضعف لمعرفة الفرق بين أَدَوَات العدو بالمذلة وبين من يقف شامخاً بوجه العدو بكل عزة وشموخ واستشهاد، ويمثل الحق ضد الباطل، وكفى بموقف الشهيد منهجاً وقيادةً ومَن سار على دربه وخير مثالٍ وقدوةٍ وقيادة للحق ومسيرته هو العلَم القَائد السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ومن حوله الأنصار ورجال القبائل أولو قوة وبأس شديد.